الفيزياء والفلك > أطلس الكون المصوّر

مذنَّب هالي أحدُ أكثر المذنَّبات شهرةً في تاريخِ البشريَّ

مصدر هذا المذنب هو حزام كيبلر على الحدود الخارجيَّة للمجموعة الشمسيَّة ويدور حول الشمس إهليلجيًا

مذنبُ هالي أحد أهم المذنبات المرئيَّة بالعين المجرَّدة، والتي يمكن رؤيتها مرتين على الأكثر في حياة الإنسان؛ إذ إنَّ فترة دورانِه تتراوح بين 74–79 سنة، ويعود ذلك التباينُ في مدة دورانه لتأثُّره بالتوزُّع غير الثابتِ لكواكب المجموعة الشمسيَّة بين دورانٍ وآخر.

يُنسب إلى إدموند هالي -الفلكي الذي عاصر نيوتن وتنبَّأ بظهوره- ولكن ذُكر ظهورُه في العديد من الثقافات عبر الزمن؛ من بينها بعض النقوش الصينية والبابلية والكتابات المصرية، وكذلك في المخطوطاتِ العربيَّة والصينيَّة غير مرة، وفي تواريخ متطابقةٍ مع مواعيد قدومه

ذُكِر مذنب هالي مراتٍ عدَّةً في المخطوطات والتراث العربي، موصوفًا وصفًا يتَّفق مع شكل المذنَّب وفي تواريخ تتفق فلكيًا مع مواعيدِ ظهورِه، ونذكر مثلًا قول الشاعر أبي تمام

وخَوِّفوا الناس من دَهياءَ مُظلمةٍ *** إذا بدا الكوكبُ الغربيُّ ذو الذَّنبِ

تبلغُ أبعادُ نواتِه بحدود 8 كلم سماكة، و8 كلم عرضًا، وقرابة 15 كم طولًا، ونحو ٢٤٢،٥ مليار طنٍ وزنًا، ويدخل في تكوين نواته عناصر أهمها؛ الهيدروجين والكربون والأوكسجين والنيتروجين والمغنيسيوم إضافةً إلى الحديد والسيليكون، وتكون أغلب تلك العناصر على شكل مركَّباتٍ كجليد الماء و أحادي أكسيد الكربون وثنائي أكسيد الكربون وأكسيد الحديد وأكسيد السيليكون.

كان لفيزياء نيوتن دورٌ كبيرٌ في معرفة مسار المذنَّب،ولاسيما بعد طلب هالي من نيوتن المساعدة في دراسة القدوم المُقبل للُمذنّب ، فخرج نيوتن من عُزلَته التي دخل فيها بعد خِلافه من لابنتز، فساعدت بذلك دراسة المُذنَّب في خروج قوانين نيوتن للعَلن.

في أواخر القرن الثامن عشر سادَ الرعبُ أرجاءَ أوروبا من احتمال أن يؤدِّيَ قدوم مذنَّب هالي المتوقع عام 1911 إلى دمار المجموعة الشمسيَّة، إذ تمكَّن الميكانيك النيوتوني من توصيف حركة جسمين بدقةٍ كبيرة، ولكن تصبح المعادلات بالغة التعقيد لتوصيف حركة عدَّة أجسام، فدخول المذنَّب إلى المجموعة الشمسيَّة سيؤدي إلى اضطرابٍ في حركة الكواكب ولا يُعرف فيما إذا كان ذلك الاضطراب مستقرًا أم أنَّه سيؤدي إلى كارثةٍ تؤدي إلى تمزُّق المجموعة الشمسيَّة، أجاب هنري بوانكاريه جزئيًا عن هذا السؤال ليحصل على جائزة الملك أوسكار 1889.

شكَّلت مسألةُ الاضطراب الذي يمكن أن يسبِّبه مذنَّب هالي عند دُخوله المجموعة الشمسية، أساسًا لتطوير علمِ الأنظمةِ الديناميكية * ونظرية الفوضى ** وِفق صياغتِها الحالية، وتطلَّبت الإجابة الكاملة عن هذا التساؤل نصف قرنٍ بعد بوانكاريه، إذ أكَّد كالموكوف وزملاؤه أنَّ المجموعة الشمسيَّة ستبقى مستقرةً من أجل الاضطرابات الصغيرة، وأكَّد نيخوروشيف لاحقًا أنَّ زمن استقرار المجموعة الشمسية بعد اضطرابها بدخول المذنب طويلٌ جدًا، لتكتمل الإجابة السَّارة ببقاء المجموعة الشمسية بعد دخول المذنب إليها كاملًا.

المذنَّبُ له ذيلان، ذيلٌ يتشكَّل بسبب تبخُّر جزءٍ من المذنب عند اقترابه من الشمس، وذيلٌ غازيٌ يتشكَّل بسبب الرياح الشمسية.

كان آخرُ ظهورٍ للمذنب عام 1986، ويُتوقَّع ظهوره مرةً أخرى عام 2061، المحظوظ منا فقط؛ سيعيش ليشهده ، فيا مذنَّب هالي ، يا ليت يجمعنا الزمان.

الهوامش:

dynamical systems *

chaos theory **

المصادر:

1- البيت الشعري مأخوذ من قصيدة: "السيفُ أصدقُ إنباءً من الكتب" التي قيلت لتمجيد فتح عمورية الذي وقع عام 838 ميلادية، وسُجِّل ظهور لمذنب هالي عام 837 ميلادية  هنا

2- هنا

3- هنا

4- هنا

5- هنا

6- هنا

7- هنا

8- هنا