منوعات علمية > العلم الزائف

علاجُ التَّحويل: هل يُمكن مُعالجة المِثليَّة الجنسيّة حقًا؟

تُمثِّل الاختلافاتُ في التوجُّه الجنسيِّ والتعبير الجندريِّ*  أبعادًا طبيعيةً ومُتوقَّعةً للتطور البشري، ولا تُعدُّ مَرَضيَّة، إضافة إلى أنها غير مُدرَجَة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية.

وكذلك يُشجَّع استكشافُ جميع مسائل الهُويَّة لتعزيزِ الصحّة عند الشباب؛ مُتضمِّنةً التوجُّه الجنسي والهُويَّة الجندرية و/أو التعبير الجندري** وفقًا لمبادئ المُمارسة المعروفة.

وهذا يُعزِّز التنميةَ الصحيةَ؛ خاصَّة عند الشباب المُختلفين بالجنس والجندر، وكذلك تُدمَج ميولُهم الجنسية وهُويَّتهم الجندرية و/أو تعبيرهم الجندري بهُويَّتهم الشاملة دون أيَّة نتيجة مُحدَّدة مُسبقًا.

أمَّا علاجات التحويل conversion therapies أو علاجات الإصلاح reparative therapies، فتُعرَّف بأنها التداخلات التي يُراد بها تغيير الانجذاب إلى الجنس نفسه أو التعبير الجندري للفرد؛ بهدفٍ مُحدَّدٍ هو تشجيع المُغايرة الجنسية بصفتها نتيجةٌ مُفضَّلةٌ. وبالمثل يمكن إدراج الجهود الهادفة إلى تغيير الهُويَّة الجندرية للأفراد الذين لا تتوافَق هُويَّتهم الجندرية مع تركيبهم الجنسي تحت عنوان علاج التحويل.

وتُمارَس هذه التداخلاتُ اعتمادًا على فرضيَّة خاطئة مَفَادها أنَّ المِثليَّة الجنسيَّة وتنوُّع الهُويَّات الجندرية هو أمرٌ مَرَضيٌّ، على الرغم من وجود أدلَّة بأنَّ علاجات التحويل تزيد من خطر حالات الصحة العقلية لدى الشباب الذين يُزعَم بمعالجتهم أو تفاقُم هذه الحالات.

ولا يعدُّ التقييمُ الشامل أو العلاج -اللذان يشملان استكشافَ جميع جوانب الهُويَّة عند الشباب متضمِّنة التَّوجُّه الجنسي والهُويَّة الجندرية و/أو التعبير الجندري- علاجَي تحويل.

وفيما يأتي مواقف بعض المؤسسات الصِّحية والطبية ممّا يُسمَّى "علاج التحويل":

الأكاديمية الأمريكية لطبِّ نفْسِ الأطفال والمراهقين American Academy of Child and Adolescent Psychiatry AACAP:

لا تجد الأكاديميةُ الأمريكيةُ لطبِّ نفْسِ الأطفال والمراهقين دليلًا يدعمُ تطبيق أيِّ (تدخُّلٍ علاجيٍّ) يَعُدُّ التوجُّهَ الجنسيَّ والهُويَّة الجندرية و/أو التعبير الجندري مرضيًّا.

وبالاستناد إلى الأدلَّة العلمية؛ نجدها تُؤكِّد أنَّ مثلَ هذه العلاجات التحويليَّة أو التدخلات الأُخرى المفروضة بقصد تعزيز توجُّهٍ جنسيٍّ أو جندرٍ مُعيَّن تفتقر إلى المِصداقيَّة العلميَّة والفائدة السريريَّة.

وإضافة إلى ذلك؛ تُوجد أدلَّةٌ بأنَّ مثل هذه التدخُّلات ضارّةٌ؛ ولهذا السَّبب يجب ألّا تكون علاجات التحويل جزءًا من أيِّ علاجٍ صحّيٍّ سلوكيٍّ للأطفال والمراهقين.

الأكاديميّة الأمريكية لطبِّ الأطفال American Academy of Pediatrics:

تجدُ الأكاديميةُ الأمريكيةُ لطبِّ الأطفال أنَّه لا ينبغي استخدام العلاج المُوجَّه لتغيير التوجُّه الجنسي؛ لأنَّه قد يُثير الشعورَ بالذنب والقلق، في حين أنَّه لا يمتلك الإمكانيات لتحقيق تغيُّراتٍ في التوجُّه.

