الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

التسونامي!

يصادف الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) من كل عام اليوم العالمي للتوعية بمخاطر الكارثة المدمرة التي أثرت في كثير من بقاع الأرض. طبيعة تُحارب الطبيعة؛ لم يكن زلزالًا ولا هزة أرضية؛ بل موجات عنيفة تهاجم اليابسة حاملة معها تَبِعات الدمار من رسوم وأطلال.. إنها التسونامي!

في مقالنا اليوم سنترككم مع تعريف بهذه الظاهرة الطبيعية ومُسبِّباتها وكيفية تلافي أخطارها.

تُعرف التسونامي بأنها سلسلةٌ من موجات المحيط الناتجة عن الإزاحة المفاجئة في قاع البحر أو الانهيارات الأرضية أو النشاط البركاني. وقد لا يتجاوز ارتفاع موجة التسونامي بضعة سنتيمترات في المحيطات العميقة. ويمكن أن تصل موجة التسونامي الشاطئ بهدوء أو يزداد ارتفاعها لتصبح جداراً مُتحركاً سريعاً من المياه المضطربة بارتفاع عدة أمتار، وعلى الرغم من أنه لا يمكن منع حدوث التسونامي؛ ولكن يمكن تخفيف آثارها عن طريق الاستعداد المُجتمعي والتحذيرات في الوقت المناسب والاستجابة الفعَّالة.

التحذيرات:

بما أنَّ إمكانية التنبؤ بالأحداث المستقبلية للتسونامي غير ممكنة سوى عن طريق تنبُّؤات إحصائية تستند إلى سجلات الأحداث السابقة؛ فقد ذهب الكثيرُ إلى العمل على معرفة كيفية التصرُّف في التسونامي وما تُحدثه من آثار.

فعلى الرغم من قوة موجة التسونامي التي تسير بسرعة طائرة تجارية (قرابة 640-960 كم/سا)؛ ولكن يُمنح الأشخاص بعضَ الوقت للاستجابة والاستعداد إذا قُدِّمت تحذيرات كافية وفورية للحدث الذي ُيولِّد التسونامي، ويعتمد هذا بوضوحٍ على مدى خروج الناس من مركز الزلزال إضافة إلى أجهزة مراقبة زلزالية تُنشَر في الأرض؛ والتي تتألف من عوَّامات في المحيط تكشف التغيرات في الضغط الناتج عن حركة كمية كبيرة من الماء، وتُستخدم هذه الأجهزة للكشف عن وجود التسونامي وتتبُّع اتجاه حركتها وسرعتها.

ولا يقتصر الأمر على القدرة على التنبُّؤ بكيفية تأثير التسونامي؛ إذ لا يقلُّ التأهُّب في وقت السلم أهميةً عن ذلك. ومن الضروري وجود إجراءات مناسبة للتقييم السريع لخطر حدوث التسونامي وإصدار تحذيرات فعالة وواضحة والتأكُّد من أنَّ السكان الذين يعيشون في المناطق المعرَّضة لخطر كبير من جراء التسونامي هم مُدرَّبون ومُدرِكون لكلٍّ من المخاطر والإجراءات المناسبة التي ينبغي اتخاذها في حال حدوثها. وفي هذا السياق؛ فقد نمذَج المكتبُ الأسترالي للأرصاد الجوية قرابة ألفي تسونامي بهدف إنشاء مجموعة من السيناريوهات التي تصف تأثير موجات التسونامي المُحتمل والناتجة عن زلازل مختلفة القوة والموقع، وقد أصبحت نتائج هذه السيناريوهات بمثابة دليل يُمكن لمديري الطوارئ استخدامه عند التحضير لأحداث تسونامي وإصدار التحذيرات.

ويجب أن نتذكَّر أنه على الرغم من توافر أفضل المعلومات واستراتيجيات الاستعداد الممكنة؛ ولكن لا يمكن التنبُّؤ بمفاجآت الطبيعة، ثم إنه تعتمد جميع أنظمة التحذير وإجراءات الإعداد على الكشف الدقيق والفعال عن الحدث المُسبِّب للتسونامي؛ فإذا كانت التسونامي ناجمةً عن سببٍ آخر غير الزلزال كانهيار أرضي تحت الماء؛ فمن المُرجّح ألا يكون هناك تحذير (ما لم تكن هناك مجموعة مناسبة من عوَّامات كشف التسونامي في المنطقة المجاورة).

