الطب > مقالات طبية

تطرق فجوة الأجور بين الجنسين باب الأطباء: مشاركة متساوية.. حقوق متساوية

بدأ دعم الأمم المتحدة لحقوق المرأة وتمكين دورها في المجتمع توازيًا مع الأطر الدولية المُعلَنة في ميثاق الأمم المتحدة؛ إذ ركزت مقاصد الأمم المتحدة المُعلَنة في المادة الأولى من ميثاقها لتحقيق التعاون الدولي في تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعًا والتشجيع على ذلك على نحو مطلق دون أي تمييز، سواء كان قائمًا على الجنس أو اللغة أو الدين.

لكن على الرغم من أنه يحقُّ للمرأة التمتُّع بكامل حقوقها الإنسانية دون أيِّ تمييز بين الجنسين، وعلى الرغم من كونها غاية تسعى الأمم المتحدة لتحقيقها؛ ولكنَّ التمييز المُمنهج ضدَّ المرأة في العديد من المجالات لا يزال مُستمرًّا في القوانين والسياسات والأعراف والممارسات الاجتماعية والقوالب النمطية القائمة على التمييز وفقًا للجنس.

ووفقًا لليونسكو UNESCO؛ فإنه تُشكِّل النساء أكثر من ثلثَي البالغين الأميِّين في العالم والبالغ عددهم 796 مليون شخص، وأقل من 30% من الباحثين في أنحاء العالم هم من النساء!

على الرغم من محاولة العديد من الدول الانخراطَ في عملية تمكين المرأة وتعزيز دورها في المجتمع؛ ولكن لا تزال مشكلة التمييز في الأجور بين الجنسين إحدى أبرز المشكلات التي تعانيها النساء في أنحاء العالم ولا سيَّما المرأة الطبيبة، يعود ذلك إلى كون الرعاية الصحية واحدةً من أكثر المجالات التي يحدث فيها التمييز بين الجنسين بطريقة ضبابية وبناءً على مجموعة من الصور النمطية المأخوذة عن المرأة في الأوساط الطبية. وقد واجهت النساء تاريخًا مليئًا بالتمييز والمتاعب لدخول هذا المجال؛ فقد كان عدد النساء في عام 1970 اللواتي دخلْن ميدان الطب في الولايات المتحدة هو فقط 7.6%. أما اليوم فإنَّ هذه النسبة تُقارب الـ 30%، في حين تُشكِّل الإناث قرابة 50% من طلاب الطب. وبإمعان النظر أكثر في الإحصائيات نجد أنه لا يزال الجنس عاملًا مهمًا في نجاح الطبيب؛ إذ إنَّ ما يُقارب الـ 80-90% من الأدوار القيادية في مجال الرعاية الصحية يشغلها الرجال، في حين ينحصر دور النساء  في الغالب في "التخصُّصات النسائية"؛ وذلك بالطبع بسبب الصور النمطية المُتَّبعة، وهي الحال نفسها عندما يُنظَر إلى مهنة التمريض على أنها غير مُخصَّصة للرجال.

لطالما كانت الفروقات في الأجور بين الجنسين -وخصوصًا بين الأطباء- موضع جدل، فيعلم جميعنا أنَّ هذه الفروقات لا تستند على كون المرأة الطبيبة تعمل أقلّ من نظيرها الرجل؛ ولكن يعود السبب إلى الصور النمطية والتوقُّعات الموضوعة مسبقًا.

حسنًا؛ إليكم بعض الأمثلة العالمية عن تفاوت الأجور بين الأطباء ذكورًا وإناثًا، وسنترك لكم حرية القرار!

1. الولايات المتحدة الأميركية:

في السابق؛ كان هناك أدلَّة محدودة عن الفروق في الأجور المَبنية على الجنس بين الأطباء الأكاديميين نظرًا لصعوبة الحصول على بيانات تخصُّ الأجور والعوامل المؤثرة فيها. فقد لاحظ  باحثون من كلية

هارفارد الطبية ومستشفى ماساتشوستس العام أنَّ الدراسات الحالية محدودةٌ نتيجةَ الاعتماد على نماذج ودراسات إحصائية تُعاني نقصًا في البيانات وأحجام العيِّنات والتمثيل الجغرافي.

ولكن في دراسة نُشرَت في مجلة الجمعية الطبية الأميركية (JAMA) the Journal of the American Medical Association  حُلِّلت بيانات الرواتب لما يُقارب 10241 طبيب أكاديمي في 24 مدرسة طبية عمومية في 12 ولاية أميركية؛ ووجدت أنَّ مُتوسِّط الفجوة في الأجور بلغ  19،878$ في عام 2018، وذلك بعد ضبط معايير العمر والخبرة والتخصُّص ومقاييس الإنتاجية والأبحاث. في حين بلغ الفارق المطلق قبل التعديل ​​51315 دولار سنويًّا في المتوسط.

ولخصت الدراسة إلى أنَّ الفرق في الأجور للمرأة الطبيبة في مجال الجراحة النسائية والأعصاب وتخصُّصات فرعية أخرى بلغ 44,000 دولار، في حين بلغت الفروقات في كلٍّ من جراحة العظام قرابة 41,000 دولار وأخصائيي الأورام والدم 38،000$، وتطول القائمة..

