الكيمياء والصيدلة > ألــبـــومـــات

سكّان عالم الصيدلة

في هذا اليوم الخريفي الجميل؛ ندخل عالمَهم العجائبي الفريد، إذ كان في القِدم مزيجًا من الحكمة والسحر والطلاسم، ثمَّ ارتقت أدواتهم ومعارفهم، وعرفوا التقطير والتصعيد والتكليس والتحليل والتشويه.. وصنّعوا المراهم والحُقَن والتّرياقات والحَمولات والغَسولات والنّطورات والسَّكوبات والوَجورات والسَّعوطات واللَّعوقات..

وفي الزمن الحاضر؛ بلغَت علوم الصيدلة درجاتٍ متقدّمة، ولذا فسكّان هذا العالم الساحر الأخّاذ هم إمّا طلّابُ صيدلةٍ مُجدّون وإمّا صيادلةٌ مثابرون، حريصون على صحتنا وتخفيفِ آلامنا بكدّهم وتعبهم ومركّباتهم الدوائية وابتساماتهم المُطمْئِنة، ولهم منَّا في يوم الصيادلة العالميّ كلَّ الأمنيات الطيبة بعامٍ سعيدٍ مثمر وبنّاء..

فلتتعرّفوا معنا إلى أهم سمات سكّان عالم الصيدلة الأحبّاء..    

تتوافر لدى طلاب الصيدلة ميزةٌ مذهلةٌ بتفريقهم بين الدرجاتِ اللونية المتقاربة فهم خيرُ من يعلم أنَّ الأحمر الناري يختلف عن الأحمر الآجري، وأنَّ الأزرق المخضر يختلف عن الأزرق والأخضر.

يمكنك وبسهولة تامّة تمييزُ ثلاثة أنواع من طلاب الصيدلة عن طريق المراقبة الدقيقة لنمط ترتيبِهم للأنابيب المخبرية.

يمتاز طلاب الصيدلة منذ القدم بقراءة الرموز الغنوصية والطلاسم، فكانت أسماء أدويتهم: نارمشك قفّاح، والسقمونيا، والجنطيانا، واليتّوعات. ويبدع الصيادلة في الكنايات اللطيفة، كما في الأدوية: بقلة الحمقاء، وقاتل أبيه، وقاتل نفسه، وورد الحمار، ولحية العنز. 

ويمتاز طلاب الصيدلة تاريخيًّا بقدرتهم على قراءة الكلمات المكوَّنة من عدد كبير جدًّا من الأحرف بسهولة وسلاسة، مثل:

PNEUMONOULTRAMICROSCOPICSILICOVOLCANOCONIOSIS

وعلى الرغم من التنوّع الشديد في المواد الدراسية في منهاج الكلية، لكنَّها للأسف لا تشمل مادةَ الكتابات الطلسميّة أو المسمارية متضمنة "لغة خط الأطباء في الوصفات الطبية".

المعايرة! وما أدراك ما المعايرة! نقطةٌ نقطةٌ مدَّة دقيقتَين ولا يحدث أيُّ تغيير. ونصف ميللي ليتر في أقل من ثانية وستجدُ محلولًا غامقَ اللون ينتظرك لإيجاد الـ end point.

تنمو باطّراد لدى أغلب طلاب السنة الخامسة الحاسَّةُ الفنية، لذا فمن الطبيعي أن ترى أحدَهم يرتدي مريولًا مزركش كهذا.

يستطيع الصيدليُّ إيجاد عشر طرائق مختلفة للتخلُّص من أحدهم، ولكنَّه ألطفُ بكثير من أن يفعل ذلك.

عندما يعطيك الصيدليُّ دواءً بديلًا من الدواء الموصوف، فصدّقني -حتّى لو أنّك لا تعرفني- هو لا يبحثُ عن ربحٍ أكبر عن طريق البديل، وإنما دواؤك الموصوف غير متوافر لديه، وهو يستبدل به دواءً آخر يماثله في الفعالية الدوائية.

الصيدليُّ رياضيًّا لا يساوي نصفَ طبيب ولا يساوي ثلاثةَ أرباع كيميائي! والأمر أبسط من ذلك، فلكلٍّ تخصصه، وبهذا؛ فالطبيب طبيب والصيدليُّ صيدلي والكيميائي كيميائي كما الأرض أرض. ولا نستطيع تجزيئهم ومقارنتهم نسبيًّا!

المصدر:

الخوارزمي، أبو عبدالله محمد بن أحمد، مفاتيح العلوم، ط1، دراسة وتصدير: عبد الأمير الأعسم، لبنان، بيروت، دار المناهل، (2008م)، صص 159-167، وصص 223-229.