الطب > مقالات طبية

قصور الصمام التاجي وتضيُّقه (Mitral Valve Regurgitation and stenosis)

يسمح القلبُ لنا بالبقاء على قيد الحياة؛ فهو يُمثِّل مُحرِّك سير عمل النظام العضوي في الجسم البشري، لهذا فإنه من المُهمِّ أن نقلق بشأنه وأن نبذل ما في وسعنا للحفاظ على أدائه بهدف ضمان استمرارية عمله طوال حياتنا.

نعلم الآن أنَّ خطرَ الإصابة بأمراضٍ قلبية مُعيَّنة يمكن خفضه عن طريق اتِّباع أسلوب حياةٍ صحيٍّ؛ وذلك بالحدِّ من مصادر الإجهاد ومُمارسة التمارين الرياضية بانتظام وترك التدخين والحدِّ من الاستهلاك المُفرط للكحول.

دعونا نلقي نظرةً على هذا العضو؛ العضلة المختلفة تمامًا في الواقع عن جميع العضلات الأخرى الموجودة في جسم الإنسان.

مثلما تحدّّثنا في مقالات سابقة عن أمراض القلب انطلاقًا من أمراض الشرايين (تصلُّب الشرايين) واعتلال عضلة القلب؛ مرورًا باضطرابات ضربات القلب التي تُؤثِّر في التوصيل الكهربائي؛ وصولًا إلى إصابات القلب الهيكليَّة النَّاجمة عن تشوُّهاتِ ما قبل الولادة؛ وأخيرًا أمراض صمامات القلب التي تُؤثِّر في كيفية عمل الصمامات التي تُنظِّم تدفُّق الدم إلى داخل القلب وخارجه.

للمزيد عن أمراض القلب:

هنا

سنتناول في هذا المقال استكمالًا لسلسلة التعريف بأمراض الصمامات؛ فما المقصود بالصمام التاجيّ؟ وما هي أهمُّ الأمراض التي تُصيبه (المُسبِّبات، والتشخيص، والوقاية والعلاج)؟

الصمام التاجيَ:

يقع الصمامُ التاجيّ الخاصّ بك بين الأُذين الأيسر والبُطين الأيسر من قلبك؛ إذ يُنظِّم تدفُّقَ الدم من رئتيك إلى البُطين الأيسر (غرفة الضخِّ الرئيسة)، ويأتي الدمُ الغنيّ بالأكسجين من رئتيك ليملأ الأُذينَ الأيسر، ثم يمرُّ عبر الصمَّام التاجيّ وصولًا إلى البُطين الأيسر حيث يُضَخُّ إلى بقيَّة الجسم.

تتلخَّص وظيفة الصمام التاجيّ في منع الدم من العودة إلى الخلف عندما ينقبض البُطينُ الأيسر؛ إذ يتألَّف الصمامُ التاجيّ من دعامتَين من الأنسجة التي يُطلَق عليها الوريقات (الوريقة الخلفية والوريقة الأمامية)، وهي مُحاطة بحلقةٍ تُعرف باسم (الحلقة التاجية)، ويحصل الصمامُ على اسمه من القبَّعة المكوَّنة من جزأين، والمعروفة باسم ميتة الأسقف (تاجه)، إضافةً إلى مجموعة شُعيرات متينة من النسيج الضامّ التي تُدعى بالأوتار، وهي تعمل على توصيل الجانب السفلي من الصمام بالعضلات الحليمية المتوضعة داخل البُطين الأيسر، وتُشكِّل هاتان البُنيتان أساسًا لعملية فتح الصمَّام وإغلاقه. والجدير بالذكر أنَّ الصمامَ التاجيَّ يُدعى بالصمام ثنائي الشُّرَف؛ لأنَّه يتألَّف من لوحَين يُعرفان بالمنشورات أو الأوراق، ولعلَّ إحدى أكثر المشكلات شُيوعًا والتي تُصيب الصمامَ التاجيّ هي القصور التاجيّ وتضيُّقه.

ما هو قُصور الصمام التاجيّ Mitral valve regurgitation؟

قصور الصمام التاجيّ المعروف أيضًا بالقلَس أو العجز التاجيّ: هو حالةٌ لا ينغلق فيها الصمام التاجيّ على نحوٍ صحيح؛ ما يُؤدِّي إلى تسرُّب الدم إلى الوراء في الأُذين الأيسر والرئتين، فيضطرُّ قلبُك إلى بذل جهدٍ أكبر لضخِّ الدم إلى الجسم.

ما هي المُسبِّبات والأعراض الأكثر شيوعًا؟

الأعراض:

تشمل علاماتُ القصور التاجيّ التي تعتمد على حِدَّته ومدى سرعة تطوُّر الحالة عمومًا: ضيقًا في التنفُّس، وعدمَ انتظامٍ في ضربات القلب، وتورُّمًا في القدمين، إضافة إلى الشعور بالتعب والإرهاق الشديدَين عند ممارسة أدنى نشاط.

الأسباب:

تتضمَّن الأسبابُ المُحتملة للإصابة بالقصور التاجي ما يأتي:

تدلِّي الصمام التاجيّ: في هذه الحالة الأكثر شُيوعًا تضعف الوريقاتُ والأوتارُ التي تدعم الصمامَ التاجيَّ وتتمدَّد؛ إذ تنتفخ وريقاتُ الصمَّام وتتدَّلى في الأُذين الأيسر مع كلِّ انقباضٍ للبُطين الأيسر.

