الطب > مقالات طبية

عندما تُصابُ بالعدوى؛ ستلجأُ إلى طبيبك أم إلى هاتفك الذكيّ؟

استحدثَ مجموعةٌ من الباحثين في جامعة ولاية واشنطن مختبرًا متنقلًا - ذا تكلفةٍ منخفضةٍ - يعملُ على الهواتف الذكيَّة لاكتشاف العدوى الفيروسيَّة والبكتيريَّة الأكثرِ انتشارًا وتشخيصها.

وأعدَّ الدراسةََ (لي لي) -أستاذٌ مساعد في كلية الهندسة الميكانيكيَّة وهندسةِ المواد- بمساعدةِ مجموعة من الباحثين، ونشروا أعمالهم في مجلة Clinica Chimica Acta  بالتعاون مع "بنج وانج"؛ أستاذٍ مساعدٍ في علم الأمراض وطبِّ المختبرات في كلية الطب التابعةِ لجامعة بنسلفانيا.

ويعتمدُ الأطباء -في الظروف العاديَّةِ- في تشخيصهم للعدوى اعتمادًا كليًّا على الأعراض التي تظهرُ على المريض أو على اجتهادهم الشخصيِّ في تقدير نتائجِ عيّناتِ الاختبار؛ لتحديد ما إذا كان المريضُ مُصابًا بالعدوى أم لا؛ ممَّا يؤدِّي إلى نتائجَ غيرِ دقيقةٍ في أغلب الأحيان، وقد يُضطَرُّ الأطباء لإرسال عيناتِ الاختبار إلى مختبرات نائيةٍ في المدن المجاورة وعندئذٍ يجب عليهم الانتظار عدة أيامٍ حتى تعودَ النتائجُ، وهذا ما قد يتسببُ في تفشي العدوى، ثمَّ إنَّ معظمَ أجهزةِ التشخيص غيرُ قادرة على تحليلِ أكثرَ من عينة في الوقت نفسِه.

ولكنَّ هذا المختبرَ المتنقلَ - الذي يشغلُ حجمَ اليد فقط - يساعد في التعرُّف إلى الأوبئة بسرعة ودقة عاليتين؛ إذ يلتقط قارئ الهاتف الذكي صورَ العينات ويُحلل ألوانها بعنايةٍ باستخدام برامجِ الحاسب الآليِّ والخروج بالنتائجِ الإيجابيَّة أو السلبيَّة؛ ممَّا يرتقي بمستوى خدماتِ الرعاية الصحيَّة وتقديمها؛ فإذا اكتُشِفَت حالاتُ العدوى مبكرًا وعُولِجَت بسرعة؛ يمكن عندئذٍ السيطرة عليها؛ خاصةً في القرى والأوساط الريفيَّة التي قد تفتقرُ إلى وجودِ الأجهزة المَعمليَّة أو الطاقم الطبيَّ اللازمَين.

أيهما أدق؛ الهواتفُ الذكيَّةُ أم التحاليل المخبريَّة؟

وجدَ باحثو جامعة ولاية نيويورك أنَّ قارئَ الهاتف الذكيِّ المتنقلِ يعمل تقريبًا بكفاءةِ المختبرات المعمليَّة نفسِها في تشخيص أحدَ عشرَ نوعًا من الأمراض الـمُعدِية والفيروسات؛ مثل النكاف والحصبة والهربس وداء لايم، وذلك بعد أن اختبروا 771 عينةً لمُختلف المرضى في مستشفى تابعٍ لجامعة بنسلفانيا وجاءت النتائج متوافقةً بنسبةٍ من 97 إلى 99 بالمئة مع النتائج المخبريَّة.

