الفلسفة وعلم الاجتماع > الفلسفة

مبرهنة بايز لإثبات وجود الله.

توماس جوشوا بايز؛ عالمُ رياضيات وفيلسوفٌ إنجليزيٌّ، يُعرف أنّه طوّر واحدةً من أهمِّ المعادلاتِ في الإحصائيّاتِ التي عُدَّتْ مهمّةً في مجالاتِ علْمِ البياناتِ والتعلم الآلي والذكاء الاصطناعيّ (نظرية الاحتمالات الإحصائية).

تُعدُّ مبرهنةُ بايز أهمّ نظرياتِ الاحتمالات التي تُعطي التوزيعَ الاحتماليَّ الشرطيَّ للمتغيّرِ العشوائيّ A مع العلم بالمتغيّر العشوائي B، وذلك بدلالةِ التوزيع الاحتماليّ الشرطيّ للمتغيّر العشوائيّ B مع العلم بـ A والتوزع الاحتمالي للمتغيرين A وB.

ولم ترَ مُبرهنةُ بايز النّورَ -وهي من أشهر من إنجازاته- إلا بعد وفاته؛ إذ عدَّلها صديقُه الفيلسوف الإكتواري* ريتشارد برايس ونشرها.

وقد استخدمَ برايس معادلةَ بايز كوسيلةٍ لإثباتِ وجودِ الله على غرار المؤرّخ الإحصائيّ ستيفن ستيغلر وعالم الحواسيب والفيلسوف جوديا بيرل.

ولكن أجمع العلماء -في الحقيقة- على أنّ بايز لم يستعملْ هذه المعادلةَ لإثبات وجودِ الله؛ إذ لا يوجد ذكر الله في " نحو حل مشكلة في عقيدة الفرص"؛ الذي قُدّم بعد وفاته للجمعيَّة الملكية  في لندن عام 1763.

كمؤمن في معجزة قيامة يسوع، أخذ برايس استثناءً.

كان يُعتقدُ أن صيغةَ بايز أُثبتتْ بأنها خاطئةٌ في مقالٍ 1767، ويوضّح برايس أنّه حتى لو لاحظ الشخص أن المد قد جاء في المليون مرة على أساسٍ إحصائيّ، لا يُمكن القولُ على نحوٍ معقول أنّه لن يتوقّف عن الدخول.

باستخدام مبرهنة بايز، واستنادًا إلى تلك الملاحظات المليون؛ يحسب برايس أنَّ هناك احتمالًا بنسبة 50٪ بأن الاحتمال الحقيقي للمدّ لا يأتي في يوم واحد هو في مكان ما بين 1 في 600000 و 1 من 3 مليون.

ولذلك؛ قال إنّه ليس من الممكن القضاءُ على فرصة حدوث معجزة على أساس عدد كبير من الملاحظات السلبية.

ولتفسير مبرهنة بايز نستحضر المثال الآتي لـ "كريس ويغينز"؛ الأستاذ المساعد في الرياضيات التطبيقية في جامعة كولومبيا :

عندما يُجري الطبيب اختبارًا لمريضٍ ما؛ فإنّ نسبةَ مصداقيّة الاختبار هي 99 في المائة، والطبيبُ يعرفُ أنّ 1 بالمائة فقط من الأشخاص في المدينة مرضى.

السؤال الآن:  إذا تحصّل المريضُ على نتيجةِ اختبارٍ إيجابيّ ؛ فما هي فرصُ إمكانيّةِ كونِهِ مريضًا؟

إذا كان الجواب هو 99 بالمائة؛ فهو غير صحيح، في حين أنَّ  الجواب الصحيح هو 50 بالمائة.

‏ وهنا تقدِّمُ نظريّةُ بايز لنا العلاقةَ بينَ ما نعرفُه وما نريدُ أن نعرفَهُ في هذه المسألة.

-  ‏ما هو معطى أو ما نعرفُه هو(p(+|s؛ أي  ''احتمالية أن تكون نتيجةُ اختبارِكَ إيجابيّةً علمّا بأنّك مريضٌ''.

- ما نريدُ معرفتَه هو (+|p(s؛ ''احتماليّة أن تكونَ مريضًا علمًا  بأن نتيجةَ اختبارك إيجابية''.

النظرية هي : (+)p(s|+) = p(+|s) .p(s)/p

احتمالية أنَّ نتيجة اختبارك كمريض إيجابية هي نتاجٌ لكون نتيجة اختبارك إيجابية واحتماليَّة أن تكون مريض.

إذا فرضنا وجود 10000 شخصًا في مدينة صغيرة؛ مع العلم المُسبق بأنَّ p(s)=0.01؛ أي أنَّ 100 شخص هم مرضى و9900 أصحّاء.

وإذا مرَّرنا الاختبار على الجميع؛ فإن النَّتيجة المحتمَلة هي أن 99 من 100 شخص مريض تحصَّلوا على نتيجة اختبار إيجابيَّة؛ وبذلك نقول أنَّ الاختبار يحوي على 1 بالمائة نسبة خطأ.

وكذلك؛ من المحتمل أن يكون 99 بالمائة من الأشخاص الأصحاء تحصَّلوا على نتائج اختبار إيجابيَّة.

و‏الآن؛ إذا أرسل الطَّبيب كلَّ من كان اختباره إيجابيّ إلى المستشفى؛ فسيكون هناك عدد متساوٍ من المرضى والأصحَّاء.

وإذا التقينا بأحد منهم، إلى أن تلقينا معلومة أنَّ اختباره كان إيجابيًّا؛ فإنَّ نسبة كونه مريض هي 50 بالمائة فقط.

وبناء عليه؛ فتحَت احتمالية توقّع شيءٍ مع عدم التَّثبت من صحته المجالَ إلى إدخال مسألة الإيمان بالله والغيبيات في هذه المعادلة الإحصائيَّة التي أُطلق عليها اسم مبرهنة بايز.

وقد أضحت المناقشة العلميَّة للدين حامية، وخاصَّة بعد انتشار ثلاثة كتبٍ تُناقش مسألة الإيمان بالله؛ أحدها هو "وهم الإله " لريتشارد دوكينز، والذي يناقش استخدام نظرية بايز لإثبات احتمال وجود الله.

تقوم  نظرية بايز على تعيين أرقامٍ لاحتمال وجود الله، وقد لجأَ  عديدٌ من علماء الدّين إلى هذه النظرية؛ ريتشارد سوينبورن على سبيل المثال؛ وقدَّر احتمال وجود الله ليكون أكثر من 50 في المائة في عام 1979 وذلك بناء على احتمال مسبق بنسبة 50٪؛ لأنه لا يوجد سوى خيارين: إمَّا أن الله موجود أو غير موجود.

وهنا تكمن الثَّغرة التي ركّز عليها دوكينز؛ إذ أقرَّ أن المشكلة لا تكمن في معادلة بايز، بل في الافتقار إلى المعطيات لوضع هذه الصيغة.

‏المعادلة دقيقةٌ جدًّا، ولكنَّ الأرقام المُدرَجة غير كافية؛ على حدّ قول داوكينز.

وعلى نحوٍ عام؛ تُستخدمُ نظريَّة بايز في حساب  أيّ احتمال "عشوائي" من باقي الاحتمالات

(على سبيل المثال؛ ( p (+ | s و (p (+ | h، احتمال إجراء اختبار إيجابيّ علمًا بكونه مريضًا أو صحيًا)

والاحتمالات السابقة (p(s) and p(h)): p(+)=p(+|s)p(s)+p(+|h)p(h).

مثل هذا الحساب عامٌّ جدًّا؛ إذ - وعلى نحوٍ تقريبيّ - إنَّ كلّ تطبيق للاحتمالية أو الإحصاء يجب أن يستدعي مبرهنة بايز في مرحلة ما.

بهذا المعنى؛ فإنّ نظرية بايز هي في صميمُ كل شيء؛ من علم الوراثة إلى جوجل، من التَّأمين الصّحي إلى صناديق التحوّط.

‏إنَّها علاقة مركزية للتفكير على نحوٍ ملموس بشأن عدم اليقين، وإعطاء بياناتٍ كميَّة لاستخدام الرّياضيات كأداةٍ للتّفكير بوضوح.

الإكتواري:

المفكّر التجاري المتمرّس في النَّظريات والتَّطبيقات في علوم الرياضيات والإحصاءات والإقتصاد وحساب الاحتمالات والعلوم الماليَّة.

المصادر:

1-هنا

2-هنا

3-هنا

/p>