مركز الإنذار الأسترالي المشترك للتسونامي:

تعمل عددٌ من الوكالات الحكومية الأسترالية معاً لدعم مركز الإنذار الأسترالي المشترك لتسونامي (JATWC)؛ إذ تُشرف الوكالة الأسترالية للعلوم الجيولوجية على سلسلة من أجهزة رصد الزلازل في المحيط الهندي والهادي والمحيطات الجنوبية التي تُوفِّر معلومات شبه فورية عن أحداث الزلازل، ثم يراجع النظام الآلي الأحداثَ لتحديد احتمالية حدوث التسونامي، ويُصدر خبيرٌ مُتخصِّص في علم الزلازل قراراً نهائياً ويُرسل المعلومات إلى مكتب الأرصاد الجوية في غضون 15 دقيقة من وقوع الزلزال.

يُدير مكتبُ الأرصاد الجوية مجموعةً من أجهزة قياس مستوى سطح البحر وعوَّامات لكشف تسونامي المحيط ويستخدم هذه المعلومات إلى جانب المعلومات الزلزالية من الوكالة الأسترالية للعلوم الجيولوجية بهدف تحديد السيناريو المناسب المحسوب مُسبقاً، وتقييم مخاطر التسونامي القصوى والشدَّة المُحتملة، ثم يُصدر التحذيرات المناسبة. وتستمرُّ JATWC في مراقبة الحدث لمعرفة ما إذا كان يتطور وفقاً للتنبؤ، وتحدَّث التحذيرات والنصائح حسب الضرورة.

ثم إنه تُشارك JATWC في الجهود الدولية لتوفير التحذير من التسونامي المُحتمَل في المحيط الهندي؛ إذ تُقدِّم معلومات إلى نظام الإنذار من أجل تخفيف موجات التسونامي في المحيط الهندي، ثم تُصبح السلطة الوطنية لكلِّ بلد مسؤولةً عن إصدار تحذيرات التسونامي لمواطنيها.

إرشادات:

إذا حُذِّرت من حدوث التسونامي:

• احمِ نفسَك أولاً من الزلزال وتمسَّك جيداً.

• ابحث عن منطقةٍ مرتفعةٍ تستطيع اللجوء إليها قدر الإمكان.

• كن حذراً من علامات التسونامي؛ مثل الارتفاع المُفاجئ أو تصريف مياه المحيطات.

• استمع إلى معلومات الطوارئ والتنبيهات.

• تحرَّك بمجرد رؤية أية علامة طبيعية للتسونامي أو تلقي تحذير رسمي لها.

• إذا كنت في قارب؛ اخرج إلى البحر.

ولكي تبقى آمناً بعد حدوث التسونامي:

• استمع إلى التنبيهات من السلطات المحلية للحصول على معلومات عن المناطق التي يمكن الإيواء إليها.

• تجنَّب العبور في مياه الفيضانات؛ فقد تحتوي حُطاماً أو قد تكون أعمق مما تبدو عليه.

• كن حذراً من خطر الصدمات الكهربائية؛ إذ يمكن أن تشحن خطوطُ الكهرباء تحت الأرضية أو المنهارة المياهَ كهربائياً، ولا تلمس المعدَّات الكهربائية إذا كانت رطبة أو إذا كنت واقفاً في الماء.

• ابتعد عن المباني والطرق والجسور المُتضرِّرة.

• وثِّق الممتلكات الخاصة المُتضرِّرة بالصور، واتصل بشركة التأمين للحصول على المساعدة.

• استخدم مكالمات الطوارئ الهاتفية؛ إذ غالباً ما تكون أنظمة الهاتف مُعطَّلة أو مشغولة بعد وقوع الكارثة، واستخدم الرسائل النصية أو وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع العائلة والأصدقاء.

