الطب > مقالات طبية

الجراحةُ علاجًا للأمراضِ النفسية

تُعَدُّ الجراحةُ إحدى أهمِّ طرائق علاج الأمراض وأكثرِها فعالية، وعلى الرَّغم من تسارُعِ الاكتشافات العلميَّةِ وتوظيفِ التكنولوجيا في خدمة الطب؛ فإنَّ العملياتِ الجراحيةَ في مجالِ الطبّ النَّفسي لا تزالُ أضًا غيرَ مُكتَشفةٍ بالكامل.

لقد نُفِّذت أوّلُ عمليةٍ جراحيَّةٍ نفسية باضعةٍ من قِبَلِ الطبيب أنطونيو إيغاز مونيز في ثلاثينيّات القرن الماضي، وشكَّلت قفزةً نوعيّةً في مجال الطب النفسي؛ إذ استهدفت علاجَ الاكتئاب والهوَس والفُصام عبرَ إجراء leucotomy بَضعِ مُقَدِّمةِ الفَصّ الجَبْهِيّ، إذ تُدمَّرُ أجزاءٌ من الفص الجبهي للدماغ باستخدامِ أداةٍ تشبه الإبرة مع سلكٍ قابلٍ للسحب، وقد استخدم مونيز في بدايةِ الأمر الكحولَ لتدميرِ الألياف العصبية، وقد خَفَّفت هذه العمليةُ من حدَّة الأعراض، لكنَّ آثارَها الجانبية السلبية قد فاقت محاسنها؛ إذ عانى المرضى من تغيير جذري في شخصياتهم، وسرعانَ ما تحوَّلوا إلى مُعاقين عقليّاً، وعلى الرَّغم من ذلك؛ فقد استمرَّ العملُ بها إلى أن اكتُشِفَت العلاجاتُ الدوائية وبدأَ الاعتماد عليها في علاج الأمراض النفسية منذ منتصف الخمسينيّات من القرن الماضي.

لقد تطوَّر إجراءُ بَضعِ مُقدَّم الجبهي فيما بعد؛ إذ ظهرت جراحةُ التوضيع الجسماني التي سمحت للأطباء باستهداف مناطق دقيقة ومحددة من الفص الجبهي للدماغ وتدميرها بتيَّارٍ كهربائي بمساعدة التصوير بالرنين المغناطيسي وبنظام ثلاثي الأبعاد.

يُلجأ إلى جراحة الأعصاب للاضطرابات النفسية (NMD) في الحالات الحادة والحَرِجة من الاكتئاب، واضطرابات القلق، واضطراب الوسواس القهري؛ إذ قد يبدأ المرضى بملاحظةِ تغيُّراتٍ في مزاجهم وتَحسُّنٍ عادةً في غضون شهرَين الى تسعة أشهر من تاريخ العملية، ونادرًا ما تُستخدَمُ جراحةُ الأعصاب للاضطرابات النفسية (NMD) في يومنا هذا، فقد يقتصر استخدامُها على الحالات الآتية:

التأثيرُ الشديدُ لحالة المريض في حياته اليومية.

الحالةُ الطويلةُ الأمد.

فشلُ الوسائل غير الباضعة في العلاج؛ كالعلاج السلوكي المعرفي، والأدوية النفسية، والعلاجِ بالصدمات الكهربائية.

قد تترافق الجراحة مع بعضِ الأعراض الجانبية وتختلفُ باختلافِ نوع الجراحة المُنفَّذة، ومن أهمّ الأعراض: الصداعُ، والارتباكُ، والغثيانُ، وزيادة الوزن، وعدمُ المبالاة، واضطراباتُ النوم.

تُعَدُّ جراحة الأمراض النفسية موضعًا للجدل وقيدَ دراسةٍ حتى يومنا هذا؛ لكنّها قد تغدو حلًّا بديلًا في المستقبل في علاج الأمراض النفسية مع تطوير تقنياتٍ جراحيةٍ أقلَّ غزوًا وأكثرَ دقّةً. (المصدر الثاني)

المصادر :

1- هنا

2- هنا

3-هنا

4- هنا

5- هنا