الجمعية الأمريكية للعلاج الزَّوجيِّ والأُسَريِّ Association for Marriage ans Family Therapy :

لا تعدُّ الجمعيةُ المِثليَّةَ الجنسيَّةَ اضطرابًا يَستدعي العلاج. وعلى هذا النحو ترى أنَّه لا أساس للعلاج الإصلاحيّ reparative therapy.

كُليَّة الأطبَّاء الأمريكية American College of Physicians:

لا تدعمُ الأبحاثُ المتوافرةُ استخدامَ العلاج الإصلاحيِّ كطريقةٍ فعَّالةٍ لعلاج أفراد مُجتمع الميم (المِثليِّين والمِثليَّات ومُزدَوجِي الميول الجنسية والمصحَّحين جنسيًّا) وفقًا لكُليَّة الأطبَّاء الأمريكية. وتُشير الأدلَّةُ إلى أنَّ هذه المُمارسة تُسبِّب في الواقع أذىً عاطفيًّا أو جسديًّا عند أفراد مجتمع الميم، ولا سِيَّما المُراهقين والشباب. ووجدَت الأبحاث - التي أُجريَت في جامعة ولاية سان فرانسيسكو عن تأثير المواقف العائلية والقبول - أنَّ شبابَ مجتمع الميم الذين رُفِضوا من قِبَل ذويهم بسبب هُويَّتهم كانوا أكثرَ عُرضةً للانتحار أو وجود حالات مُتفاقمة من الاكتئاب أو استخدام العقاقير المحظورة أو خطر الإصابة بالإيدز والأمراض المنقولة جنسيًّا من أقرانهم الذين لم يُرفَضوا أو رُفِضوا باعتدال. وبمراجعة مطبوعات جمعيَّة علم النفْسِ الأمريكية؛ فقد وُجِدَ أنَّ العلاج الإصلاحي يرتبط بفقدان الإحساس الجنسيِّ والاكتئاب والقلق والانتحار.

الجمعية الطِّبية الأمريكية American Medical Association (AMA):

لم تَعُدِ المعالجةُ بالتبغيض Aversion therapy (التدخُّل السلوكي أو الطبي الذي يربط السلوكَ غير المرغوب فيه كالسلوك المِثليِّ مع المشاعر غير السارَّة أو العواقب السيئة) موصىً بها للمِثليِّين أو المِثليَّات.

وأصبح بإمكان المِثليِّين والمِثليَّات أن يتصالحوا مع ميولهم الجنسية ويفهموا الاستجابة المُجتمعيَّة لها عن طريق العلاج النفسي.

وتُعارِضُ الجمعيةُ استخدامَ علاج التحويل أو الإصلاح الذي يَفترض أنَّ المِثليَّة الجنسيَّة اضطرابٌ عقليٌّ أو أنَّ على المريض تغيير توجُّهه المِثليِّ.

الجمعية الأمريكية للأطبَّاء النفسيِّين American Psychiatric Association:

تجدُ الجمعيةُ الأمريكيةُ للأطبَّاء النفسيِّين أنَّ أساليبَ العلاج النفسيِّ لتحويل أو إصلاح المِثليَّة الجنسيَّة تعتمدُ على نظرياتٍ مشكوكٍ بمصداقيَّتها العلمية. وعلاوةً على ذلك فإنَّ التقاريرَ عن حدوث علاجات تُقابلها ادِّعاءاتٌ عن الأذى النفسي. ولم يستطع المعالجون بالإصلاح -في العقود الأربعة الأخيرة- إنتاجَ أيِّ بحثٍ علميٍّ دقيقٍ يثبت ادِّعاءاتهم بفعالية العلاج. وإلى أن يوجد مثلُ هذا البحث تُوصي الجمعيةُ بأن يمتنع الممارسون الأخلاقيُّون عن محاولة تغيير ميول الأفراد الجنسية؛ ولهذا السَّبب تُعارض الجمعيةُ الأمريكيةُ للأطباء النفسيِّين أيَّ علاجٍ نفسيٍّ؛ مثل العلاج الإصلاحي أو علاج التحويل الذي يَفترض أنَّ المِثليَّة الجنسيَّة اضطرابٌ عقليٌّ أو يَفترض أنَّ على المريض تغيير ميوله المِثليَّة.

