الطب > مقالات طبية

تلوُّثُ الهواء ومرض السكري!

بحثٌ جديدٌ يربطُ تلوُّثَ الهواء الخارجي -حتى في المستويات الآمنة- بزيادة خطر الإصابة بداء السكري على مستوى العالم، وذلك وفقًا لدراسةٍ أجرتها كليةُ الطب في جامعة واشنطن في سانت لويس وجمعية المحاربين القدامى.

بدايةً ما هو السكري نمط 2؟

هو اضطراب استقلابي طويل الأمد يتميز بمقاومة الجسم للأنسولين ونقص الأنسولين النسبي وارتفاع غلوكوز الدم؛ وفق تعريفات محددة؛ منها تعريفُ منظمة الصحة العالمية، وصُنِّفَ ارتفاعُ سكر الدم على أنه عاملُ الخطرِ السابع للأمراض العالمية، ويُقدَّرُ أنَّ 590 مليون شخص سوف يعانون من السكري نمط 2 بحلول عام 2035 ، ولا يعرف العلماء سبب حدوثه بالضبط، لكن؛ هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بداء السكري من النمط 2 مثل: السُّمنة، والتقدم بالعمر، والسوابق العائلية، والعوامل الوراثية وغيرها.

بدأ التعرف على الآثار الصحية الضارة لتلوث الهواء من خلال الإبلاغ عن زيادة معدل الوفيات بسبب الضباب الدخاني في لندن عام 1952، والذي ارتبط باضطرابات تنفسية قلبية ووعائية، وفي الآونة الأخيرة؛ اقترحت الجمعياتُ العلميةُ أنَّ تلوُّثَ الهواء المحيط يَزيد في خطر الإصابة بداء السكري نمط 2، وعلى الرغم من أنَّ الأدلة ما زالت محدودة؛ هناك العديد من الدراسات الوبائية التي دعمت الفرضية السابقة.

وقد أعدّت إحدى هذه الدراساتِ كليةُ الطبِّ في جامعة واشنطن، ويقول الدكتور زياد العلي مؤلف هذه الدراسة: "إنَّ بحثَنا يُظهِر صلةً مُهمَّةً بين تلوث الهواء والسكري على مستوى العالم، وقد وجدنا زيادة في المخاطر حتَّى في مستويات التلوث التي تُعَدُّ آمنةً بالنسبة إلى وكالة حماية البيئة الأمريكية EPA ومنظمة الصحة العالمية WHO"، ويضيف العلي: "كان هناك خلال العقدين الماضيين العديدُ من الأبحاث عن مرض السكري والتلوث، ولكن أردنا أن نجمع هذه الأبحاث معًا لفهم الموضوع على نحوٍ أوسع".

وبهدفِ تقييم تلوث الهواء الخارجي؛ نظر الباحثون في المواد والقطع المجهرية المحمولة في الهواء مثل: الغبار والدخان والأوساخ والقطرات السائلة، وقد توصلت دراساتٌ سابقةٌ إلى أنَّ هذه المواد تدخلُ الرئةَ ثم تدخل إلى مجرى الدم، ممَّا يؤدي إلى حالات من الأمراض القلبية والسكتة الدماغية وأمراض الكُلى والسرطان، أمَّا مرضُ السكري فيُعتقَدُ أنَّ التلوُّثَ يقلل من إنتاج الأنسولين ممَّا يزيد احتمالية الإصابة بداء السكري؛ إذ قدَّرَ الباحثون أنَّ التلوُّثَ أسهم في حدوث 3.2 مليون حالة من مرض السكري على مستوى العالم في عام 2016، وهو ما يمثّل 14% من جميع الحالات الجديدة في ذلك العام.

حلّل فريقُ جامعة واشنطن -بالتعاون مع مركز علم الأوبئة السريرية التابعة لجمعية المحاربين القدامى- بياناتِ 1.7 مليون من المحاربين الأمريكيين الذين توبِعوا لـ 8.5 سنة، وربط الباحثون هذه البيانات مع أنظمة مراقبة الهواء التابعة لوكالة حماية البيئة الأمريكية EPA، واستنادًا إلى تلك البيانات؛ فإنَّ تعرض المحاربين لمستوى تلوُّثٍ يبلغ 10-5 ميكروغرام/ م3 أدَّى إلى تطور مرض السكري بنسبة 21%، وعند زيادة مستوى التلوث إلى 13.6-11.9 ميكروغرام/م3 فإنَّ قرابة 24%  منهم تطوَّر لديه هذا المرض، وإذا كان الفرق يبدو صغيرًا لكنَّه يعني ببساطةٍ زيادةَ 6-5 آلاف حالة جديدة لكل 100 ألف حالة في سنةٍ مُعيَّنة. 

وبناءً على ما سبق؛ فإنَّ الخطرَ الكُلّيَّ للإصابة بمرض السكري المرتبط بالتلوث يكون أكثر في البلدان المُنخفِضةِ الدَّخل، التي لا تمتلك أنظمةً لتخفيف التلوث البيئي، في حين تعاني الدول الغنية مخاطرَ أقلّ، ولذلك تسعى بعض الدول إلى خفض معدل تلوث الهواء بهدف خفض معدل الإصابة بداء السكري من ضمن أمراض أخرى.

المصدر:

هنا 

هنا

هنا

هنا