ولكن الأمر المثير للاهتمام هو أنَّ أخصائيات الأشعة من االنساء تلقَّين أجرًا أعلى بـ 2000 دولار مُقارنةً بنظرائهنَّ من الرجال، وهو التخُّصص الوحيد الذي تتقاضى النساء فيه أجورًا أعلى من الرجال.

ولخصت نتائج استبانة أُجريت من قِبَل شركة ميريت هاوكينز Merritt Hawkins  نيابة عن جمعية ولاية ماريلاند الطبية Maryland State Medical Society إلى أنَّ فجوة الأجور كانت واضحة عند مقارنة الأطباء في الاختصاص ذاته، وعلى سبيل المثال فإنَّ أطباء الأسرة الذكور يكسبون ما متوسِّطه 243 ألف دولار سنويًّا، في حين تسكب طبيبات الأسرة من الإناث أقلَّ من ذلك قرابة 48%؛ أي ما يقارب 164 ألف دولار سنويًّا.

أما عن مقارنة الفروق في الأجور مقابل عدد ساعات العمل نفسه؛ فقد وجدت الدراسة أنَّ أطباء الطب الباطني الذكور الذين يعملون قرابة 41 ساعة أسبوعيًّا يكسبون أكثر بـ 37% من نظرائهم النساء. ثم إنه يتلقى أطباء علم النفس الذكور الذين يعملون 41 ساعة أسبوعيًّا في المتوسط 276 ألف دولار، في حين تتلقى النساء قرابة الـ 210 ألف دولار أمريكي فقط.

2. المملكة المتحدة:

تعاني المملكة المتحدة حتى الآن مسألةَ التمييز في الأجور في جميع قطاعات العمل؛ إذ تكسب العاملات النساء أقل من نظرائهنَّ الرجال. وعلى الرغم من الجهود المبذولة على نحو مُتكرِّر لمعالجة هذه المشكلة؛ ولكنها استمرت بالازدياد خصوصًا في قطاع الطب؛ إذ كانت الفجوة هي الأكبر من بين القطاعات الوظيفية الأخرى.

في حين تُشير الإحصائيات المجراة عن متوسط الأجر السنوي الإجمالي من قِبَل مكتب الإحصاء الوطني إلى أنه في عام 2016 كانت الطبيبات العاملات بدوام كامل تحصلْن على أجر سنوي أقل بـ 34% من نظرائهن الذكور.

في أثناء العقد الماضي؛ ازدادت الفجوة في الأجور في القطاع الطبي، ففي عام 2006 حصلت الطبيبات الأخصائيات على أجر أقل بـ 24% من زملائهنَّ الذكور وارتفعت هذه النسبة إلى 39% في عام 2010 ثم انخفضت إلى 34% في عام 2016.

ولكن منذ عام 2008؛ كانت الطبيبات اللواتي يعملن بدوام كامل يحصلن باستمرار على أقل من الأطباء الذكور بمقدار الثلث.

3. أستراليا :

منذ عام 2001؛ بلغت نسبة خريجي الطب في أستراليا من النساء نسبةً عاليةً تصل حاليًّا إلى النصف تقريبا. ولكن على الرغم من ذلك فإن 34% فقط من الأخصائيين و9.2% من الجراحين هم من النساء، وإضافة إلى ذلك فإن مُمارسات الطب من النساء يتقاضَين أجورًا تقل بنسبة 25% مقارنة بنظرائهنَّ الذكور وبنسبة 54% في حال كُنَّ مسؤولات عن رعاية الأطفال وإعالتهم؛ الأمر الذي يضع الطبيبات أمام عقبات كثيرة قائمة على أساس التمييز وفقًا للنوع الاجتماعي في مسيرتهنَّ لإثبات وجودهم في وظائف طبية ناجحة.

ما المحاولات التي تُبذل من أجل القضاء على التمييز؟

في البداية عملت هيئةُ الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة The United Nations Entity for Gender Equality and the Empowerment of Women (UN-EGEWE) على وضع  خطة التنمية المُستدامة لعام 2030، وأدرجت فيها 17 هدفًا تنمويًّا ركَّزت فيها على أنَّ المساواة بين الجنسين هو شرط أساسي لتحقيق التنمية المُستدامة.

للمزيد يمكنك مشاهدة الفيديو من 

إنَّ الفهم الجيد للأسباب التي تُؤدي إلى التمييز بين الجنسين هو الخطوة الأولى في طريق إيجاد الحلول المناسبة. ويجب أن تستند هذه الحلول إلى مُقاربات مدعومة بالدليل العلمي وأن يكون المجتمع المدني عمومًا والشباب خصوصًا من رجال ونساء هم الأساس والداعم الرئيس لتحقيق هذه المساواة وتفعيل دور المرأة القيادي في المجتمع عمومًا والمِهَن الطبية خصوصًا.

المصدر:

هنا 

 هنا 

هنا 

 هنا 

هنا 

هنا 

هنا 

 هنا 

هنا 

هنا 

هنا 

هنا