النَّوبة القلبية: يمكن أن تُسبِّبَ النوبةُ القلبية خللًا في البِنى التي تدعم الصمامَ التاجيّ؛ ما يُؤثِّر في عمل الصمام، وقد تُؤدِّي النوبةُ القلبيةُ في بعض الأحيان إلى الإصابة بالقصور التاجيّ الشديد والمفاجئ.

تشوُّه (اعتلال) عضلة القلب: قد تتسبَّب بعضُ الحالات مثل ارتفاع ضغط الدم في جعل القلب يبذل جهدًا أكبر لأداء وظائفه؛ ما يُؤدِّي إلى تضخُّم البُطين الأيسر للقلب. ويمكن لهذا أن يعمل على توسيع النسيج المُحيط بالصمام التاجيّ؛ ما قد يُؤدِّي إلى التَّلف والإصابة بالقصور التاجيّ.

التشوُّهات القلبية الخلقية: يُولد بعضُ الأطفال بعيوبٍ أو تشوُّهاتٍ هيكليةٍ في بِنية عضلة القلب، وتشمل هذه المشكلات عيوبَ صمامات القلب التَّالفة.

زيادة ترسُّبات الكالسيوم والدهون في المنطقة المُحيطة بالصمَّام: وهي تُؤدِّي إلى إضعاف بنية الصمام، ومن ثمَّ إلى إصابته بالقصور على المدى الطويل.

ما هو تضيُّق الصمام التاجيّ:

يحدث تضيُّق الصمام التاجيّ عندما لا يُفتَح الصمامُ التاجيّ كاملًا؛ إذ يمنع الصمامُ المُتضيِّق تدفُّقَ الدم إلى البُطين الأيسر على نحوٍ صحيح؛ ولهذا السبب يجب على قلبك أن يعملَ بجدٍّ أكبر لضخِّ الدم عبر فتحة الصمام الأصغر، ويُمكن أن يتسبَّب ذلك في زيادة الضَّغط والسوائل في رئتيك بمرور الوقت.

الأعراض:

لا تتطوَّر الأعراضُ عادةً إلا بعد فترةٍ وجيزةٍ من المرض، وتكون خفيفةً في البداية، وتشمل هذه الأعراض: ضيقًا في التنفُّس، وسعالًا دمويًّا، وألمًا في الصدر، وتورُّمًا في القدمين، إضافةً إلى الشعور بالتعب والإرهاق عند مُمارسة أيِّ نشاط.

الأسباب:

تتضمَّن أسبابُ الإصابة بتضيُّق الصمام التاجيّ ما يأتي:

-الحُمَّى الروماتيزمية: وهي مرضٌ مُرتبطٌ بعدوى بكتيرية، ويُعدُّ هذا المرضُ السببَ الأكثر شُيوعًا وشهرةً للإصابة بتضيُّق الصمام التاجيّ؛ إذ يُؤدِّي إلى حدوث ندباتٍ في الصمام التاجيّ، ويمكن بدوره أن يُؤدِّي إلى تضيُّق الصمام مُسبِّبًا مضاعفات خطيرة للقلب. وقد تُلحِق مُضاعفاتُ التهاب الحلق والحُمَّى الروماتيزمية ضررًا جسيمًا بالصمَّام التاجيّ، ويجدر الإشارة إلى أنه قد لا تظهر علاماتُ تضيُّق الصمَّام التاجيّ إلا بعد عدَّة سنوات.

-ترسُّبات الكالسيوم: كلَّما تقدَّمنا في العمر يمكن أن تزدادَ نسبةُ ترسُّبات الكالسيوم حول الحلقة المُحيطة بالصمَّام التاجيّ (الحلقة التاجية)؛ ما قد يُسبِّب تضيُّقَ الصمَّام التاجيّ على المدى الطويل.

-أسباب أخرى: يُولدُ الأطفال بصمامٍ تاجيٍّ مُتضيِّقٍ (داء خلقي) في الحالات النادرة، والذي يُسبِّب مشكلات مع مرور الوقت. وتتضمَّن الأسبابُ النادرةُ الأخرى الإشعاعَ المُوجَّه إلى الصدر، وبعضَ أمراض المناعة الذاتية كالذِّئبة الحمامية.

ما خيارات علاج أمراض الصمام التاجيّ؟

يشمل العلاجُ كلًّا من الخيارات الطبية والجراحية.

العلاج غير الجراحي:

الإدارة الطبية: قد يكون العلاجُ بالأدوية ناجحًا في إدارة مرض صمامك اعتمادًا على شدَّة المرض؛ إذ يمكن أن يُخفِّفَ من الأعراض فقط، لهذا فإنه من المُهمِّ أن تُتابعَ حالتَك عن كثب مع طبيب قلبك. وهذا يشمل القيامَ بمجموعةٍ من الفحوصات المُنتظمة؛ منها التخطيط الدوريّ للقلب، واتِّباع أسلوب حياة صحيّ، وتناول الأدوية بانتظام لمساعدة قلبك على المضيِّ قُدُمًا.

قثطرة البالون Valvuloplasty:

يستخدم هذا الإجراء قثطرةَ البالون لتوسيع الصمام الخاصّ بك؛ ما يسمح لمزيدٍ من الدم بالتدُّفق عن طريقه؛ إذ يُوفِّر هذا الإجراء راحةً مؤقَّتةً من الأعراض.

العلاج الجراحي:

تُعدُّ جراحةُ الصمَّام التاجيّ إجراءً جراحيًّا يُصلَح فيه الصمامُ أو يُستبدَل به صمامٌ يعمل على نحوٍ صحيح. ويُفضِّل الأطباءُ عمليةََ الإصلاح على الاستبدال الكامل للصمام متى أمكن ذلك.

المصدر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا