المعلوماتية > عام

يوم الإنترنت العالميّ.

يوم الإنترنت العالمي؛ احتفال سنوي يُجرى في كل عام لإحياء ذكرى يوم مميز وخاص في تاريخ التقنية والاتصالات؛ يوم 29 تشرين الأول (أكتوبر) من عام 1969؛ اليوم الذي نجح فيه إرسال أول رسالة إلكترونية من حاسوب إلى حاسوب آخر، وبمناسبة ذلك الحدث الذي قلُبِت فيه الحياة رأسًا على عقب؛ دعونا  نعود بالزمن إلى الوراء ونتابع معًا بدايات عصر الإنترنت وتطوراته.

كانت نشأة الإنترنت في ستينيات القرن الماضي حين طُرحت الفكرة أوّل مرة من قبل ليونارد كلينروك عام 1961 عندما نشر أول بحث له بعنوان "تدفق المعلومات في شبكات تواصل ضخمة"، وتجدَّد طرح الفكرة عام 1962 بالتعاون بين أحد علماء معهد ماساشوستس للتكنولوجيا ومنظمة الدفاع الأمريكية في ظلِّ الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي؛ حين كان السوفييتيون متقدمين تِقنيًّا على الولايات المتحدة في تلك الفترة؛ ممَّا سبب قلقًا لدى أمريكا فيما يخصّ إمكانية اختراق السوفييت لشبكة الاتصالات الأميركية، وأنْ يؤدي ذلك إلى خسارتها الحرب! فظهرت الحاجة إلى وسيلة جديدة للتواصل، وطُرحت فكرة "شبكة عملاقة من الحواسيب القادرة على التخاطب مع بعضها"، والتي شهد العالم أوّل تطبيق فعليّ لها عام 1969 مع ولادة ARPANET.

(ARPANET (Advanced Research Projects Agency Network؛ شبكة أقيمت بين عدة جامعات ومراكز أبحاث أميركية، وتعدُّ أول شبكة إنترنت في العالم، وحجر الأساس لشبكة الإنترنت بالهيئة الذي نعرفها اليوم، لقد أُعلنت ولادتها في تاريخ 29 تشرين الأول (أكتوبر) من عام 1969 في أثناء قيام الطالب المبرمج تشارلي كلاين تحت إشراف البروفيسور ليونارد كلينروك بإجراء أوّل تواصل ناجح حصل بين عقدتين؛ إحداهما في جامعة كاليفورنيا -لوس أنجلوس والثانية في مركز ستانفورد للبحوث، وكانت أول رسالة ترسَل عبر الشبكة هي”LO“ في محاولة لإرسال”LOGIN“، ولكن بعد وصول الحرف الثاني؛ توقَّف النظام عن العمل، ومع أنَّ النظام فشل في إيصال الكلمة كاملة؛ لكن تعدُّ أوّل محاولة ناجحة في التاريخ للتواصل بين حاسوبين عبر شبكة.

ومرَّت الشبكة بعدة مراحل تطور بعد ذلك؛ فشهد عام 1971 إرسال أوّل رسالة بالبريد الالكتروني عبر أوّل نظام للإرسال بين الحواسيب، وازداد عدد الجامعات التي تربط الشبكة فيما بينها، ولكن؛ ترافق ذلك مع صعوبات جديدة ساهم علماء الحاسوب بحلها خلال السبعينات والثمانينات عن طريق ابتكار تقنيات وبروتوكولات جديدة لزيادة فعاليَّة الإنترنت واستخداماتها، والتكيف مع التوسع الذي تشهده الشبكة، ولكن بقيت استخدامات الإنترنت محصورة آنذاك بالجامعات ومراكز الأبحاث وإرسال الرسائل والمعلومات فيما بينها، وذلك حتى عام 1991 الذي يعدُّ أهم نقاط التّحول في تاريخ الإنترنت؛ إذ أسّس البروفيسور Tim Berners-Lee تيم بيرنرز- لي الويب المعروف بـ (world wide web(WWW؛ فحوَّل الإنترنت من طريقة لإرسال الملفات إلى شبكةٍ من المعلومات التي يمكن لأيّ أحد الوصول إليها؛ فيمكننا القول أنَّ تيم بيرنرز-لي  هو من أسّس شبكة الإنترنت التي نستعملها اليوم.

ومن الجدير ذكره؛  لم يكن مصطلح إنترنت معرّفًا رسميًّا في تلك الحقبة الزمنية إلى أن وافق المجلس الفيدرالي للشبكات (FNC) في تاريخ 24 تشرين الأول (أكتوبر) من عام 1995على تسمية نظام المعلومات العالمي آنذاك بمصطلح إنترنت Internet الذي نعرفه اليوم، وعُرّفت الإنترنت على أنها منظومة مترابطة منطقيًّا باستخدام فضاء عنونة فريد يعتمد على بروتوكول الإنترنت العالمي IP، وهي منظومة قادرة على دعم الاتصالات باستخدام بروتوكول التحكم بالإرسال(TCP / IP)، أو بروتوكولات أخرى متوافقة مع بروتوكول الإنترنت العالمي IP، وتوفِّر تلك المنظومة للمستخدمين إمكانية الوصول إلى خدمات عالية المستوى باستخدام البروتوكولات والبنية التحتية المؤسسة لها.

وكانت عجلة التطور في عصر الإنترنت متسارعة جدًّا؛ فأخذت الإنترنت تدخل في مجالات الحياة كافّة؛ استخدمت لبيع المنتجات والتسويق لها، وفي سنوات لاحقة؛ بدأت تظهر شبكات التواصل الاجتماعي  والملايين من المواقع التي نستخدمها الآن يوميًّت مثل Facebook و YouTube و Google و طبعاً...الباحثون السوريون!

وأما عن آخر ما يشهده عصر الإنترنت اليوم؛ فهو تمخض ثورة إنترنت الأشياء التي تُعدّ مفهومًا متطورًا لشبكة الإنترنت؛ كي تمتلك جميع الأشياء في حياتنا قابليَّة الاتصال بالإنترنت أو ببعضها لإرسال واستقبال البيانات من أجل إنجاز وظائف محددة من خلال الشبكة، ويذكر أيضًا أن مخترع الويب؛ البروفيسور تيم بيرنرز-لي؛ يعمل حاليًا مع فريقه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT على تطوير مشروع مفتوح المصدر يسمى Solid؛ وهو عبارة عن نظام أساسي أُنشئ باستخدام الويب الحالي؛ يتيح للمستخدم إمكانية اختيار المكان الذي ستخزن فيه معلوماته بغية إعطاء كل فرد منّا القدرة على السيطرة الكاملة على بياناته الشخصية وغير ذلك بطريقة ثورية، وإليكم ما قاله تيم بيرنرز-لي مؤخرًا: "أنا متفائل على نحوٍ لا يصدق بشأن الحقبة القادمة للويب".

نتمنى لكم أصدقاء الباحثون السوريون يوم إنترنت عالميّ سعيد؛ دمتم سالمين!

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا

4- هنا