الهندسة والآليات > الطابعات ثلاثية الأبعاد

طباعة ثلاثية الأبعاد للمعادن

لقد تطوَّرت الطباعةُ الثلاثية الأبعاد للمواد البلاستيكية في العقد الأخير تطوّرًا كبيرًا، وتمكَّنتْ من إيجاد حلول لكثيرٍ من التحديات الهندسية التي واجهَتْها. ويمكن الاستفادة من هذه الحلول وتطبيقُها لتطوير تقنيةٍ مُشابهة ولكن باستخدام المعادن.

أكسفورد؛ الرابع من أيلول/سبتمبر 2018:

على الرغم من نضوج الطباعة الثلاثية الأبعاد في أثناء العقد الأخير واستخدامِها في العديد من الصناعات المختلفة؛ مثل صناعات المُعدَّات الطبية أو صناعات الطيران لإنتاج أيِّ جسم تقريبًا؛ لكنَّ هذه التقنية قد حُصِرت في استخدام المواد البلاستيكية.

ومؤخَّرًا استَحدثت أبحاثٌ جديدة نُشِرت في مجلة "Materials Today" مقاربةً جديدة لهذه التقنية؛ عن طريق دمْج شُعيرات مصنوعة من المعادن اللابلورية أو bulk metallic glasses (BMG) لإنتاج أجسام معدنية!

ويُشير Jan Schroers - أستاذ الهندسة الميكانيكية، وعلوم المواد بجامعة Yale وشركة Desktop Metal, Inc، في ولاية ماساتشوستس في الولايات المتحدة الأمريكية- مع زملائه إلى أنَّ الطباعة الثلاثية الأبعاد من اللّدائن الحرارية ( المواد البلاستيكية) مُتقدِّمةٌ للغاية، ولكن الطباعة الثلاثية الأبعاد للمعادن لا تزال تُواجه صعوبات كثيرة تحدُّ من فعاليتها وانتشارها؛ والسبب يكمن في أنَّ المعادن على عكس اللدائن، فهي لا توجد في حالتها الطبيعية في شكلٍ يمكن بثقه  بسهولة عادةً (حرارة انصهار المعادن عالية جداً).

يقول البروفيسور Schroers:

"لقد أثْبتنا في هذا البحث أنَّه بالإمكان استخدام العديد من المعادن اللابلورية لطباعة أجسام معدنية نظريًّا، والآن؛ نحن نعمل على جَعْل هذه الطريقة أكثر عملية، وقابلةً للاستخدام التجاريّ مثلها مثلُ الطباعة الثلاثية الأبعاد للمواد البلاستيكية."

وتكمن ميزة المعادن اللابلورية  في خواصّها عند التجمُّد؛ فعلى عكْس المعادن العادية، تمتلك المعادن اللابلورية درجةَ   حرارةِ انصهار منخفضة نسبيًا.

وعندما يُبرَّد مصهور هذه المعادن  بسرعة كبيرة فإنَّها لا تتبلور كأيِّ معدن، وإنَّما تخضع لعملية تخمُّرٍ مستمرَّة، وتُعدُّ هذه الخاصية من خصائص اللدائن البلاستيكية الفريدة، ولا توجد في المعادن.

وباستغلال هذه الخاصية؛ تمكَّن البروفيسور Schroers وفريقه من استحداث طريقة تَستخدم هذه المواد في الطباعة الثلاثية الأبعاد؛ لإنتاج أجسام معدنية صلبة وقوية في ظروف الغرفة العادية المُشابهة لظروف الطباعة باستخدام اللدائن.

تكمُن أهمية هذا العمل في كَوْنه خطوةً كبيرة للوصول إلى تقنيةٍ تجمع بين ميزتي سهولةِ طباعة المواد البلاستيكية ورخصها، ولكن لإنتاج أجسامٍ ذات صفات فلزِّية أساسية لأجل العديد من التطبيقات الهندسية.

وعلى الرغم أنَّ استخدام المعادن في الطباعة الثلاثية الأبعاد ليس بجديد - ففي السابق طُوِّرت آليةٌ لتشكيل أجسام معدنية ثلاثية الأبعاد عن طريق تسخين مسحوق معدنيّ إلى درجات حرارية عالية، ومن ثمَّ لَحْم الناتج بالشكل المرغوب- لكنَّ هذه الطريقة مُكْلفة و مُعقَّدة جدًّا؛ لأنَّها تتطلَّب طاقة كبيرة لإنتاج درجات حرارة عالية، إضافةً إلى دعائم وهياكل خاصّة لا تتشوَّه بتلك الحرارة في أثناء الطباعة.

و على العكس؛ فالطَّريقة التي انْتهجها البروفيسور Schroers وزملاؤه تستغِلُّ السلوك اللدائنيّ الفريد للمعادن اللابلورية الرخيصة والسهلة. وعلى الرغم من ذلك؛ تتمتَّع المعادن اللابلورية بقوة ومرونة عاليتَين، إضافة إلى مقاومة عالية لكلٍّ من الكسر والتآكل.

وقد ركَّز الفريق على استخدام السبيكة المصنوعة من الزركونيوم، والتيتانيوم، والنحاس، والنيكل، والبريليوم، بتركيب: Zr44Ti11Cu10Ni10Be25. وهي سبيكة معروفة الصفات ومتاحة بسهولة.

أمَّا عن الطريقة فقد استخدم الفريق أليافًا قُطرها 1 مليمتر، وطولُها 700 مم، و باستخدام 460 درجة مئوية، وقوة بثقٍ من 10 إلى 1000 نيوتن لضغْط الألياف عبر فوهة قطرها 0.5 مليمتر.

ثمَّ تُبثَق الألياف إلى شبكة فولاذية ذاتِ درجة حرارة 400 درجة مئوية. وبعد ذلك يُترك الناتج ليتبلور مدَّة يوم كامل على الأقل، قبل أن تُنفَّذ عمليةُ البثق آليًا لإنشاء الجسم المطلوب.

وعندما سُئِل البروفيسور عن الصعوبات التي تحدُّ من انتشار الطباعة باستخدام المعادن اللابلورية؛ أجاب: "لا بدَّ من أن تتوافر خاماتُ المعادن اللابلورية على نطاق تجاريّ، ويجب تطوير طريقة لَحْم الطبقات ليكون الناتج أكثر تماسُكًا و فعالية".

المصادر:

Fused filament fabrication of metallic glasses," by Michael A. Gibson, Nicholas M. Mykulowycz, Joseph Shim, Richard Fontana, Peter Schmitt, Andrew Roberts, Jittisa Ketkaew, Ling Shao, Wen Chen, Punnathat Bordeenithikasem, Jonah S. Myerberg, Ric Fulop, Matthew D. Verminski, Emanuel M. Sachs, Yet-Ming Chiang, Christopher A. Schuh, A. John Hart, and Jan Schroers (هنا). It appears in Materials Today, published by Elsevier.

هنا