الاقتصاد والعلوم الإدارية > اقتصاد

تحليل الأرباح باستخدام هامش المساهمة (الطريقة والأخطاء)

عندما تكون مالكاً أو مديراً لشركةٍ ما؛ فإنه من المهم لك أن تعرف مدى ربحيّة هذا العمل، وينظر العديد من المديرين إلى هامشِ الربح الذي يقيس إجمالي الزيادة في إيرادات المبيعات عن التكاليف. ولكن في حال كنت مهتماً بمعرفة مدى مساهمة منتجٍ معينٍ في أرباح الشركة؛ فلا بُدَّ لك من النظرِ إلى هامش المساهمة (Contribution Margin).

يقول (Joe Knight) مؤلف كتاب (HBR Tools: Business Valuation)؛ والمؤسس المشارك، والمالك لـ (business-literacy.com): "إنَّ هامشَ المساهمةِ هو أداة تحليلٍ ماليٍ شائعة؛ لكنّها غير مفهومة كفايةً من المديرين".

 

ما هامشُ المساهمة؟

وفقاً لـ (Knight) فإن هذا المصطلح يمكنُ تفسيرهُ واستخدامه بطرائقَ متعددة. ولكن التعريف الموحد يقول: "إنَّ هامش المساهمةِ هو العائد المتبقي بعد طرحِ التكاليفِ المتغيرة الخاصة بإنتاج سلعةٍ أو خدمةٍ معينةٍ من إجماليِّ العائد المتحصّل من بيع هذه السلعة أو الخدمة وتقديمها".

يمثل هامش المساهمة طريقةً مختلفةً للنظر إلى الأرباح؛ فالطريقة المعتادة لإعداد قائمة الدخل من الشركات تبدأ بعائد المبيعات مطروحاً منه تكاليفُ الوحدات المنتَجة والمباعَة للوصولِ إلى الربح الإجمالي؛ ومن ثم طرح نفقات التشغيل للوصول إلى الربح التشغيلي؛ وأخيراً طرحُ الفوائد والضرائب للوصول إلى الربح الصافي. لكن في حال أُجريَتْ هذه الحسابات بطريقةٍ مختلفةٍ بطرحِ التكاليف المتغيرة للمبيعات فقط ؛ فسوف يؤدي ذلك إلى الوصول إلى هامش المساهمة. وبذلك؛ يُظهِر هامش المساهمة القيمةَ الإجمالية للعوائد بعد اقتطاعِ التكاليف المتغيرة، وهي العوائد المتاحة لتغطية التكاليف الثابتة وتوليد الأرباح للشركة. وبهذا؛ يمكن عدُّه أنَّه الجزء من المبيعات الذي يساعد على تغطية التكاليف الثابتة.

 

كيف يُحسَبُ هامش المساهمة؟

إنها عملية حسابية بسيطة كالآتي:

هامش المساهمة = العائد   − التكاليف المتغيرة

على سبيل المثال؛ إذا كان سعر المنتج 20 دولاراً أميركياً؛ والتكلفة المتغيرة للوحدة هي 4 دولارات؛ فإنَّ هامشَ المساهمة للمنتج هو 16 دولار.

الخطوة الأولى لحسابه هي أخذُ قائمةِ دخلٍ تقليديةٍ، ثم إعادة تصنيف التكاليف فيها إلى تكاليفَ ثابتةٍ وتكاليفَ متغيرة. لكن هذا الأمر في الواقع ليس بتلك البساطة التي يبدو عليها، فالمشكلة تكمن في تحديد التكاليف التي يمكن عدّها ثابتةً وتلك التي يجب عدُّها متغيرة.

وللتذكير؛ فإنَّ التكاليف الثابتة هي التكاليف التي تبقى ثابتة بغض النظر عن حجم الإنتاج كالإيجارات والرواتب الإدارية. أما التكاليف المتغيرة فهي التكاليف التي تتغير مع تغير الكميات المنتجة كالمواد الأولية، وعمولاتِ المبيعات.

ويعدُّ البعضُ أنَّ التكاليف المتغيرة هي نفسها تكاليف الوحدات المنتَجة والمباعَة التي تُطرَحُ في قائمة الدخل للوصول إلى الربح الإجمالي، ولكن في الحقيقة هذا الأمر غير صحيح؛ فتلك التكاليفُ تتضمّن كلّاً من التكاليف الثابتة والمتغيرة. ويقول (Knight): "إنّ بعض التكاليف التشغيلية التي تُعدُّ ثابتةً هي في الحقيقة تكاليفُ متغيرة". فتكاليف المجموعات التي تشغّل نظم المعلومات والتمويل والمحاسبة -على سبيل المثال- هي تكاليفُ ثابتة؛ ولكن في بعض الأحيان يمكن أن يُعوَّضَ طاقمُ المبيعات بعمولاتٍ إضافية، وبذلك تصبح تكاليفَ متغيرة.

إنّ حسابَ هذه الحسابات على نحوٍ صحيحٍ سيستغرق كمّاً هائلاً من العمل، ثمّ إنّه من الضروري أن تكون متسقاً في تصنيفكَ للتكاليفِ إلى ثابتةٍ ومتغيرةٍ عبر الزمن، لكنَّ المعلوماتِ التي تحصل عليها عن الربحية على مستوى المنتج تستحق هذا الجهد.

