الغذاء والتغذية > الفوائد الصحية للأغذية

الشّاي الأسود بين فَوائِده ومَضَاره الصحيّة!

يأتي الشاي الأسود في مقدمةِ المشروبات الأكثر استهلاكًا حول العالم بعد الماء، وتنتشر العديد من الشائعات حول فوائده ومضاره على حدّ سواء، فما التفاصيل التي يمكن أن نزودكم بها..

لنبدأ أولًا بالتعرّف إلى كيفية صنع الشّاي الأسود؟

يشكل الشاي الأسود قرابة 75% من الشاي المستهلك حول العالم. ويمرّ بخطواتٍ عديدة قبل أن يصبح في متناول أيدينا بشكلِه المألوف، فبعد قَطف أوراق الشاي تُترك لتذبل وتُعالج وتُعرّضُ للهواء فتراتٍ طويلة حتى تتأكسد، إذ تقوم الأنزيمات بتكسير الروابط الكيميائية الموجودة في أوراق الشاي الأسود، الأمر الذي ينتج عنه ظهور اللون البني المحمّر والرائحة المُميِّزة للشاي الأسود. ومن الجدير بالذكر هنا أن الشاي الأخضر لا يخضع لعملية الأكسدة، ولذلك تحافظ أوراقُهُ على لونها بدرجةٍ أكبر.

 

ماهي فوائد الشاي الأسود؟

لا توجد دراساتٌ كافيةٌ تؤكد فوائد الشاي الأسود حتى الآن، إذ ركزت معظم الأبحاث السابقة على الشاي الأخضر، لكن بعض الباحثين توصّلوا إلى نتائج تقول بأن عمليةَ الأكسدةالتي تتعرض لها أوراق الشاي يمكن أن تكون سببًا في منحِهِ فوائدَ غذائية كبيرة تزيد عمّا يمتلكه الشاي الأخضر، ويُذكر من هذه الفوائد الحدُّ من مخاطرِ الإصابة ببعض أنواع السرطانات، وحمايةُ القلب من تصلبِ الشرايين، والحفاظُ على ضغط الدم في حدودٍ طبيعيةٍ. لكنْ، لا بدّ من التنويه إلى أن بعضَ الشركات تُبالغ في الحديث عن فوائد عملية الأكسدة هذه بغيةِ دعم هذا المنتج وزيادةِ نسبة مبيعاتها منه.. لكننّا سنقدّم لكم بعض النتائج التي توصّلت إليها الأبحاث العلمية في هذا المجال..

 

الشاي الأسود وتَصلب الشرايين!!

يحدث تصلب الشرايين عند تراكم بعض الموادِ على هيئةِ صُفيحاتٍ على جوانب الشرايين، مما يؤدي إلى حدوث أمراض القلب والكلى المزمنة، وغالباً ما تكون الجذور الحرّة المسبب الأساسي لحدوثها. وقد وُجد في دراسةٍ أجريت على فئران التجارب أن استهلاكَ ثلاثةٍ أكوابٍ من الشاي الأسود يوميًا قد ساهم في خفض خطر الإصابة بتصلّب الشرايين بدرجةٍ تفوق الشاي الأخضر.

الشاي الأسود وخطر الإصابة بالسرطان!!

تشيرُ نتائجُ الدراسات التي أُجريت من قبل المعهد الوطني للسّرطان في الولايات المتحدة الأمريكية أن البوليفينولات Polyphenols الموجودة في الشاي يمكن أن تقلل من نمو الورم وأن تحمي من التلفِ الناجمِ عن التعرضِ للأشعةِ ما فوق البنفسجية UV. وقد وُجد أن تأثيرَ الشاي الأسود يمتد إلى عدد لا بأس به من السرطانات، كسرطان المثانة والرئة والبروستات.

من جهةٍ أخرى، وُجد في دراساتٍ أخرى أن الشاي الأسود يُحفِّزُ الجينات (المورّثات) التي تُقلِّلُ حساسية الخلايا للعلاجِ الكيميائي، وهذا يعني أن هذا النوع من الشاي يُضعف تأثيرَ علاج السرطان، أي أن الدراسات ما زالت متضاربةً حول هذا الموضوع حتى يومنا هذا.

 

الشاي الأسود وانخفاض ضغط الدم!!

أظهرت دراسةٌ أجريت في جامعةِ أستراليا الغربية عام 2012 أن الشاي الأسود يمتلك تأثيرًا خافضًا لضغطِ الدم الانقباضي والانبساطي، لكنَّ تلك الدراسة لا تعدُّ كافيةً لتأكيد فعاليته في هذا المجال، فضلًأ عمّا تسّربَ عن احتمالَ تمويل بعض شركات صناعةِ الشاي لهذه الدراسة، أي أن الأمر ما زال قيد البحث أيضًا.

 

الكافيين، والآثار المترتبة على تناوله!

يحتوي الشاي الأسود على 2-4% من مادة الكافيين، ويسبب استهلاك هذه المادة عددًا من الأعراض لدى بعض الأشخاص الذين يعانون من الحساسية تجاهها، وتشمل هذه الأعراض الأرق والقلق والتهيج واضطرابات المعدة.

