العمارة والتشييد > التصميم المعماري

متى سيسقط برج بيزا؟

برجُ بيزا المائل -المعروف ببرج الجرس- جزءٌ من كاتدرائيَّةٍ شهيرةٍ وتحفةٍ معماريَّةٍ فريدةٍ في مدينةِ بيزا وسط إيطاليا، يتكوَّنُ من ثمانية طوابق بارتفاع 57 م تقريبًا وبقطرٍ خارجي يبلغ 16 م. بُنِيَ هذا البرج من الرخام الأبيض على الطراز الروماني؛ ممَّا أكسبه وزنه الهائل الذي يصل إلى 14500 طن.

بدأ بناء البرج عام 1173 م، وقد لاحظَ المهندسون عند الوصول إلى الطابق الثالث ميلان البرج بعد بدء التربة الطريَّة المكوَّنة من مزيجِ الطِّين والرمل بالهبوط على نحوٍ غير متساوٍ أسفلَ قاعدةِ البرج، ممَّا أدى إلى ميلانه باتجاه الشمال، فحاول البنَّاؤون استدراكَ هذا الهبوط بجعلِ الأعمدةِ والأقوس في الجانب الشمالي من الطابق الثالث أطول قليلًا.

استُكمِلَ بناءُ البرج على عدَّة مراحل وفي أزمنةٍ متفاوتة، واتُّخِذَت في كلِّ مرَّةٍ إجراءاتٌ جديدةٌ لتسويةِ وضعه، واكتمل البناء بين عامي 1360 و1370 .

أضيفت الأجراس السبعة إلى البرج لاحقًا، ويبلغ وزن أكبرها 3600 كغ تقريبًا، لذلك يُعتقَدُ أنَّ حركتها قد أثَّرت على ميلان البرج أيضًا.

وفي نهاية القرن السادس عشر أسقطَ الفيزيائي الشهير غاليليو غاليلي عدَّةَ كراتٍ حديديَّة من قمَّةِ البرج، ونجح في تصحيحِ ميلانه قرابة ثلاث درجات، ولكنَّ القياسات الدَّقيقة لميلان البرج لم تبدأ حتى عام 1911، وأظهرت أنَّ قمَّةَ البرج تتحرَّكُ بمعدل 1.2 مم في السنة.

تصاعدَ قلقُ المهندسين عام 1935 بسبب ازدياد نسبةِ الماء تحت قاعدة البرج وما قد يسبِّبه من إضعافٍ للتربة والتسريع في سقوط البرج، فحفروا شبكةً من الثُّقوب في القاعدة وحقنوها بالإسمنت، ولكنَّ هذا الإجراء زادَ الأمور خطورةً وبدأ البرج يميل بسرعة، فنُفِّذَت عدَّةُ محاولاتٍ لربطِ وتدعيم البرج ولكن لم يُكتَب لها النجاح، ووصلت درجةُ ميلان البرج إلى 5.5 درجة بانزياحٍ يصلُ إلى 4.5 م لأعلى القمة عن محوره.

وبعدَ انهيارِ برجٍ مشابه عام 1990 أغلقت السلطات الإيطاليَّة البرج رسميًّا، وبدأت خطَّةُ الإنقاذِ الأخيرة التي اقتضت إحاطةَ الطابقِ الأوَّل بأربطةٍ فولاذيَّةٍ لمنعِ الحجارة من الانهيار، ووضع 750 طن من الرصاص في الجهة الشماليَّة من البرج، ثمَّ صب طبقة جديدة من الخرسانة لتحيط بالأساس وربطها بسلسلةٍ من الكابلات المثبَّتة عميقًا في التربة، وحفر عدَّة آبارٍ بقطر 20 سم عميقًا أسفل الأساسات، لاستخراج جزءٍ من التربة، وبتطبيقِ هذه العملية عدة مرَّات وعلى مدى عدَّة سنوات دُفِعَ البرج إلى الاتجاه المعاكس واستقرَّت التربة أسفله.

أشارت أجهزةُ القياس عام 2001 إلى أنَّ ميلان البرج قد صُحِّح بمقدار 44 سم، وكان هذا التصحيح كافيًا لإزالةِ خطرِ

السقوط الحالي وإعادة فتح البرج للزوار. وبيَّنت أجهزة القياس عام 2008 أنَّ البرج اكتسب 4 سم إضافيَّة، لتتوقَّف الحركةُ نهائيًّا بتحسُّنٍ قدره 48 سم ليصل الانزياح الحاليّ للبرج إلى 4.1 م.

البرج اليوم في حالةٍ مستقرَّة ولكنَّ الخطر الحقيقي قد يأتي من أحجارِ البناءِ نفسِها في الطوابق السفليَّة خصوصًا والتي تحمَّلت العبء الكبير من القوى النَّاتجة عن الميلان، فإن تفتَّت أي حجرٍ منها سينهارُ البرج، إضافةً إلى أنَّ حدوث هزَّةٍ أرضيَّة سيؤدي إلى نتائجَ كارثيَّة على البرج.

يتوقَّعُ المهندسون اليوم أنَّ البرج يستطيعُ الصُّمود 200 سنة أخرى بوضعه الحالي، فهل ستتمكن التطورات الهندسية حينها من المحافظة على البرج 800 عام أخرى؟

المصادر:

هنا

هنا

حقوق الصورة: © iStockphoto/Thinkstock