 

ماذا عن التكلفة؟ وهل سيكون الجميع قادرين على شرائه؟

استطاعَ فريقُ البحث المختصُّ بالمشروع شراءَ مكونات الجهاز كلٍّ على حِدَة وتصنيعه يدويًّا مقابل نحو 50 دولارًا أمريكيًّا؛ لكن قد تنخفضُ تكلفةُ التصنيع فيما بعد؛ خاصة إذا سُوِّق له تسويقًا جيدًا.

لكن هل يمكنُ لهذا الجهاز حقاً أن يكون بديلاً كليًا من الأدوات التشخيصيَّة التقليديَّة في العالم الواقعيّ...

صُرِح في البيان الصحفي أنَّ تصنيعَ الجهاز الواحد سيُكلّف قرابة 50 دولارًا؛ لكنَّ هذا ليس دليلًا كافيًا على تكلفته الحقيقية؛ فإنَّ عمليةَ تصنيع الجهاز نفسه ما هي إلا خطوةٌ واحدةٌ في مسار تشخيصِ المرض تشخيصًا نهائيًّا، فقد يحتاج إلى أيدٍ عاملة مُدرَّبة كي تستطيعَ تفسيرَ النتائج الناجمة عنه، وهل سيأتي بنتائجَ حاسمةٍ حقًا مما يُغني عن اللجوء إلى المختبرات التقليديَّةِ في المستقبل؟

ذُكِر أنَّ الجهازَ سيساعد في تقليل انتشار الأوبئة أيضًا مقارنًة باستخدام المختبراتِ التقليديَّة؛ وذلك لتفوقه في الخروج بنتائجَ أسرعَ وأسهلَ، لكن لم يُطبَّق هذا فعليًّا في الواقع على مرضى حقيقيين، ولم يُعلَن صراحةً عن الجوانب السلبيَّة لاستخدام هذا الجهازِ؛ فقد ذُكِر في البيان أنَّ نسبةَ النتائج الإيجابيَّةِ الكاذبة 1%؛ ممَّا يعني أنَّ نسبةَ النتائج الخاطئة عند اختبار مئة ألف عيّنةٍ لأشخاص من مختلف أنحاء المدينة ستصل إلى ألف شخص مُشخَّص بالإصابة وهو غير مُصابٍ بالفعل، والذي بدوره يُقلِّل كفاءةَ المنتَج.

وتضمَّنَ البيانُ العديد من المزاعم -كما هي الحال في معظم التصريحاتِ الإخباريَّة- عن جودة الجهاز وأفضليته في مكافحة انتشارِ العدوى عن الأجهزة التقليديَّة الموجودة حاليًّا، وهو ما لم يُختبَر بعد لتأكيد صحةِ التجربة.

وعلى الرَّغم من أنَّ باحثي جامعة واشنطن لم يدَّعوا أنَّ هذا الجهازَ هو الأوّلُ أو الأكثرُ تطورًا من نوعه؛ لكنَّهم تجنبوا بوضوح الإشارةَ إلى الأجهزة المماثلة التي صُدِّرَت من جهات أخرى من قبلُ؛ إذ يكشف بحثٌ سريعٌ على موقع PubMed أو أيَّة مصادرَ أخرى على الإنترنت عن عدد من التقارير المتعلّقة بالمنتجات المماثلة التي اختُبِرت في المؤسسات المنافسة قبلًا؛ مثل UCLA  وجامعة" Macquarie" في إستراليا، ممَّا يطرحُ العديد من التساؤلات عن مصداقيتهم في الإعلان عن المنتَج.

ولمَّا كان العملُ مدعومًا ماديًّا من صندوق جامعة ولاية واشنطن لدعم مساعي تنظيمِ المشروعات؛ فقد اختَتمَ الباحثون البيانَ الصحفي بأنَّهم على أتمّ استعدادٍ لإجراءِ مزيدٍ من التجارِب لتطوير الجهازِ والترويجِ له؛ وذلك بعد أن وثَّقوا براءةَ اختراعِ المنتج باسم فريقِ العمل.

المصدر:

هنا 

هنا 

هنا 

هنا