الطب > مقالات طبية

داء باجيت في العظم paget's disease of bone - الجزء الأول

تتجدَّد خلايا العظم باستمرار يوميًّا في أثناء عملية تُسمَى (إعادة تشكيل العظام bone remodeling)؛ وذلك استجابة للضغوط التي يتعرض لها الهيكل العظمي على نحوٍ طبيعي؛ إذ تُحلِّل خلايا تُدعَى ناقِضَة العظم osteoclast خلايا العظم القديمة، وأخرى تُدعَى بانِيَة العظم osteoblast تُنتِج خلايا عظم جديدة.

إنَّ الذي يحدث مع مرضى باجيت في العظم هو أنَّ الخلايا الناقِضَة العظم -أو الهادمة العظم- osteoclast تكون نشيطة وأكثر فعالية من الخلايا البانِيَة العظم osteoblast؛ ما يعني أنه يوجد هدمٌ للعظم على نحو أكبر من الطبيعي، فتحاول الخلايا البانِيَة العظم إنتاج أكبر ما يمكن من خلايا العظم التي تتوضع مع بعضها على نحوٍ غير منتظم وعشوائي، وبالنتيجة تُشكِّل عظمًا كبيرًا وكثيفًا ولكنه ضعيف وهشّ، ولهذا فإنه عرضة للتشوُّه والكسر والتقوُّس.

إنَّ من 2-3% من السكان فوق الـ 55 عامًا هم عرضة للإصابة بداء باجيت، وعلى الرغم من إمكانية حدوثه في أيِّ عظم من الجسم؛ فإن عظام الحوض والعمود الفقري والجمجمة والساقين هي الأكثر عرضة للإصابة.

ومن الجدير بالذكر وجوب تمييزه عن سرطان حلمة الثدي paget's disease of the nipple؛ إذ إنه مرض مختلف يُصيب حلمة الثدي والهالة المحيطة بها. للاطلاع أكثر هنا (هنا)

أسبابه:

إنَّ سبب الإصابة بالمرض غيرُ معروف حتى الآن؛ إذ يؤمن بعض العلماء بارتباطه بعدوى فيروسية تصيب خلايا العظم، ولكن تبقى هذه النظرية جدلية ومثيرة للخلاف.

وعمومًا فإنَّ هناك عوامل خطورة ترفع احتمالية الإصابة بالمرض؛ منها:

- الوراثة وتاريخ العائلة: 25-40% من الحالات تتبع الوراثة؛ فإذا كان لديك قريب مصاب به فإنَّ احتمالية إصابتك ترتفع معها.

- العمر: غالب المرضى هم من كبار السن (فهو نادر الحدوث تحت الأربعين عامًا).

- الانتشار: يكثر انتشاره في دول مثل إنجلترا وإسكتلندا ودول أوروبا الوسطى واليونان، ويندُر في دول إسكندنافيا وآسيا.

- الجنس: الذكور معرَّضون للإصابة على نحو أكثر من النساء.

- العوامل البيئية: أوجدت بعض الدراسات أنَّ التعرُّض لعوامل محيطة مُعينة يُؤدِّي دورًا في تطوير داء باجيت، ولكن لم يثبت ذلك إثباتًا قاطعًا بعد.

الأعراض:

لا توجد أعراض مُعينة لداء باجيت، ويُعدُّ حدوث ألم في العظم الشكوى الأشيع للمرضى، وغالبًا ما يُكتشف عند أخذ صورة أشعة سينية لسبب ما، أو عندما يُشير فحص الدم إلى ارتفاع مستوى الفوسفاتاز القلوية ALP (alkaline phosphatase)* في مصل الدم؛ وبذلك فإنَّ علامات المرض وأعراضه تعتمد على الجزء المُصاب من الجسم:

- عظم الحوض: يُسبِّب ألمًا في منطقة الورك.

- الجمجمة: من الممكن أن يُسبب النمو السريع في هذه المنطقة صداعًا أو فقدان السمع.

- العمود الفقري: في حال إصابته -وبذلك انتفاخه- فإنَّ جذور الأعصاب المحيطة به تنضغط؛ الأمر الذي يُسبِّب ألمًا وتنميلًا وخدرًا في أعصاب اليد والساقين.

- الساق: حدوث تقوُّس في الساق.

من الممكن أن تُسبب التغيراتُ التي تحدث في العظام نتيجة الإصابة بداء باجيت مضاعفات أخرى:

- منها ما يُؤثِّر في فعالية المفاصل المجاورة وحدوث التهاب في المفاصل osteoarthritis؛ إذ يحدث الالتهاب عندما يُسبب داء باجيت ما يأتي:

1- تغيُّر في شكل العظم تحت الغضروف المُشكِّل للمفصل.

2- انحناء أو تقوُّس في العظام الطويلة (كالفخذ والساق)؛ ما يُسبب إجهاد المفاصل.

3- تغيُّر في درجة تقوُّس العمود الفقري.

4- تليُّن في عظم الحوض مؤثِّرًا في مفصل الورك. 

- كسور وتشوُّهات: فالعظام المصابة عرضةً للكسر بسهولة أكثر؛ إذ تنزف الأوعية الدموية في مناطق العظام المصابة نزيفًا أكبر في أثناء عمليات إصلاح العظام الجراحية، ثم إنَّ تقوُّس العظام يُؤثِّر في قدرة المريض على المشي. (1)

- فشل القلب: في حال كان المرض منتشرًا في أنحاء الجسم؛ فإنَّ ذلك يُجبر القلبَ على ضخِّ الدم لتروية جميع المناطق المصابة، وحدوث إجهادٍ للقلب قد يتطوَّر لفشل قلبي عند وجود أمراض قلبية سابقة.(1)

- سرطان العظم: في حالات نادرة؛ إذ إنَّ 1% من مرضى باجيت في العظم يمكنهم أن يُطوِّروا نمطًا من السرطان في العظم يُدعَى (ساركوما باجيت paget's sarcoma) والذي يترافق مع أعراض حادَّة وألم شديد في المنطقة المصابة، ويكون أغلب المصابين به فوق السبعين عامًا.

*الفوسفاتاز القلوية ALP: هو بروتين يوجد في جميع أنسجة الجسم ولكن بتراكيز أعلى في أنسجة الكبد والقنوات الصفراوية والعظام، وقد تدلُّ التراكيز المرتفعة منه بفحص الدم على وجود خلل في عمل الكبد أو اضطراب بنسيج العظم.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا