الطب > علوم عصبية وطب نفسي

المفتاح لتذكر الأحلام وجد في منطقتين من الدماغ

هل سبق لك أن أحسست بالسقوط من مكانٍ مرتفعٍ أو سمعت همهماتٍ عاليةً أو حتّى ربما رأيت شخصاً مخيفاً يهدّدك ؟ ومن ثم، ومن دون سابق إنذار تستيقظ، آه، إنّه حلم! مجرد حلم!

حسناً إنّه حلم، لكن هل تتذكّره؟ البعض سيجيب بنعم و البعض بلا، لماذا هذا الاختلاف يا ترى؟ وبتعبيرٍ علميّ، ما الذي يحصل في عقولنا عندما ننام فيستطيع البعض تذكر الأحلام بينما لا يستطيع الآخرون ذلك ؟ بعد أن تستيقظ من الحلم، أيّ حلم، سيكون احتمال تذكرك إياه قائماً، أما إذا أسبلت جفنيك للنوم مباشرةً دون أي محاولةٍ لتذكر الحلم أو تدوين ملاحظاتٍ عنه فكن متأكداً انك لن تتذكر منه شيئاً.

إننا نعرف القليل، القليل جداً عن الأحلام، ولذلك بذل الباحثون جهودهم في هذا الصدد ليحاولوا إماطة اللّثام عن إجابات الاسئلة السابقة وغيرها.

و وجهتنا الآن هي مركز ليون للأبحاث العصبية في فرنسا، حيث قسّم العلماء هناك الناس إلى صنفين : "ذوو القدرة على تذكر الأحلام high dream recallers" و "ضعيفو القدرة على تذكر الأحلام low dream recallers" و وجدوا أن الصنف الأول يقضون وقتاً أطول مستيقظين وهم أكثرُ استجابةً للمنبهات السمعية من الصنف الثاني أثناء النوم، وقد أرجع الباحثون قدرة بعض الأشخاص على تذكر أحلامهم إلى النشاط العصبي الكبير أثناء نومهم.

لماذا يتذكر البعض أحلامهم ؟

لنفهم ذلك فقد خطا العلماء خطوةً إلى الأمام، فبحثوا عن مناطق في الدماغ تتعلق بالأحلام و تكون نشطةً في حالتي اليقظة و النوم لدى كلا الصنفين . ولذلك، وفي عينةٍ مؤلفةٍ من 41 شخصاً، صنّف 21 شخصاً أنفسهم على أنهم "ذوو قدرةٍ على تذكر الأحلام " فهم يتذكرون 5.2 من أحلامهم في الأسبوع، وأما الـ 20 الآخرون فقد صنّفوا أنفسهم على أنهم "ضعيفو القدرة على تذكر الأحلام" فهم يتذكرون حلمين فقط في الشهر.

و باستعمال تقنية تشكيل الصور بإشعاع البوزيترون "positron emission tomography PET،" لأخذ رؤيةٍ واضحةٍ عن نشاط الدماغ، وجد العلماء أن القادرين على تذكر الأحلام يبدون نشاطاً عصبياً كبيراً في منطقتين من الدماغ، الأولى : القشرة أمام الجبهيّة الأنسيّة medial prefrontal cortex، و هي المسؤولة عن تشكيل السياق والأماكن والأحداث والاستجابات المناسبة كالعاطفة.

أما المنطقة الثانية، و هي المنطقة الواصلة بين الفصين الصدغي و الجداري في المخ temporoparietal junction، فهي المسؤولة عن المحاكاة وتشكيل الصور، سواءً للشخص الذي يحلم أو للشخصيات الأخرى في الحلم.

وبذلك فإن هاتين المنطقتين ليستا مسؤولتين عن تشكيل الأحلام فقط، بل وعن تذكّرها أيضاً.

"إن ذلك قد يشرح لنا لماذا يكون القادرون على تذكر الأحلام أكثر تأثراً للمنبهات في البيئة المحيطة، و نومهم أقل عمقاً، وأفضل في حفظ الأحلام في الذاكرة" هذا ما صرح به أحد الباحثين في المركز، وتابع "بكل تأكيد فإن الدماغ النائم لن يكون قادراً على حفظ المعلومات الجديدة، فلا بد أن يكون مستيقظاً ليفعل ذلك".

وعلى الرغم من أنّ هناك من يُظهر أسفه لعدم قدرته على تذكّر الأحلام، فإني أبشّره بأن هناك طرقاً ليصبح قادراً على إعادة تشكيل المفاهيم و المعلومات التي كانت في حلمه، وبتعبيرٍ آخر فإن تنشيط المنطقتين السابق ذكرهما هو الحل لذلك.

طرق تذكر الأحلام :

1-المعالجة عن طريق النافذة The Window Treatment:

رغم أن الأشياء التي تحدث في الأحلام تكون مبعثرة، إلا أنّ هناك بعض التفاصيل التي ينتظمها تسلسلٌ معين. وبإمكاننا تدريب أدمغتنا على تذكر هذه التفاصيل عن طريق تشكيل المشاهد مرةً أخرى في الحياة الواقعية بتقنية تسمى "المعالجة عن طريق النافذة ".

عندما تستيقظ من حلم، أريدك أن تحجز خمس دقائق من وقتك لهذ النشاط البسيط، انظر عبر النافذة، ما الذي تراه؟ ألوان، أشكال، أشخاص وأشياء، أريدك أن تنتبه لكل التفاصيل، ألوان الأشياء، انتبه حتى للون الأحذية، ولسرعة تحرك الأشياء، وللفراشات والكلاب، وإذا كانت هناك سيارةٌ قادمة، ما هو لونها و ما هو نوعها وهل عليها أي زخرفات؟

سجّل ما رأيت على الورق، سجّل كل التفاصيل و تذكّر، الهدف هو تسجيل ما تراه، لا تحاول تشكيل أشياءٍ عن طريق عقلك. إنك بهذه العملية تدرب ذهنك على تذكر تفاصيل الحياة الواقعية و بالتالي على تذكر الأحلام.

2- الاستيقاظ طبيعياً:

عندما يرنّ جرس المنبّه، فغالباً سوف يجعلنا نقفز من السرير، ممّا سيقاطع حركة عيننا السريعة REM sleep - وهي المرحلة التي تتشكّل فيها الأحلام غالباً، وتتكرّر أكثر من مرة خلال النوم - وبالتالي سيؤدي إلى إخراجنا من أحلامنا، وتبخّر أجزاء كبيرة منها من ذاكرتنا.

وبتعبيرٍ آخر، إن الاستيقاظ الطبيعي هو مرحلةٌ انتقاليةٌ هادئة بين النوم و اليقظة، ويُفترض أن يساعد وجوده على تذكّر الأحلام. وإنّ أخذ قيلولةٍ سيساعد على ذلك أيضاً.

3- صحيفة الأحلام Dream Journal:

إذا كنت فعلاً راغباً في تذكر أحلامك، ،وأخذ أحلامك إلى مراحل متقدمة، تدعى "الأحلام الواعية Lucid dreams"، فإنّ دفتر ملاحظاتٍ سوف يساعدك في هذه المهمة، والطريقة التي ستتّبعها شبيهةٌ إلى حدٍّ كبير بالطريقة الأولى، إلا أنّها مجزّأة أكثر، فعليك كتابة أي جزء تتذكّره من الحلم في أي وقت.

بعد أن تستيقظ من النوم، سجّل – كما فعلت في الطريقة الأولى – أبسط التفاصيل على الورق أو بالأحرى على دفتر، أو رؤوس أقلامٍ فقط إن لم تُرِد تسجيل كلّ شيء، وبعد فترةٍ من الوقت ستصبح أحلامك أكثر وضوحاً وتذكرها سيتحسّن كمّاً ونوعاً.

حسناً، أنا كمترجمٍ لهذا المقال، لم أجرب أيّاً من هذه الطرق كوني بالكاد فرغت من قراءته، لكن أرجو من كل من يجرب أن يزودنا بنتائج تجاربه لعل الجميع ينتفع.

المصدر: هنا

مصدر الصورة: هنا