لمحة تاريخيّة إلى أحداث التسونامي:

8000 سنة مضت: أحدث بركانٌ في صقلية انهياراً ثلجياً في البحر بسرعة 320 كم/ساعة؛ ما أدَّى إلى تسونامي مدمِّر انتشر في البحر الأبيض المتوسط ​​بأكمله، ويقول العلماء إنَّ موجات التسونامي وصلت إلى ارتفاع يزيد عن ارتفاع مبنى مؤلف من 10 طوابق.

1 تشرين الثاني (نوفمبر) 1755: بعد أن دمَّر زلزالٌ ضخمٌ مدينة لشبونة في البرتغال وأحدث هزات ارتدادية في معظم أنحاء أوروبا؛ لجأ الناس إلى القوارب، وأعقب ذلك تسونامي وحرائق كبيرة تسبَّبت بأكثر من 60 ألف ضحية.

27 آب (أغسطس) 1883: أدَّت انفجارات بركان كراكاتو إلى التسونامي، وقد غرق ضحيته 36 ألف شخص في الجزر الإندونيسية، ودفعت الأمواج القوية 600 طن من كتل المرجان القاعيِّ الكبيرة إلى الشاطئ.

15 حزيران (يونيو) 1896: تسبَّب زلزال بحدوث موجة بارتفاع 30 متراً اجتاحت الساحل الشرقي لليابان؛ ما أدى إلى وفاة ما يقارب 27000 شخص لقوا حتفَهم.

1 نيسان (أبريل) 1946: تسبَّبت موجات التسونامي التي نجمت عن زلزال ألاسكا بمقتل 159 شخص، معظمهم في هاواي.

9 تموز (يوليو) 1958: لقد عُدَّت التسونامي في خليج ليتويا (ألاسكا) أكبرَ حدثٍ مُسجَّلٍ في العصر الحديث، والتي نتجت عن انهيار أرضي ناجم عن زلزال بقوة 8.3 درجة، ووصلت الأمواج إلى ارتفاع 576 متر، ولكن نظراً لموقع المنطقة الجغرافي المعزولة نسبياً؛ فإنه لم تتسبَّب التسونامي بالكثير من الأضرار في أماكن أخرى.

22 أيار (مايو) 1960: وفيه خلقَ أكبرُ زلزال مُسجَّلٍ بقوة 9.5 درجة في تشيلي التسونامي في غضون 15 دقيقة، وقد أدَّى الارتفاع المفاجئ (25 متراً) إلى مقتل ما يُقدَّر بـقرابة 1500 شخص في تشيلي وهاواي.

27 آذار (مارس) 1964: أدَّى زلزال الجمعة الحزينة في ألاسكا -والذي بلغت قوته 8.4 درجة- إلى حدوث التسونامي بارتفاع 67 متراً في منطقة فالديز إنليت؛ ما أسفر عن مقتل أكثر من 120 شخص.

23 آب (أغسطس) 1976: نجم عن التسونامي الذي حدث في جنوب غرب الفلبين مقتل 8000 شخص في أعقاب زلزال.

17 تموز (يوليو) 1998: تسبَّب زلزالٌ بقوة 7.1 درجة بحدوث التسونامي في بابوا غينيا الجديدة؛ والتي أدَّت إلى مقتل 2200 شخص.

26 كانون الأول (ديسمبر) 2004: هزَّ زلزالٌ هائلٌ -تراوحت قوته بين 9.1 و9.3 درجة- إندونيسيا، وقتل ما يُقدَّر بما يُقارب 230.000 شخص، معظمهم بسبب كارثة التسونامي ونقص المساعدات إلى جانب الظروف غير الصحية. وقد سُمِّي الزلزال (زلزال سومطرة-أندامان)، وأصبح يُعرَف باسم تسونامي المحيط الهندي.

الخاتمة:

على الرغم من نَدرة أحداث التسونامي؛ ولكنها يمكن أن تكون مُدمِّرة. ومع ذلك؛ فنحن نعمل عن طريق مجموعة من العلوم الدقيقة والمراقبة المستمرَّة والموثوقة لأرضنا والمحيطات، والإجراءات المناسبة للتحضير والإنذار من أجل فهمٍ أفضل لهذه الأحداث المُميتة بهدف حماية مجتمعاتنا والحفاظ على سلامة الناس.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا