المعلوماتية > اتصالات وشبكات

زرع الرقاقات الميكروية في الأجسام البشرية

ارتبط التطور التقني - كما عَهِدْنا - بتصغير حجم الأجهزة وجعلها لاسلكية، فمثلاً؛ تطورت الهواتف من أجهزة مرتبطة بالحائط عن طريق الأسلاك إلى جهاز صغير في جيبك الخلفي، وتطورت أجهزة الحاسوب من أجهزة مكتبية إلى أجهزة محمولة، وإن كان هناك نهج تسير عليه التقنية فهو يتمثل بالذهاب إلى أصغر حجم ممكن لكل تقنية، وقد تبدأ الأجهزة بالاختفاء تمامًا.

في الواقع؛ في المستقبل القريب، وبسبب تقنية الرقاقات الصغيرة؛ قد تصبح تقنيتنا -حرفياً- جزءًا من أجسامنا.

عندما يريد باتريك ماكميلان شراء مشروب خالي من السكر في أثناء تواجده في العمل؛ يدفع الثّمن عن طريق حركة يده؛ إذ يمتلك ماكميلان رقاقة صغيرة مزروعة بين الإبهام والسبابة، وتخصم آلة البيع الأموال من حسابه فورًا، وهو واحد من عشرات الموظفين في مكتبه الذين فعلوا المثل منذ قرابة عام.

ماكميلان هو رئيس شركة Three Square Market، وهي شركة تقنية تقدم أسواق مصغرة ذاتية الخدمة للمستشفيات والفنادق وقاعات استراحة الشركات.

جاءت هذه الفكرة في أوائل عام 2017 عندما كان في رحلة عمل إلى السويد؛ البلد الذي يحصل فيه بعض الناس على رقاقات تحت الجلد تخولهم أن يفعلوا أشياء مثل دخول مباني آمنة أو حجز تذاكر القطار؛ إنها واحدة من البلدان القليلة جدًّا التي زرعت فيها شرائح في جسم الإنسان، والتي أصبحت موجودة منذ فترة.

ويبلغ حجم الرّقاقات التي حصل عليها هو وموظفوه حجم حبة أرز كبيرة، وهي تهدف إلى تسهيل فعل بعض الأشياء؛ مثل إعطاء الصلاحيات للدخول إلى المكتب، وتسجيل الدخول إلى أجهزة الحاسوب، وشراء الطعام والمشروبات في كافتيريا الشركة.

لا تعمل هذه الرقاقات بالبطارية مثل العديد من رقاقات Radio-frequency identification) (RFID؛ بل تحصل على طاقتها من قارئ RFID عندما يطلب البيانات من الرقاقة، وتتضمن الرقاقة معلومات تحديد الهوية لمنحه الوصول إلى المبنى، وبعض المعلومات الطبية الأساسية على سبيل المثال أيضًا.

بعد مرور عام على تجربتهم؛ يقول ماكميلان وعدد قليل من الموظفين أنهم لا زالوا يستخدمون هذه الرقاقات بانتظام في العمل لجميع الأنشطة التي بدؤوا بها في الصيف الماضي، وقد وسعت الفكرة لتشمل ثلث موظفي الشركة إلى الآن، وتُنزع الرقاقات عند استقالة الموظف.

يقول مهندس البرمجيات سام بنغتسون أنّه يستخدم شريحته من 10 إلى 15 مرة في اليوم، ويرى أن تمرير يده على قارئ RFID المتصل بالحاسوب يماثل كتابة كلمة المرور على لوحة مفاتيح.

تبحث الشركة عن طرائق جديدة لاستخدام الرقاقات الصغيرة خارج الجسم، ويقول ماك مولان أن العمل قائمٌ على اختبارات في مستشفيين - أحدهما في فورت واين بولاية إنديانا والآخر في هدسون بولاية ويسكونسن -؛ إذ ستتحقق الرقاقات من عدد المرات التي يغسل الأطباء والممرضات أيديهم، (سيرتدون أساور تحتوي على شريحة يمكنهم مسحها على قارئ RFID لتشغيل حوض الغسيل - وهو أمر جُرّب من قبل).

إن خصوصية أيّة معلومة مخزنة على الرقاقات وأمنها هو مصدر قلق واضح، والمعلومات التي تجمع من قبل قارئ RFID يمكن أن تعطي الكثير من التفاصيل عن مواعيد مجيء ورحيل الموظفين، ويمكن لشخص ما -من الناحية النظرية- إنشاء اتصال بالرقاقة الخاصة بك مع قارئ RFID والوصول إلى معلوماتك.

يقول ماكميلان إن بعض المعلومات المخزنة على الشريحة في يده مشفرة؛ لكنّه يظن بأن المعلومات الشخصية المشابهة يمكن أن تُسرق من محفظته أيضًا.

وأعرب نغتسون عن قلقه قائلاً؛ هناك أيضًا فرصة - ويبدو من المؤكد حدوثها في النهاية - أن التقنية داخل أجسام الموظفين ستصبح قديمة وتحتاج إلى التطوير.

لا تزال تقنية زرع الرقاقات في الأجسام البشرية تعدُّ حديثة العهد، والحديث عنها يبدو أقرب إلى الحديث عن أفلام الخيال العلمي، ولكن المستقبل قد يحمل لنا الكثير من التطور في هذا المجال، ويبقى السؤال: هل هذه الطريقة آمنة وهل يمكن أن تعرض معلوماتنا الخاصة للخطر كتتبع تحركات الشخص أو سرقة صلاحياته للدخول إلى أماكن معينة، قد يبقى هذا السؤال بلا إجابة في الوقت الراهن؛ لكن من المؤكد أن المستقبل يحمل لنا آفاقًا جديدة مفيدة وممتعة.

المصادر 

هنا