الطب > مقالات طبية

زيادة السكَّر لديك تجُرُّ جهازك المناعيَّ إلى الفشل!

عامَّة؛ يتكوَّن الجهاز المناعيُّ عند الإنسان من قسمَين: المناعة الطبيعيَّة والمناعة المُكتسبة، إذ تكون المناعة الطبيعيَّة هي المسيطرة في الجسم ضدَّ معظم العضويَّات، وتملك القدرةَ على الاستجابة السريعة ضدَّ الأخماج؛ لكنَّها لا تملك ذاكرة؛ أمَّا المناعةُ المُكتسبة فتملك القدرة على الاستجابة السريعة، وتملك ذاكرة مناعيَّة أيضًا وتفيد في الدِّفاع عن الجسم ضدَّ الأخماج المتكررة.

وإذا أردنا الحديث عن تأثير مستويات السُّكَّر في الدم على الجهاز المناعيِّ؛ لا بُدَّ لنا من معرفة التراكيز الطبيعيَّة والمرضيَّة له في جسمنا؛ إذ يقع تركيز السكَّر في الدم عند معظم الأشخاص الأصحاء في مجالٍ يترواح بين 72-99 مغ\دل عند الصيام ولا يتجاوز عتبة الـ140 مغ\دل بعد تناول الطّعام بساعتين، وإن تجاوزت قيمة سكر الدم عتبة الـ 100 مغ/دل في أثناء الصيام أو الـ140 مغ/دل بعد الطعام بساعتين؛ فإن لهذا دلالة مرضيَّة ويستدعي المراقبة والعلاج.

ويُعدُّ فرط السُّكر مشكلةً شائعة عند مرضى المشافي، وخاصَّة المرضى ذوي الحالات الشديدة الحرجة ومرضى السُّكري، ثمَّ إنَّه مرتبط بالاختلاطات الناجمة عن الخلل بتوزُّع الشوارد والسوائل والخطر المتزايد للأخماج؛ إذ تزداد نسبة الوفيات والمراضة ونسبة حدوث الأخماج عند هؤلاء المرضى وكذلك الحالات الأقلَّ خطورة.

إنَّ لارتفاع سُكّر الدم آثارًا مباشرة على العديد من مكوِّنات الجهاز المناعيِّ سواء كان هذا الارتفاع ناتجًا عن الشدّة كالأخماج والجراحات أو عن تناول أدوية مثل الكورتيكوستيرويدات، ويؤثر الارتفاع الحادُّ في مستوى السكر الدمويّ على المدى القصير في جميع المكونات الرئيسيَّة للمناعة الطبيعيَّة ويضعف من قدرة الشخص على مكافحة العدوى؛ إذ يعمل على إضعاف آلية القتل داخل الخلوي، وتغيير الدفاعات الخلويَّة للمضيف عن طريق التأثيرِ في عمليَّة الجذب الكيميائيِّ للخلايا المناعيَّة إلى مواقع الخمج والتنقل والبلعمة والآليّات المُضادّة للميكروبات، وترجع هذه التأثيرات رجوعًا رئيسيًّا إلى التغيرات في الاستقلاب داخل الخلايا المناعيَّة، ويَزيد ارتفاعُ سكر الدم مستوياتِ السيتوكينات الالتهابيَّة ويُحتَمل أن يغير التوازن بين السيتوكينات الالتهابيَّة والمضادة للالتهابات.  

وكذلك ارتبطت التراكيز غير المضبوطة للسُّكر في الدم عند مرضى السكَّري بالخطر المتزايد بحدوث اختلاطات شديدة متعددة؛ منها: اعتلالُ الشبكيَّةِ والاعتلالُ الكلويُّ واعتلالُ الأعصابِ المحيطيُّ والأمراض القلبيَّة الوعائيَّة، وتؤدِّي إلى ضعف في التئام الجروح وضعف في الوظيفة المناعيّة؛ لذلك تزداد حساسيَّة الأشخاص للأخماج وقد تؤدِّي إلى الموت في بعض الحالات الجراحيَّة.

وحتى عام 2001؛ تغاضى الأطباء عن تراكيز السكر في الدم التي تتجاوز 220 ملغ/ دل لدى المرضى ذوي الحالات الحرجة، وكان أساس هذا التّغاضي الاعتقادَ الشَّائعَ أنَّ هذه التراكيز العالية لم تكن إلا حالة فزيولوجيَّة طبيعيَّة استجابةً للشدة؛ كالجراحة والمرض الشديد، وتأمينًا لاحتياجات المريض للطاقة اللازمة لدعم النُّسُج المعتمدة على السُّكر كالدماغ ولُبِّ الكظر والكُريات الحمراء.

ولكن؛ أظهرت البيانات الحديثة أنَّ استخدام المُعالَجة المُكثفة بالأنسولين للمحافظة على تراكيز معتدلة للسكر تتراوح بين 80 و 110 مغ\ دل أنقصت الوفيات والمراضة عند الأشخاص ذوي الحالات الحرجة الخاضعين للجراحة، وقد شملت فوائد هذه المعالجة نقصًا ملحوظًا في العوامل الإمراضيَّة ومنها معدل الأخماج.

ويُمارِس الأنسولين نفسه تأثيراتٍ مميَّزةً مضادة للالتهابات؛ إذ يعمل على خفض مستويات البروتينات الالتهابيّة، ويمكن أن تكون الآليّة التي يتوسط بها الأنسولين هذه التأثيرات تُثبط اصطناع هذه الجزيئات على مستوى نُوى الخلايا، وفضلًا عن ذلك؛ يُقلل العلاج بالأنسولين ارتفاع مستويات الدهون الثلاثيَّة ويَزيد تراكيز البروتين الدهنيِّ المنخفضِ الكثافة LDL والبروتين الدهني العالي الكثافة HDL اللذَين يؤدّيان دورًا مهمًّا في تنظيم الدهون في الجسم البشريّ.

المصدر:

هنا

هنا

هنا

هنا