 

كيف تستخدم الشركات هامش المساهمة؟

يساعد تحليل هامش المساهمة المدراءَ على اتخاذ العديد من القرارات؛ بدءاً من اتخاذ قراراتٍ عن إضافة خط إنتاج معين أو إلغائه؛ إلى كيفية تسعير منتج أو خدمة ما وتحديد هيكل عمولات المبيعات، لكنّ الاستخدام الأكثر شيوعاً له هو لمقارنة المنتجات وتحديدِ ما يجب إبقاؤه وما يجب التخلص منه. فإذا كان هامش المساهمة لمنتج ما سالباً؛ فهذا يعني أنَّ الشركة تحقق خسائر مع كل وحدة تُنتَجُ من هذا المنتج؛ وبذلك يجب على الشركة إلغاء هذا المنتج أو زيادة سعره. أما إذا كان للمنتج هامشُ مساهمة موجِب فهو يستحق الإبقاء عليه. وبحسب (Knight) فإنَّ هذا يكون صحيحاً حتى إذا كان الربح المحسوبُ تقليديًّا سالباً، وذلك لأن المنتج يمتلك هامشَ مساهمةٍ موجباً؛ وبهذا؛ يسهم في تغطية التكاليف الثابتة، وفي الأرباح.

ولهذا الأمر أهميةٌ خاصةٌ لدى الشركات التي تُنتِجُ العديد من المنتجات المختلفة، فعلى هذه الشركات إجراءُ الحسابات اللّازمة باستمرارٍ لأجلِ تحديد كيفية تخصيص الموارد المتاحة لها، وتركيز مواردها على تنمية أعمالها وزيادة أرباحها، وهو ما يتطلب اتخاذ القرارات في المنتجات التي تشكل عبئاً عليها ويجب إلغاؤها؛ ومن ثَمَّ فإنَّ هامشَ المساهمة يساعدُ في اتخاذ هذه القرارات.

 

ما هي الأخطاء التي يُوقَع بها؟

يقول (Knight): "إنَّ هناك العديد من الأخطاء التي يمكن أن تقعَ، وجميعُها ناتج عن حقيقةِ أنَّه ليست جميع التكاليف تتموضع بدقةٍ ضمن فئتي التكاليف الثابتة والمتغيرة، فإنَّ بعضَ التكاليف يمكن عدُّها شبه متغيرة (quasi-variable)".

على سبيل المثال؛ من الممكن إضافةُ آلةٍ جديدةٍ إلى عملية الإنتاج لأجل زيادة الإنتاج مؤقتاً. فمن ناحيةٍ أولى؛ يمكن النظر إلى هذه التكلفة أنَّها تكاليف متغيرة نظراً لارتفاع الإنتاج مع شرائها؛ ومن ناحيةٍ أخرى؛ يمكن النظر إليها أنَّها تكاليفُ ثابتة وذلك لأنَّها عملية شراءٍ مرَّةً واحدةً فقط ولا تتغير مع كمية الإنتاج.

ثمَّ إنَّ بعض الرواتب المدفوعة تتطلب من المحلل المالي اتخاذ قرار في تصنيفها على أنها تكاليف ثابتة أو متغيرة. ونفقات البحث والتطوير يجب أن تُدَقَّقَ أيضاً، ففي بعض الأحيان تُعدُّ تكاليفَ ثابتة، في حين يُنظَر إليها في أحيانٍ أخرى أنَّها تكاليف مباشرة مرتبطة بالمنتج. ومن الممكن أن يكون لهذه المشكلة في تحديد التصنيف المناسب للتكاليف أثرٌ كبيرٌ على قيمة هامش المساهمة عند حسابه.

ويوجد خطأٌ آخرُ من الممكن ارتكابه من المديرين؛ وهو افتراض وجوب إقصاء المُنتَجات ذات هامشِ المساهمة الأقل، في حين -حقيقةً- يجبُ عدم استخدام هامش المساهمة أو أيّ مقياس آخر للربح على نحوٍ منفردٍ عند اتخاذ هذا القرار؛ إنَّما يجب النظرُ في توزيع التكاليف الثابتة أيضًا. وعلى سبيل المثال؛ الأبقار النقدية "cash cows" للشركة؛ وهو مصطلحٌ ابتكرته مجموعةُ "بوسطن" الاستشارية، ويشير إلى المنتجات التي توفر للشركة دخلاً أو ربحاً ثابتاً. وتتطلب هذه المنتجات عموماً القليل من الدعم؛ في حين لا تتطلب من الشركة الاستثمار في المبيعات أو تقديم أي دعم في مجال البحث والتطوير، ومع ذلك؛ من الممكن أن يكون هامش المساهمة لهذه المنتجات منخفضاً، لأنها تتطلب تكاليف متغيرة عالية في الوقت الذي لا تحتاج فيه إلى تكاليف ثابتة. ومثل هذه المنتجات يجبُ ألّا تُلغى؛ لأنَّ هامش مساهمتها منخفض، إنما يجب أخذ تكاليف دعمها بالحسبان، ومقدار التكاليف الثابتة التي يتطلبها المنتج.

من ناحية ثانية؛ يؤكد (Knight) أنَّه في حال كان لبعضِ المنتجات هامشُ مساهمةٍ منخفضٌ؛ ولكنّها تملأ خطاً للإنتاج، أو تمثل حاجزاً أمام دخول المنافسين؛ فإنَّه يجب الإبقاء عليها، ومن ثمَّ فإنَّ النظر في هامش المساهمة وحدَه غيرُ كافٍ على الرغم من أنَّه يعطي كثيرًا من المعلومات، وإنَّما يجب أخذ مقاييس الربح الأُخرى بالحسبان قبل اتّخاذ أي قرارٍ تجاريٍ رئيسي.

المصدر:

هنا