كذلك يسبب الإفراط في تناولِهِ عدمَ انتظامِ ضربات القلب وزيادةَ ضغط العين والزَرَق وارتفاعَ سكر الدم وبالتالي الإصابة بالسكري بالإضافةِ إلى الإسهالِ وتهيج القولون أحياناً، وارتفاع ضغط الدم وزيادةَ تراكيزِ الكالسيوم في البول الأمرُ الذي يسبب حدوثَ هشاشة العظام في نهايةِ المطاف. ويجب على أي شخصٍ يُعاني من هذه الأعراض الحدُّ من شربِ الشاي منعًا لأي مضاعفات قد تكون خطيرةً على الصحة.

 

الشاي الأسود والأنيميا!

يُنصح عادةً بعدمِ تناول الشاي الأسود مباشرةً بعد الوجباتِ وخصوصًأ تلك الحاويةِ على عنصر الحديد، وتقول الادعاءات أن شُربَ الشاي بعد الوجبات يُقلِّلُ من امتصاصِ الحديد من قِبل الجسم ممّا يمنع الاستفادة منه لاحقاً ومن ثمَّ حدوثَ فقر  الدم (الأنيميا).

لكن هذه المعلومة غيرُ مثبتةٍ حتى يومنا هذا، وقد بيّنت بعض الدراسات أن الشاي يمتلك تأثيرًأ على الحديد اللاهيميّ؛ أي الحديد الموجود في المصادر الغذائية النباتية، نافيةً تأثيره على الحديد الهيمي الموجودِ في المصادر الحيوانية. وتجنُّبًا لأي مشاكلَ محتملة، يجب على أيِّ شخص يعاني من فقرِ الدم الابتعادُ عن شرب الشاي بعد الوجبةِ الحاوية على الحديد مثل اللحم الأحمر والخضراوات الخضراء، أو بعد تناول مكملاتِ الحديد الغذائية.

 

الشاي الأسود من الناحية الغذائية

يحتوي الشاي الأسود على العديد من العناصر الغذائية أهمُّها القلويدات (مثل الكافيين، والثيوفيلين، والثيوبرومين)، والأحماض الأمينية، والبروتينات، والكربوهيدرات، ومركبات الكلوروفيل، والفلوريد والألمنيوم وغيرهما من العناصر المعدنية المفيدة، فضلًا عن المركبات العضوية المتطايرة والتي تعدَّ المسئولة عن الطعم والرائحة المميزة للشاي.

كذلك يحتوي على مركباتٍ مضادةٍ للأكسدة تدعى البوليفينولات والفلافوئيدات (وهي أحدُ مجموعاتِ هذه البوليفينولات)، والتي تقوم بمحاربة الجذور الحرة المُسببة للعديد من الأمراض كالسرطان وتصلب الشرايين.

 

التفاعلات مع الأدوية أو المكملات الغذائية!!

من المعروف عن الشاي الأسود تفاعُلُه مع العديدِ من الأدوية والمكملات الغذائية، والتي تشمل:

مثبطاتِ مونو أمينو أوكسيداز MAO inhibitors المستخدمة في علاج الاكتئاب.

المنشطاتِ مثل الريتالين Ritalin.

أدويةَ تنظيمِ عمل القلب وأدويةَ الأرقِ والقلق وأدوية حرقةِ الفؤاد وأدوية القرحة.

مكملاتِ حمض الفوليك، إذ يُقلِّلُ امتصاصه في الجسم.

ويُفضّل ترك فاصلٍ زمنيّ مناسب بين وقت تناول هذه الأدوية أو المكملات وتناول الشاي.

 

المخاطر المحتملة الناتجة عن تناول الشاي الأسود..

يحتوي الشاي الأسود المُخمّر على بعضِ العناصر الغذائية التي يمكن أن تكون ذاتَ طبيعةٍ سمّيةٍ في حال تناولِها بجرعاتٍ عالية، ومنها عناصرُ الرصاص والألمنيوم والمنغنيز، كذلك يمكن العثورُ على معدَنَي الزرنيخِ والكادميوم في بعضِ أنواعِ الشاي الأسود ولكنْ بكمياتٍ غير ضارة. لذا يُفضّلُ عدم ترك الشاي ليختمرَّ طويلًا، وتعدُّ مدةُ ثلاث دقائق كافيةً لمنع ظهورِ آثارٍ لهذه المعادن بتراكيزَ كبيرة.

يُذكر أن الشاي الأسود مُعرَّضٌ للتلوث ببعض المبيداتِ الحشرية المستخدمة في الزراعةِ في بعض البلدان، لذا يفضل عدم استهلاكِ أكثرِ من 10 أكوابٍ من الشاي يوميًا.

 

نصائح خاصة بالشاي الأسود

يعدّ مشروبًا منشّطًَا لاحتوائه على مادةِ الكافيين، ويمكن تناوله حتى عند اتباعِ نظام غذائي مخصّصٍ لتخفيف الوزن لأنه لا يحتوي على سعرات حرارية شريطةً استهلاكِهِ دون إضافةِ السكر الأبيض أو باستخدام المحلياتِ الصناعية في حدودِها المقبولة ودونَ إفراط.

 

المصدر: هنا