الطب > مقالات طبية

الفيريتين

قبل أن نبدأَ؛ فلنتخيَّلْ بأنَّك قد تناولت وجبةً من الطعام، وكانت هناك كميَّةٌ زائدة منه، وهنا فإنَّ الأمر الطبيعي الذي تفعله هو وضع الطعام الزائد في الثلاجة، التي تُعدُّ المخزنَ الأساسيَّ لمختلف الأطعمة في بيوتنا، وهذا هو حال الفيريتين في أجسامنا بالنسبة إلى الحديد.

إذا كنتم تذكرون؛ فقد تكلمنا في المقال السابق عن أنَّ الحديدَ يدخل في العديد من العمليات والمهام المتنوّعة، ومن ثَمَّ يُخزَّن الفائضُ في الفيريتين ليكون لدى الجسم الحديدُ الكافي في الأوقات التي لا يحصل على ما يكفي منه في نظامه الغذائيّ.

إذن؛ ما الفيريتين (Ferritin)؟

هو بروتين التخزين الخَلويُّ للحديد، ويمكنه تخزين ما يصل إلى قرابة 4500 ذرةِ حديد، ويوجد بتراكيزَ صغيرةٍ في الدم وتركيزه المصليِّ مرتبط مع إجماليِّ الحديد المُخزَّنِ في الجسم (Total – body iron stores)، وبعبارة أخرى؛ هذه الكميَّةُ الصغيرة من الفيريتين التي تدور في الدم تعكس كميَّةَ الحديد المُخزَّنة في جسمك، ممَّا يجعل من قياسه مُهمًّا في تشخيص اضطرابات استقلاب الحديد.

اكتُشِف الفيريتين عامَ 1937 من العالم الفرنسيِّ لوفبرغر Laufberger، الذي استطاع عزلَ بروتين جديد من طحال الحصان يحتوي على 23% بالوزن الجافِّ حديدًا، ثم وُثِّقَ وجود الفيريتن في المصل البشريِّ بعد ذلك بعدة سنوات.

يُخزن الحديد إما في الفيريتين (القابلِ للذوبان في الماء) أو في الهيموسيدرين (hemosiderin) (غيرِ القابلِ للذوبان في الماء)، ويوجد الفيريتين والهيموسيدرين في المقام الأول في الكبد، ولكن يوجدان في كلٍّ من نخاع العظم والطحال والعضلات الهيكليَّة أيضًا.

القيم الطبيعيَّة للفيريتين هي:

عند الذكور: 23 – 336 ng/ml.

عند الإناث: 11 – 306 ng/ml.

وتزداد مستويات الفيريتين في الحالات الآتية:

أمراض الكبد الحادَّة والمُزمنة، والإنتانات والالتهابات، وشرب الكحول، وفرط نشاط الغُدَّة الدرقية، وداء غوشر، وداء ترسُّب الصفيحات الدمويَّة، وفقر الدم بغير عَوزِ الحديد.

وتزداد في حالاتٍ طبيعيٍّة أيضًا مثل؛ زيادة العمر، وعند تناول اللحم الأحمر، أو استخدام مانعات الحمل، وعند الذكور.

تنخفض مستويات الفيريتين في حالات:

نقص الحديد وغسيل الكُلى.

متى يطلب الطبيب هذا الاختبار؟

-لأجل المساعدة في تشخيص نقصِ الحديد أو زيادته.

-مراقبة الامتثال للعلاج.

-لمراقبة حالة الحديد عند العديد من مرضى الكُلى.

-تحديد سعة الحديد الإجماليَّة في الجسم.

-داء ترسُّب الأصبغة الدموية hemochromatosis (مع العلم أنَّ اختبارَ تشبُّعِ الترانسفيرين يُعدُّ أكثرَ حساسية في هذه الحالة؛ ولكن يُستخدَمُ اختبار الفيريتين لتأكيد التشخيص).

-والأهمُّ هو في حالِ كانت هناك اختباراتٌ أُخرى تشير إلى وجود فقرِ دم (إذ إنَّه ـكما ذكرنا سابقًاـ يُوجد في الطب المخبري العديدُ من الاختبارات التي يجمعها الطبيب بعضها مع بعضٍ للحصول على التشخيص الصحيح).

كيف يُجرَى الاختبار؟

في حال طُلِب من المريض هذا الاختبار وحدَه؛ فإنَّه يُمكنه تناول الطعام والشراب كالمعتاد، ولكنَّه غالبًا ما يترافق مع اختبارات أخرى تكون بحاجة إلى شروط خاصَّة (كالصيام عن الطعام فترة معينة)، لذلك فإنَّ مسؤول الرعاية الصحيَّة يُخبرك بالتعليمات عادة.

وتكون العيّنةُ دمًا وريديًّا من الذراع، وعادة ما تظهر نتائج الاختبار في غضونِ يوم إلى يومين.

وفي حالِ كانت النتيجة أقلَّ من الطبيعيّ فأنتَ تُعاني نقصًا في الحديد، وربَّما وصل الأمر إلى فقر دمٍ بعَوَز الحديد، وهنا يصفُ طبيبُكَ المُكمِّلات الغذائيَّة أو يطلبُ مزيدًا من الاختبارات لتقصّي السبب.

تعني النتائجُ الأعلى من الطبيعيِّ أنَّ جسمك يُخزِّن كثيرًا من الحديد، ولمّا كانَ ارتفاعُ الحديد مرتبطًا ببعض المشكلات الصحيَّة؛ فإنَّ الطبيب يطلب مزيدًا من الاختبارات للتقصي.

في النهاية؛ لا بد أن نُنبّهَ إلى أنَّه في المراحل المُبكِّرة من نقص الحديد قد تكون مستويات الحديد في الدم طبيعيَّة، ومستويات الفيريتين هي ما سيبدأ في الانخفاض.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا