المعلوماتية > الذكاء الصنعي

موجات دماغك وإيماءات يديك لتوجيه حركة الروبوتات!

هل بإمكاننا التّحكم بالروبوتات عن طريق موجات الدماغ وإيماءات اليدَين؟

أجل؛ استطاع بعض العلماء -مع تطوّر العلم في السنوات الأخيرة- العملَ على مشروع كهذا؛ إذ يطوّرُ باحثون من مختبر علوم الكمبيوتر والذكاء الصّنعي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (CSAIL) نظامًا جديدًا يسمحُ للمستخدمين بتصحيح أخطاء الرّوبوت على الفور باستخدام إشارات الدماغ ونقرِ الأصابع.

وبناءً على عمل الفريق في السّابق، والذي كان يركّز على أنشطة الرّوبوتات البسيطة ثنائيَّة الخيار (Simple Binary-Choice)؛ يعملُ النّظام الجديد على توسيع النّطاق إلى مهامّ اختيارات متعدِّدة (Multi-Choice Tasks)؛ ما يفتح إمكانيّاتٍ جديدةً في هذا المجال.

وعبر مراقبةِ نشاط دماغ شخصٍ ما؛ يمكن أن يكتشف النّظام - في الوقت الحقيقيّ - وجود خطأ ما في أثناء قيام الروبوت بمهمّة؛ وذلك في حال لاحظ الشّخصُ هذا الخطأ، ويمكن للشّخص القيام  بإيماءاتٍ يدويّةٍ للانتقال بين الخيارات وتحديد الخيار الصَّحيح الذي يجبُ على الروبوت تنفيذه؛ عبر استخدام وسيطٍ يقيس حركة العضلات.

جرّبَ الفريق النّظام على مهمَّة يُحرّكُ الروبوت فيها مثقابًا كهربائيًّا إلى أحد ثلاثةِ أهدافٍ محتملةٍ على جسمِ طائرةٍ أنموذجيَّة، ومن الجدير بالذكر أنَّ النظام ذاتيّ التعلم؛ أي أنه لم يُدرَّب مسبقًا على أداء المهام؛  بل يتعلّمُ من خلال البشر المتحكّمين به؛ ما يعني أنَّه يمكن نشره في إعداداتِ العالم الحقيقي دون الحاجة إلى تدريبِه مُسبقًَا.

وتقول دانييلا روس؛ مديرة CSAIL التي أشرفت على العمل بنفسها: "يتيح هذا العمل الّذي يجمع بين التَّغذية الكهربائيَّة للدّماغ (EEG) والنَّشاط الكهربائي للأنسجة العضلية (EMG) التفاعلَ الطَّبيعي بين الإنسان والآلات لمجموعة على نحوٍ أوسع من النّظم السّابقة المعتمِدة فقط على تغذية EEG،  فبإضافة تغذية العضلات؛ تمكَّنا من استخدام الإيماءات لقيادة الروبوت فيزيائيًّا على نحوٍ أوضح وأدقّ من السابق".

التفاعل الحدسيّ بين البشر والروبوتات

كانت الأنظمة قادرة -في معظم الأبحاث والتّطبيقات السابقة- علّى التعرف إلى إشارات الدماغ فقط، وذلك عن طريق تدريب المستخدم على التَّفكير بطرائق محدَّدة للغاية (مهما كان موضوع الأفكار)، وتدريبِ النّظام على التعرف إلى إشارات دماغ المستخدم، فعلى سبيل المثال؛ يُطلبُ من المستخدم النَّظر إلى عدّة أضواء مختلفة تتوافق مع مهامّ الروبوت في أثناء جلسة التدريب.

وليس من الغريب أن يصعب على الناس التعامل مع هذه المقاربات عل نحوٍ موثوق، وخاصَّة إذا كانوا يعملون في مجالات تتطلب تركيزًا مكثَّفًا مثل البناء أو المِلاحة.

وفي الوقت نفسه؛ سخّرَ فريقُ روس طاقة إشارات الدماغ المسمَّاة "الجهود المتعلقة بالأخطاء" (ErrPs)، والتي وجد الباحثون أنَّها تحدث طبيعيًّا عندما يلاحظ الناس الأخطاء، ففي حال وُجدت إشارة Errp؛ يتوقف النظام على نحوٍ لا يمكن للمستخدم تصحيحه، وإذا لم يكن هناك أيَّة إشارة؛ فإنَّ العملية تستمر.

ويقول جوزيف ديلبريتو؛ أحد المشاركين في فريق روس: "الرَّائع في هذه المقاربة هو أنَّه ليس هناك أيّة حاجة لتدريب المستخدمين على التَّفكير بطريقة محدّدة؛ بل إنَّ الآلة هي من يقوم بالتكيّف معك، وليس العكس".

واستخدم  الفريق في هذا المشروع "باكستر"؛ وهو روبوت من صنع شركة rethink للروبوتات. وتمكن الروبوت بإشراف الدّماغ الإنساني والإيماءات من اختيار الهدف الصحيح بنسبة 97 بالمئة، مقارنة بـ 70 بالمئة دون الإشراف البشري.

ولإنشاء هذا النظام؛ قام الفريق بتسخير طاقة التخطيط الكهربائي (EEG) لنشاط الدماغ، بالإضافة إلى التصوير الكهربائي (EMG) لنشاط العضلات، ووضع سلسلة من الأقطاب الكهربائية على فروة الرأس والساعد للمستخدم، ويحوي كِلا المقياسان على بعض العيوب المتفرّقة؛ فإشارات الـ EEG صعبة القراءة على نحوٍ موثوق، كما أن إشارات الـ EMG محدودة وما تزال محصورة في التحريك إلى اليسار أو اليمين فقط، ومن الصعب إضافة حركات أكثر دقّة، إلَّا أن دمج الاثنين معًا يسمح باستشعار حيويّ أكثر سلامة، ويجعل النَّظام قادرًا على العمل مع مستخدمين جدد دون تدريب.

ويقول ديلبريتو: "من خلال النَّظر إلى إشارات كلّ من العضلات والدماغ؛ يمكننا أن نبدأ في التقاط إشارات الشَّخص الطبيعيَّة إلى جانب قراراته المفاجئة عن ما إذا كان هناك شيء ما يحدث على نحوٍ خاطئ؛ إذ يساعد ذلك في جعل التواصل مع الروبوتات أشبه ما يكون بالتَّواصل مع أشخاص آخرين".

ويقول الفريق أنه من الممكن للنظام -يومًا ما- أن يصبح مفيدًا لكبار السن، أو العمَّال الذين يعانون من اضطرابات لغوية أو من محدوديَّة الحركة.

وتقول روس: "نحن نرغب في الابتعاد - قدر الإمكان- عن عالم تقوده تقييدات الآلات التي تَفرض على البشر التكيف مع تعقيداتها، وإنَّ مقارباتٍ كهذه تُظهِر أنَّه من الممكن جدًّا تطوير الأنظمة الروبوتية التي يمكننا أن نعدّها امتدادًا أكثر طبيعيَّة وبديهيَّة للبشر".

مُوِّلَ هذا المشروع جزئيًّا من قبل شركة بوينغ.

المصادر:

هنا