الجمعية الأمريكية للتحليل النفسي American Psychoanalytic Association:

"مثلما هو الحال مع أيِّ تحيُّزٍ اجتماعيّ؛ فإنَّ الانحيازَ ضدَّ الأفراد على أساس الميول الجنسية الفعلية أو المُتصوَّرة أو الهُويَّة الجندريَّة أو التعبير الجندري يؤثِّر سلبًا في الصحة العقلية؛ ما يُساهم بإحساسٍ دائمٍ بالوَصمة والانتقاد الذَّاتي المُنتشر عن طريق استيعاب هذا التحيز".

ولا تتضمَّن تقنياتُ التحليل النفسي محاولاتٍ هادفةً لتحويل أو إصلاح أو تغيير التوجه الجنسي للأفراد. ومثل هذه الجهود هي ضدّ المبادئ الأساسية للمعالجة بالتحليل النفسي.

جمعية عِلم النفْس الأمريكية American Psychological Association:

تُؤكِّد جمعيةُ عِلم النفس الأمريكية أنَّ الانجذابَ العاطفيَّ والجنسيَّ للجنس نفسه والمشاعر والسلوكيات المِثليَّة هي اختلافاتٌ طبيعيةٌ وإيجابيةٌ للنشاط الجنسيِّ البشري، بغضِّ النظر عن هُويَّة التوجُّه الجنسي.

وخَلَصت الجمعيةُ إلى عدم وجود أدلَّة كافية تدعم استخدامَ التداخلات النفسية لتغيير التوجُّه الجنسي.

وأيضًا تنصحُ الآباءَ والأوصياء والشباب وعائلاتهم بتجنُّب محاولات تغيير الميول الجنسية التي تُصوِّر المِثليَّة الجنسيَّة على أنها اضطرابٌ عقليٌّ أو اضطرابٌ تطوريٌّ.

الجمعية الأمريكية لمُستشارِي المدارس American School Counselor Association:

تُؤكِّد الجمعيةُ على أنَّه ليس من دور المُستشار المدرسيِّ المهنيِّ محاولةَ تغيير التوجُّه الجنسي أو الهُويَّة الجندرية للطالب.

ولا يدعمُ مُستشارو المدارس المهنيُّون الجهودَ التي يبذلها المُتخصِّصون في الصحة العقلية لتغيير التوجُّه الجنسي أو النوع الاجتماعي للطلاب؛ لأنَّه ثبت أنَّ هذه المُمارسات مؤذية وغير فعَّالة.

وهناك العديدُ من المؤسسات الأخرى التي حدَّدت موقفَها من موضوع علاج التحويل؛ كالجمعية الوطنية للمُتخصِّصين الاجتماعيِّين National Association of Social Workers، والجمعية الأمريكية للإرشاد American Counseling Association، ومنظَّمة الصحة للبلدان الأمريكية Pan American Health Organization.

وفي النهاية وبالرجوع إلى الأكاديميات والجمعيات التي تمثِّل معًا أكثرَ من 477،000 من العاملين في مجال الصحة والصحة العقلية، وموقفهم المُتمثِّل في أنَّ المِثليَّة الجنسيَّة ليست اضطرابًا عقليًّا؛ لذا يُمكننا القول أنَّه ليس هناك حاجة لما يُسمَّى بـ (علاج التحويل).

فهل ما زلت تعتقد أنَّ علاج المِثليَّة الجنسيَّة ممكن؟!

هوامش :

*الجندر (النوع الاجتماعي): كلمة إنكليزية من أصلٍ لاتينيٍّ، تعني في إطارها اللغوي Genus أي الجنس، ولكن من ناحية التقسيم الاجتماعي بين الذكر والأنثى وليس الحالة البيولوجية التي خُلِقا عليها.

‏تُعرِّفه منظَّمة الصحة العالمية WHO: مصطلحُ الجندر يُستَعمل في وصف الخصائص التي يحملها الرجل والمرأة كصفاتٍ مُركَّبة اجتماعيًّا، لا علاقة لها بالاختلافات العضوية البيولوجية.

**الهُويَّة الجندرية: هي التجربة الداخلية ورؤية الشخص لجندره؛ أي شعوره وإدراكه بأنه ذكرٌ أو أنثى أو كلاهما أو ليس أيًّا منهما.

التعبير الجندري: هو الطريقة التي يُعبِّرُ بها الشخص عن جندره، ويمكن أن يشمل ذلك السلوك والمظهر الخارجي؛ مثل اللباس والشَّعر ومُستحضرات التجميل (ماكياج) ولغة الجسد والصوت.

المصادر:

[1]- هنا

[2]- هنا

[3]- هنا

[4]- هنا