الفنون البصرية > فنانون عالميّون

غرائبٌ عن حياةِ بيكاسو

يُعدُّ بابلو بيكاسو واحداً من أكثرِ الفنانين شُهرة في العالم؛ إذ اشتَهَرَ بلوحاته ومنحوتاته، وهو أحدُ روّادِ التكعيبية* إلى جانبِ صديقه وزميله الفنان جورج براك، وقد عُرِفَ على نحوٍ واسعٍ في مهنته عبر الابتكارات التي قدّمها، وعبر تطويره أنماطاً فنيّةً مختلفةً؛ وهي التي أثّرت في الفنانين في الوقت الحاضر.

لنتعرف في مقالنا إلى مزيدٍ عن الأسطورة الفنية بيكاسو عن طريق الحقائق الآتية:

1- اسمهُ طويلٌ لدرجةِ أنَّهُ في الغالبِ كانَ صَعباً عَليهِ تَذكرهُ:

يتكوّن اسمه من 23 كلمة، "بابلو دييغو خوسيه فرانسيسكو دي باولا خوان نيبو موسكينو ماريا دي لوس ريميديوس سيبريانو دي لا سانتيسيما ترينيداد رويز ذ بيكاسو".

كان مستوحىً من أسماءِ أفرادِ الأسرة والشخصيات الدينيّة تكريماً لهم، وكان هذا الاسم هديّةً من والديه الكاثوليكيين، دون خوسيه وماريا بيكاسو، لكنّ بيكاسو فَضَّلَ أن يختصره، ويحتفظ باسم والدته فقط لأنّه كان اسماً إيطالياً من غير المعتادِ سماعُه في موطنه إسبانيا.

2- كانَ فناناً مُتَميزاً في سِنٍ مبكرة:

كشفتْ والدةُ بيكاسو أنّ أولى كلماتِه كانت "piz piz" وهي اختصارٌ لكلمة "lapiz"؛ التي تعني قلم رصاص بالإسبانية.

كان والده رساماً قبله، وبدأَ تدريبَ ابنه عندما بلغَ السّابعة من عمره وبحلول عمر الـ13 عاماً تجاوزَ بيكاسو والده في الرسم، وعندما أدرك الوالدُ أنّ الشّابَّ قد تفوّق على مهاراتِ أبيه تعهّد بالتخلي عن الرسم.

*أول عمل فني لبيكاسو

3- عاشَ أسلوبَ حياةٍ منحلًّا نوعاً ما:

مثلما هو الحال مع العديد من الفنانين في ذلك الوقت، عاشَ بابلو بيكاسو حياة مشوشةً تمْلَؤها المتعة الشخصية، وأدتِ النّساء اللائي صادَفَهَنَّ في حياته دوراً كبيراً في لوحاته.

4- أدّت الأحداثُ المختلفةُ في حياته إلى استخدامهِ أساليبَ فنيةٍ متعددة:

وقد استخدمَ ألواناً باردةً بعد انتحارِ صديقه، وألواناً دافئة عندما وقع في الحب بجنون.

وقد أعادَ دراسةَ الأساليب الكلاسيكية إبّانَ الحربِ العالميّة الأولى قبل الانتقال إلى الأسلوب السُّريالي* في وقت لاحق، وأصبحَ أسلوبُه أكثرَ طفوليّةً وبساطةً، واستخدمَ قلم التلوين وقلم الرصاص ليخلقَ مثالاً لسنوات الانحطاط "لوحةُ صورة ذاتيّة واجهة للموت".

5- أَنتجَ قرابة 50،000 عملٍ فنيّ!

على الرّغمِ من أنّ أعماله الفنيّة جميعها لم تلقَ الشّهرةَ ذاتها، لكنَّ الحقائقَ أثبتت أنه أنتج قرابة 50،000 عملٍ فنيّ على مدار حياته، وبالطبع؛ كانت لوحاته أهمَّ إسهاماته الفنية التي تلقّت مديحَ الناس، فقد أنتجَ 1،885 لوحة فنيّة في حياته، و1،228 منحوتة، و2،880 قطعة فنية صُنعت من السّيراميك، وأكثر من 12،000 عملٍ من الرسومات على الورق، والآلاف من المطبوعات؛ إضافة إلى العديد من المفروشات والسجاد.

استمرت مسيرتُه الفنيّة قرابةَ 80 عاماً، مما يعني أنّه تمكّن من إنشاءِ أكثرِ من 600 عملٍ فنيّ سنوياً وسطياً، أو قرابة عملين اثنين في كل يوم من حياته المهنية.

6- لا تزالُ لوحاتهُ تحتلُّ المرتبةَ الأولى بين اللوحات الأغلى سعراً في العالم:

تعدّ لوحات بابلو بيكاسو الأعلى سعراً في أنحاء العالم، مما يجعل بيكاسو واحداً من أكثر الرسامين الذين يُفتخَر بهم على مرّ التاريخ، فعلى سبيل المثال؛ بيعت لوحة Boy with a pipe مقابلَ 104 مليون دولار في مايو 2004، ولوحة Dora maar with a cat مقابل 95.2 مليون دولار في مايو 2006، لكن سجلاته السابقة جميعها -وأعمال الرسامين الآخرين أيضاً- قد كُسِرتْ في أيار/مايو 2015، فقد بيعت Les femmes d'Alger بمبلغ 179.3 مليون دولار في مزاد في كريستي في نيويورك.

*لوحة Les femmes d'Alger

7- كان بيكاسو كاتباً ناجحاً إلى جانب كونه رساماً ونحاتاً استثنائياً:

معظمنا يعرف بيكاسو رساماً نحّاتاً موهوباً، لكنه كان يمتلك مواهبَ مختلفةً أخرى، ولم يقض كلّ لحظة في حياته على الرسم فقط، وواحدة من تلك المواهب كانت الكتابة، وعلى الرغم من ذلك؛ لم ينتج بيكاسو أيّاً من كتاباته حتى أصبحَ في الخمسين من عمره، ويمكننا أن نجد الشعر والمسرحيات في مؤلفاته ومعظمُها سُرياليٌّ غير اعتياديّ؛ وكمثالٍ جيد على أسلوب كتابته غير المعتاد؛ نوردُ هذا المقتطف من عمله الفني في عام 1937 "الحلم وكذبة فرانكو":

أجراس فضية وأصداف القواقع والشجاعة المجدولة على التتالي

الخنصر المنتصب لا العنب ولا التين

النعش على أكتاف مكتظة بالنقانق والأفواه

مسمر في الرمال ممزق الحصان مفتوح القمة إلى أسفل الشمس

8- عاش بيكاسو في فقرٍ مدقعٍ لدرجةِ أَنهُ حرقَ لوحاتِه لإبقاء نفسهِ دافئاً:

على الرّغم من أنّ لوحات بيكاسو تباع الآن بالملايين؛ لكنّ الحقائق تكشفُ أنّ بابلو بيكاسو كان فقيرًا جدًا في أثناء فترات معينة من حياته؛ ففي أوائل العشرينات من عمره (في الفترة الزرقاء في بداية القرن العشرين)؛ كانت الحياة صعبة للغاية بالنسبة إليه، فقد انتحر أحد أصدقائه المقربين جداً، ونادرًا ما كانت تُشترَى أعماله في تلك الفترة، لذلك كان يعيش في فقر مدقع، وفي بعض الأحيان كان يائساً لدرجةِ أنّه اضطرّ لحرق بعض أعماله الفنية من أجل الحفاظ على الدفءِ والبقاء على قيد الحياة، وجَسَّدَ مشاعره وظروف حياته في ذلك الوقت وجعلها واضحة للعيان من خلال لوحاته في "الفترة الزرقاء"، فقد كانت في غالبيّتها تصوّر معاناةَ الفقراء.

*لوحة Blue Nude رُسِمت في الفترة الزرقاء

9- كان يَكرهُ الصلابة والكلاسيكية:

قُبِلَ في مدارسَ فنيّةٍ مرموقة، لكنه أصبح محبطاً من القواعد والأساليب الكلاسيكية.

وتخلّى عن دروسه وتجوّل في الشوارع ورسمَ المدينة، كذلك رسم المتسولين والغجر.

وصادقَ مجموعةً من المفكرين والفنانين الذين ألهمَوه بالابتعاد عن التقنيات الكلاسيكية، واتخاذ نهجٍ أكثر راديكاليّةً تجاه الفن.

* السريالية : حركة في الفن البصريّ والأدب، ازدهرت في أوروبا بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، كانت وسيلةً إلى لمِّ شملِ عوالمِ الوعي الواعية واللاواعية حتّى ينضمّ عالم الأحلام والخيال إلى العالم العقلاني.

* التكعيبية: هي واحدة من أكثر الأساليب البصرية المعروفة التي أنشِئت في أوائل القرن العشرين، وعادة ما يكون للفن الذي يُنتَجُ بهذه الطريقة مظهرٌ هندسيٌّ، ونرى الأعمالَ التكعيبية واقعيّة ومجردة إلى حدّ سواء.