الكيمياء والصيدلة > كيمياء

بوليمير ذو خواص بلاستيكية قابل لإعادة التدوير دائمًا

أحبّ العالم مادة البلاستيك كثيرًا لكونها رخيصة الثّمن ومريحةً في الاستخدام وخفيفةَ الوزن، إضافةً إلى أنَّها تدوم فترةً طويلة. ولهذه الأسباب نفسها امتلأ العالم بالنفايات البلاستيكية.

أعلن الكيميائيّون في جامعة كولورادو عبر مجلّة Science عن خطوة مهمّة جديدة نحو إنتاج مادّة مُستدامة وغير مُولِّدة للنفايات؛ قد تنافس مادّة البلاستيك التقليديّة.

وقد اكتشفوا بإشراف يوجين تشن (Eugene Chen) -الأستاذ في قسم الكيمياء بوليميرًا يتمتّع بالعديد من المواصفات التي تتمتّع بها مادّة البلاستيك؛ كالوزن الخفيف، ومقاومة الحرارة، والقوّة والمتانة. ويكمن الفارق في أنَّ هذا البوليمير الجديد قادرٌ على استعادة حالته الجزيئيّة الصّغيرة الأصليّة وإجراء عمليّة إعادة التدوير الكيميائيّ الكامل دون استخدام مواد كيميائيّة سامّة أو إجراءات مخبريّة مكثّفة على عكس مادّة البلاستيك البتروليّة التقليديّة.

البوليميرات (Polymers) هي مجموعة واسعة من المواد المُكوَّنة من سلاسل طويلة من الوحدات الجزيئيّة المترابطة كيميائيّاً، والتي تسمّى مونوميرات (Monomers). ومن البوليميرات الصّناعية المعروفة اليوم هناك البلاستيك، والألياف، والسّيراميك، والمطّاط، والطّلاء، والعديد من المنتجات التّجارية الأخرى.

يعتمد هذا العمل على جيل سابق من البوليميرات القابلة لإعادة التدوير كيميائيًّا والتي أظهرها العالم Chen وزملاؤه أوَّلَ مرة عام 2015.

كان يتطلب تصنيع النسخة القديمة من البوليمير ظروفًا شديدة البرودة، وهذا ما كان سيحدّ من استخداماتها الصّناعية. إضافة إلى اتصّاف البوليمير القديم بمقاومة حراريّة ووزن جزيئي منخفضَين، وعلى الرغم من تشابهه مع مادّة البلاستيك؛ لكنّه كان ليّناً نسبيّاً.

ولكنَّ المعرفة التي اكتُسِبَت من الدّراسات القديمة لا تُقدَّر بثمن، وتِبعاً لقول الأستاذ تشن؛ فهي قادت إلى مبدأ تصميمي لتطوير البوليميرات مستقبلًا، والّتي لا يمكن إعادة تدويرها كيميائيًّا فحسب، وإنّما تحمُلُ خصائص عمليّة متينة أيضًا.

عالجت بنية البوليمير الجديد المُطوَّر مشكلة الجيل القديم من البوليميرات؛ إذ أصبح من الممكن بلمَرة المونوميرات على نحوٍ ملائم ضمن ظروف صناعيّة واقعيّة وصديقة للبيئة، دون استخدام المُذيبات، وبدرجة حرارة الغرفة، وفي دقائق معدودة باستخدام كميّة ضئيلة من الوسائط الكيميائيّة.

وللمواد النّاتجة وزنٌ جزيئي مرتفع، وثباتٌ حراريّ، وشكلٌ بلوريّ وخواصُّ ميكانيكيّة شبيهة بمادة البلاستيك.

والأهم من ذلك؛ هي قابلية إعادة تدوير هذا البوليمير وتحويله إلى وحداته الجزيئيّة الصّغيرة بشروط مخبريّة عاديّة وباستخدام الوسيط الكيميائي؛ دون الحاجة إلى عمليةِ تَنقية، فضلاً عن أنّه يُمكن إعادة بلمَرة المونومير وإحداث ما يُدعى دورة حياة المادّة.

وقد جعل هذا الاكتشاف الكيميائيُّ الأستاذَ تشن وزملاءَهُ في غاية الحماس لمستقبلٍ حاوٍ على موادَ بلاستيكيّة صديقة للبيئة عوضاً عن تكدّسها في مدافن النفايات والمحيطات ملايينَ السنين، وتوضَع ببساطة في مُفاعِل، أو كيميائياً إذ نجري عليه عملية نزع بلمَرة، وهذا الأمر غير الممكن في المواد البلاستيكيّة البتروليّة الحاليّة.

وبفضل هذه الخاصيّة الكيميائيّة؛ يُمكن إعادة استخدام هذه المواد مرارًا وتكرارًا، لتغيّرَ بذلك تمامًا المعنى المقصود بـ "إعادة التدوير".

وقد قال الأستاذ تشن إنّه يمكن إعادة تدوير هذه البوليميرات كيميائيًّا وإعادة استخدامها مرارًا من حيث المبدأ.

كما أكّد تشن أنّ تكنولوجيا البوليمير هذه قد أُجرِيَت ضمن المخابر الأكاديميّة فقط. وحصلت على براءة اختراع مُعلّقة؛ إذ لا يزال هنالك عملٌ كثيرٌ يجب إنجازه لإكمال عمليّة إنتاج المونومير والبوليمير اللتَين اخترعهما هو وزملاؤه.

إضافة إلى أنّ الكيميائيّينَ متفائلونَ لتمكنهم بمساعدة منحة Seed الُمقدّمة من CSU Ventures من تحسين عمليّة تركيب المونومير الخاصّ بهم، وتطوير طرائق جديدة أكثر فاعليّة وأقل تكلفة، إذ يعملون على قابلية رفع عمليّة إعادة تدوير (المونومير – بوليمير – مونومير) إلى المستوى الصناعي. في حين تُنجَزُ العديد من الأبحاث على بنى كيميائيّة جديدة للحصول على موادَ أفضل قابلة للتدوير.

ويقول الأستاذ تشن إنّ رؤيةَ تكنولوجيا البوليمير القابل لإعادة التدوير هذه مطرُوحةً في الأسواق سيكون بمثابة حُلمٍ يتحقق.

المصدر:

هنا