الهندسة والآليات > التكنولوجيا الطبية

آخر صيحات الروبوتات.. روبوت ينزف ويبكي أمام طلّاب الطبَّ!

انظرْ إلى هال؛ يبدو لونُه شاحبًا، ويتخبّط رأسه بسرعة، وتتَّسع حدقتا عينيه، وتزرقُّ شفتاه، وهناك صوتٌ خافت يصدر منه. لابدَّ من أنَّه سوف يدخل في صدمة!!

ولا بدّ من أنَّك ظننتَ أنّ الكلمات السابقة تتحدَّث عن كائن بشريّ، ولكن هذا غير صحيح؛ لأنَّ المقصود بـ"هال" هو روبوت طبّيٌّ صُنِعَ لِيُعاني المشكلاتِ الطبيّة كالبشر تمامًا، والهدف بطبيعة الحال هو  استخدامُه في مجال التدريب الطبّيِّ؛ فبدلًا من التدرُّب على دُمَىً مطاطية لاحياة فيها، أو على بشرٍ حقيقين قد يتأذَّون؛ فإنَّ "هال" يقع في المنتصف؛ وهذا يعني أنّه من جهةٍ يملكُ مزايا تجعله شبيهًا بالبشر، ومن جهة أخرى؛ فإنَّ الخطأ في أثناء علاجه لا يُكلِّف الكثير.

قلنا إنّّ هال شبيهٌ بالبشر، فماذا يعني ذلك؟ في الحقيقة إنَّ ذلك يعني كثيرًا، فهال صُمِّمَ لِيُشبه صبيًّا بشريًا، وهو لا يملك شكلًا بشريًّا فحسبُ، بل إنّه قادرٌ على أن يَنزِف ويبكي، بل وحتّى يتبوَّل، ويستجيب كذلك  للضوء عن طريق تقلُّص حدقة عينه الاصطناعيّة.

ويُمكن التحكُّم به لاسلكيًا، ويمكن أَمْرُه بالدخول في صدْمَةِ حساسية أو سكتةٍ قلبية، وبإمكانه أن يستجيب لأجهزة المستشفى الكهربائية أيضًا؛ كجهاز مُزيل الرّجفان، الذي يُستخدَم عند توقُّف القلب، لذلك يُمكن القول إنَّ هال يبدو حيًّا وحقيقيًا، بل مشحونًا بالعواطف كذلك.

وُيمكن في حالات معيّنة؛ مثل الحساسية المُفرطة؛ أن ينتفخَ لسانُه كذلك، وتتضخَّمَ حُنجرته. وهكذا يُمكن للأطباء المُتدرِّبين قَطْعُ شقٍّ صغير في الحلق لإدخال أنبوب القصبة الهوائية لإعادة تشكيل مجرى الهواء. ويمكن للطلاب ربْطُه بجهاز مراقبةِ نبضات القلب EKG أيضًا؛ لمراقبة "قلبه" لمعرفة فيما إذا كان يَنْبُض أم لا.

يقول مارك بيرغ –أحد المديرين الطِّبيين في ستانفورد- : "حتّى إنّ العديد من المُمرِّضات دُهِشنَ بعدما عاد إلى التَّحرُّك بعد حادثٍ صعب".

والشركة المُصنِّعة لهذا الصبيِّ الآليّ هي (Gaumard Scientific)، وليس هذا روبوت الشركة الأول، إذ طوَّرت الشركة عددًا من أجهزة المحاكاة الطبية من قبل بدايةً؛ منذ الأربعينيّات من القرن العشرين. وتنوَّعت هذه الأجهزة بين الهياكل العظميّة الاصطناعيّة، والأشكال التَّشريحية. أمّا الآن فقد أصبحت تكنولوجيا الشركة أكثر اهتمامًا بعائلة هال من الروبوتات الشَّبيهة بالبشر؛ فالشركة تسعى إلى تطوير "فيكتوريا" الروبوت الأمّ؛ التي يُمكنها إنجاب رضيع روبوتيّ! والروبوت "توري" هو الرضيع الذي سيُساعد الأطباء على التّعامل مع أمراض المولُودين الجُدُد.

مبدأ عمل الروبوت "هال":

يوجد داخل هال نظامٌ ميكانيكيّ هوائيّ يجعلُه يتنفَّس، وخرطوشةٌ في ساقه تسمح له بإخراج غاز ثاني أكسيد الكربون.

وتوفِّر الأنظمة الهيدروليكية دمًا ودموعًا مُزيَّفة أيضًا، وتعمل محرّكاتٌ داعمة على شدِّ وجهه؛ ممّا يساعده على إظهار المشاعر؛ كالغضب والخوف وغيرها. حتّى إنَّه يتكلّم مع ذاكرةٍ تتضمَّن مناداةَ أمّه، أو الصراخ بألّا يلمسه أحد؛ مع امتلاكِه نظام تحويل الصوت إلى طفل ذيْ خمس سنوات.

وللحصول على تعبيرات صحيحة؛ عمل مهندسو الشركة مع أطباء الأطفال على ضبْط كيفيّة تحوُّل وجه الطفل الغاضب أو السعيد، وكيفيّة تقلّص العضلات وشَكْل الحواجب.

فائدة هال الحقيقية:

على الرغم من الفائدة الكبيرة التي يُمكن أن يقدِّمها هال على مستوى تدريب الأطباء تقنيًّا، لكنَّ الفائدة الحقيقية تتمثّل في تدريبهم على المستوى النفسيّ، وتهيئتهم لتحمُّل أقصى درجات الاضطراب والقلق، وخاصةً أنّهم سيتعاملون مع أطفال صغار لا يستجيبون للأوامر عادةً.

فيستطيع هال مثلًا أن يكون مزعجًا جدًا في أثناء الأوضاع المتوتّرة، وهو أفضل تدريب للأطباء قبل دخولهم غِمار الحياة الواقعيّة، إذ يقول بيرج:

"يُمكننا أن نرفع مستوى الإجهاد إلى درجة عالية للغاية فيما يخصّ المشاركين الذين يمكن أن  يبكوا أو ينهاروا."

وفي الختام؛ نودّ أن نذكِّر أنّ هال مهما بلغ من الدقة في تصنيعه، فلا يزال هنالك في عالم الطبّ العديدُ من العواطف، إضافةً إلى الضَّغط والتوتّر الذي لا يمكن للآلات الوصول إليهما حتّى الآن، وربّما ستكون الآلات ذات يومٍ مُتطوِّرةً للغاية على نحوٍ تُفسِّر فيه عواطفنا وتقلّد مشاعرنا، ولكن حتى ذلك الحين؛ يجب علينا كوننا بشرًا أن نتحكَّم في هذا الجزء حتّى في أصعب الظروف والمواقف.

ما رأيكم في هذا الروبوت؟ وهل تعتقدون أنّه أداةٌ مفيدة لتدريب الأطبّاء، أم هل هو بحاجةِ تطوير أكثر؟ شاركونا بآرائكم في التعليقات.

رابط فيديو تزضيحي: هنا 

المصادر: 

1- هنا 

2- هنا 

3- هنا