التعليم واللغات > اللغويات

لماذا يفهم النصف الأيسر من الدماغ اللغة أفضل من الجهة اليمنى؟

لماذا يفهم النصفُ الأيسر من الدماغ اللغة فهمًا أفضل من اليمنى؟

وفق تقرير نشره باحثون في جامعة (رور) Ruhr في بوخوم وجامعة دريسدن التقنية في مجلة Science Advances تمتلكُ الخلايا العصبية في منطقة المستوى الصدغي في الدماغ planum temporale  (المجاورة للقشرة السمعية) نقاطَ تشابكٍ عصبي في نصف الدماغ الأيسر أكثر من النصف الأيمن، وهو أمر جوهري لمعالجة الكلام المسموع بسرعة، وكان هناك دليلٌ قاطعٌ على أن الجزء الأيسر من الدماغ هو المسيطرُ على اللغة، ورغم ذلك لم تزل العملية الأساسية على المستوى التشريحي العصبي غيرَ مفهومة كفاية. وقد ساعد شكلٌ جديدٌ من صور الرنين المغناطيسي (المرنان) MRI المرافقِ لقياسات تخطيط أمواج الدماغ كهربائيًا EEG في ربط الفحص الدقيق للبنية المجهرية للمستوى الصدغي مع سرعة معالجة الكلام المسموع.

سيطرة اللغة في نصف الدماغ الأيسر

تمكّن الباحثون باستخدام تجربة بسيطة من تبيانِ سيطرة نصف الدماغ الأيسر عند معالجة الكلام؛ فعند إصدار مقطعين مختلفين، مثل ‘‘دا’’ و‘‘با’’ للأذنين اليسرى واليمنى باستخدام سماعات رأس، سيظن معظم الناس أنهم سمعوا المقطع من الأذن اليمنى فقط، والسبب في ذلك هو أن اللغة التي تُدرِكها الأذنُ اليمنى تعالَج في النصف الأيسر، وعندما تُقاس الأمواج الدماغية بواسطة تخطيط أمواج الدماغ، يظهر أن النصفَ الأيسر يعالِج معلومات الكلام بسرعة أكبر.

وقد قرر الباحثون أن منطقة المستوى الصدغي في الدماغ، التي تُعد أساسية في معالجة الكلام المسموع، دائمًا ما تكون أكبر في النصف الأيسر منها في النصف الأيمن من الدماغ، ولوحظ هذا في أدمغة الأشخاص المتوفين الذين تبرعوا بأجسادهم للعلم؛ إذ اكتشف باحثون في فرانكفورت لاحقًا أن الخلايا العصبية في المستوى الصدغي الأيسر لديها عددٌ أكبر من نقاط التشابك العصبي من تلك الموجودة في النصف الأيمن.

طريقة قياس جديدة تسهّل الإدراك الدقيق

ومع ذلك لم يُفهم من قبل إن كانت البنية المجهرية غير المتماثلة هي العاملُ الحاسم لتفوّق النصف الأيسر عندما يتعلق الأمر بمعالجة الكلام المسموع، وبما أن طريقة إحصاء عدد نقاط التشابك العصبية في البشر الأحياء لم توجد إلا مؤخرًا، فلم يكن من الممكن ربط ذلك العدد نِهَائِيًّا بمعالجة الكلام المسموع.

أغلق الباحثون هذه الثغرة بمساعدة ما يُدعى تصويرَ تبعثر تيار العصبون وكثافته، وقد قاس علماء البيولوجيا النفسية باستخدام تقنية الرنين المغناطيسي الخاصة هذه الكثافةَ والترتيبَ المكاني أو الفراغي للعصبونات في المستوى الصدغي لدى ما يقرب من مئة مشارك في الاختبار، كما استخدموا في الوقت نفسه قياساتِ تخطيط أمواج الدماغ لتحليل سرعة معالجة معلومات الكلام المسموع في كلٍّ من النصفين الأيمن والأيسر لدى المشاركين.

سرعة أكبر والفضل يعود لعصبونات أكثر

أظهرت النتيجة أن المشاركين في الاختبار الذين كانوا قادرين على معالجة الكلام المسموع في النصف الأيسر بسرعة كبيرة امتلكوا عددًا أكبر وغير اعتيادي من عصبونات مجمَّعة بكثافة في المستوى الصدغي الأيسر، وبسبب هذه البنية المجهرية فإن معالجة الكلام المسموع لديهم أسرع في النصف الأيسر، ويُفترض أن هؤلاء الأشخاص يمكنهم تحليلُ ما يسمعونه بدقّةٍ زمنية أعلى من سواهم، ما يعني أن كثافةَ الاتصال هي المكوِّن الحاسمُ لسيطرة نصف الدماغ الأيسر على اللغة.

المصدر: 

جامعة رور في بوخوم

هنا
provided by هنا