البيولوجيا والتطوّر > علم الأعصاب

بعد تطعيم ذيولها بالعيون؛ تستردُّ الضفادع العمياء شيئًا من بصرها!

يُعدُّ عدم امتداد الأعصاب إلى الأعضاء الجديدة المزروعة (أي تعصيبها) وتكاملها مع الجسم المضيف من أهمِّ العوائق أمام تطبيقات الطب التجديدي، وخصوصًا الأعضاء الحسية التي تحتاج إلى مثل هذه الروابط العصبية لتكون قادرة على نقل معلومات السمع والبصر واللمس؛ ولهذا السبب سعى مجموعة من الباحثين إلى فهمٍ أفضل للكيفية التي تتكامل فيها الأعصاب الوليدة والجديدة للهياكل المُعادة تنميتها أو زرعها في أجسام الكائنات المضيفة.

في البداية؛ ومُحاولةً لتحديد طرائق زيادة التعصيب؛ طعَّم الباحثون ذيولَ بعض الشراغف العمياء بعيون، ثم أعطوا هذه الحيوانات وعالجوها بعقار يدعى Zolmitriptan ليُنشِّط مستقبلات السيروتونين 1B و1D (5-HT1B/D) المسؤولة عن التطور والتنمية العصبية؛ وكانت النتيجة زيادة كبيرة في تعصيب الجزء المُطعَّم من الذيل دون حدوث أية تغييرات أو أضرار في جهاز الشرغوف العصبي الأصلي.

انتقل الباحثون بعد ذلك إلى اختبار قدرة هذه الضفادع الصغيرة على تمييز اللون؛ فأنشؤوا اختبارًا تُثبَّط فيه الشراغف عن سكن مساحة حمراء وتحفيزها لسكن واحدة ذات لون أزرق، فاستطاعت 76% من الشراغف المُبصرة و3% من العمياء اجتياز الاختبار، وانقسمت الشراغف العمياء المُطعَّمة ذيولها بالعيون إلى مجموعتين: الأولى لم تُعالَج بعقار الناقل العصبي فاجتاز 11% منها الاختبار. والثانية عُولِجت بالـ 5-HT1B/D فأظهرت زيادةً في التعصيب واستطاع 29% منها اجتياز الاختبار.

وأخيرًا؛ فقد أراد الباحثون أيضًا -إضافة إلى اختبار تمييز الألوان- اختبارَ مدى قدرة رؤية الشراغف على تشكيل صور حقيقة؛ وذلك عن طريق قياس قدرتها على تتبُّع أنماطٍ بصريةٍ تدور في كلٍّ من اتجاه عقارب الساعة واتجاه عكس عقارب الساعة. فوضعوا أطباق الشراغف فوق شاشة LCD تَعرض أنماطًا حركية تلتفُّ وتدور قليلًا في كل ثانية لمجموعات من الأشكال المثلَّثة؛ وكانت النتيجة هي اتباع 80% من الشراغف المبصرة للنمط مقارنة بـ 38% من الشراغف العمياء و32% من الشراغف المُطعَّمة بعيون وغير المعالجة بالناقل العصبي. أما تلك الشراغف المطعمه بالعيون وامتلكت امتدادًا عصبيًّا ناتجًا عن تحفيز الـ 5-HT1B/D؛ فكان 57% منها قادرًا على اتباع الأنماط الدورية.

ومن الجدير بالذكر أنَّ عقار الناقل العصبي هذا يُستخدم حاليًّا لعلاج الصداع النصفي عند البشر؛ ما يُوفِّر إثباتًا من حيث المبدأ عن كفاءة أمان إعادة توجيه أدوية النواقل العصبية للاستخدام في الطب التجديدي عمومًا ومداها، وزيادة التعصيب والتحكم في وظيفة الأعضاء المزروعة على وجه الخصوص. ولكي يتسنَّى للطب التجديدي المضي قُدمًا والتمكُّن من إصلاح الأنسجة ونظم الأعضاء المتضررة؛ فإننا بحاجة إلى فهم كيفية تعزيز تعصيب الأعضاء المزروعة ودمجها وتحسينهما. ففي حين أنَّ الدراسات السابقة قد اختبرت كيفية استخدام الواجهات البشرية الآلية لعلاج الصَّمَم والعمى متضمنةً زرع القوقعة والأطراف الصناعية في الشبكية؛ تبحث هذه الدراسة في لُدونة كلٍّ من المخ والجسم وقد استُخدم فيها نهجًا جديدًا لخلق النسج العصبية بهدف دمج الأنسجة والأعضاء المزروعة حيويًّا.

وهنا تكمن أهمية هذا البحث الذي يُساعد على تسليط الضوء على آلية لاستخدامٍ مختلفٍ لجزيء دوائي صغير يستخدمه البشر؛ ولكن سيُستخدم هذه المرة من أجل تعزيز امتداد الأعصاب وإنشاء الروابط العصبية بين الجهاز العصبي المركزي للمضيف والعضو المزروع. وكون العيون المُطعَّمة في هذا النظام النموذجي أصبحت قادرة على نقل المعلومات البصرية؛ إذ يُعدُّ هذا خيرُ دليل على أنَّ الجهاز العصبي المركزي يمتلك قدرةً مثيرةً على التكيف مع التغيرات في كلٍّ من الناحية الوظيفية والتوصيلية حتى عند غياب الاتصالات المباشرة مع الدماغ.

المصادر:

1- هنا

2- هنا