الرياضيات > الرياضيات

مركزية الشمس رياضيًّا بين كوبرنيكوس و كبلر

علم الفلك من أقدم العلوم التي أثارت فضول البشرية؛ فلم يشكَّ الإنسان مُطلقًا في أنَّ الكون في حركة دائمة.

ولعلَّ أول ما نفكر به عند الحديث عن الفضاء والمجرات علما الفيزياء والكيمياء؛ ولكن هل خطر في بالك سابقًا أنَّ هذه الحركة تحدث وفق نُظُمٍ رياضيَّةٍ مذهلة؟!

الأمر الذي جعل العديد من الظواهر الفلكية لغزًا لم يُفسَّر إلا باستخدام النظريات والقوانين الرياضية.

وقد كان علماء الفلك يعتقدون أنَّ الأرض هي مركز الكون، وهي كوكب ثابت تدور حوله الشمس والكواكب الأخرى، وظل هذا الاعتقاد سائدًا إلى أن جاء عالم الفلك البولندي كوبرنيكوس وتبنّى فكرة أنَّ الشمس هي مركز المجموعة الشمسية التي من بينها الأرض بعد أن كانت مركزية الأرض من المسلمات غير القابلة للطعن..

لكن مع أنَّ كوبرنيكوس أوضح بمهارةٍ هذه الفكرة في كتابه عن دوران الأجرام السماوية؛ لكنّه لم يستطع إثبات نظريته لعدم امتلاكه مهاراتٍ رياضيةً كافيةً، وظلت هذه النظرية مجرد فكرة معارَضة نحو الـ80 عامًا، حتى جاء العالم الألماني يوهان كبلر واطلع على نظرية كوبرنيكوس فرآها النظام الدقيق الوحيد لحركة الكواكب، واستطاع إثباتها استنادًا إلى أسس رياضية وعمليات حسابية معقدة وعديدة، ووضع القوانين الثلاثة المهمة فيما يتعلق بحركة الكواكب:

1- لا تدور الكواكب حول الشمس بحركة دائرية، وإنما على شكل قطع ناقص تحتل الشمس إحدى بؤرتيه.

2- تختلف سرعة الكوكب في دورانه حول الشمس تبعًا لبعده عنها، فإذا كان قريبًا فإنه يدور بسرعة أكبر، وكلما زاد بُعده قلتْ سرعته في الدوران، إذ تتساوى مساحة المثلثين المشكلين فيما بين الشمس وقوس المسافات المغطاة من كوكبين في الوقت نفسه.

3- مربّع الفترة المدارية لكوكب تتناسب مع مكعب نصف المحور الرئيسي لمداره.

وبعد قرن جاء نيوتن ليبين أنَّ قوانين كبلر ليست إلا نتيجة طبيعية لقانونه (التربيع العكسي) في الجاذبية ضمن الشروط الحدية، والذي يعني أنه توجد قوة تجاذب بين أي جسمين في الكون؛ تتناسب طرديًّا مع حاصل ضرب كتلتيهما، وعكسيًّا مع مربع المسافة بين مركزيهما.

وبهذا وعن طريق اشتقاق قوانين كبلر من وصفه الرياضي للجاذبية، أزالَ نيوتن ما تبقى من الشكوك حول صحة نظرية مركزية الشمس أنموذجًا للكون، ولا تزال هذه النظرية قائمةً حتى يومنا هذا .

ووضع نيوتن العديد من القوانين الفيزيائية فيما يخص الحركة والجاذبية الأرضية التي لم تكن لِتُثبَت صحتها لولا أن نيوتن كان عالمًا في الرياضيات، و إلَّا فقد كان حالهُا كحال نظرية كوبرنيكوس، وبقيت مجرد أفكار حتى يأتي عالم آخر ليثبتها رياضيًّا.

المصادر : 

1- هنا

2- هنا