التاريخ وعلم الآثار > حضارة اسلامية

الحسن بن الهيثم .... بطليموس الثاني

السلام عليكم أبنائي الباحثين ورحمة الله وبركاته:

إن كان بينَكم مَن يرتدي منظاراً، أو من يضع عدسات على عينيه ليرى بشكل أفضل، فليعرف أن الفضل في ذلك يعود لي أنا. و كلَّمَا رأى أحدٌ منكم صورةً ملتقطةً بآلة تصوير، فليوقن بأنني الذي وضع أسس عملها ووظائفها.

أنا أبو علي الحسن بن الهيثم المعروف باسم "ابن الهيثم"، ولدت في عام 965 في البصرة في العراق، ووافاني الأجل عام 1040 في القاهرة في مصر، أنا عالم في مجالات الرياضيات والفلك والفلسفة، ولي إسهامات كبيرة في مبادئ البصريات والرياضيات واستخدام التجارب العلمية، كما قمت بعمل شروحات لأعمال أرسطو وبطليموس وإقليدس. و قد كنيت بأبي البصريات الحديثة. و أطلقوا علي في أوربا العصور الوسطى اسم "بطليموس الثاني"، أو كانوا يسمونني ببساطة "الفيزيائي".

لايزال بعض الغموض يشوب سيرة حياتي، و بخاصة فيما يتعلق بمسألة مخططاتي لتنظيم جريان نهر النيل. حيث يذكر المؤرخ ابن القفطي أن الخليفة الحاكم بأمر الله قد استدعاني إلى مصر لأقوم بإثبات ما قد ادعيته عن قدرتي على تنظيم جريان نهر النيل عن طريق بناء سد في منطقة سد أسوان الحالي. و مع ذلك، و بعد أن قمت بالاطلاع بشكل شخصي على مجرى النهر عند الحدود الجنوبية لمصر، اعترفت بعدم قدرتي على تنفيذ هذا المشروع. و على الرغم من أن الخليفة قد منحني منصباً رسمياً، إلا أنني بدأت أخاف على حياتي، فادعيت الجنون و انكفأت على نفسي في منزلي لنحو عشر سنوات حتى نهاية خلافة الحاكم. و قد كنت أكسب عيشي في مصر بشكل رئيسي عن طريق نسخ المخطوطات. وتقول بعض الروايات أنني قد هربت إلى الشام ومنها إلى بغداد.

هناك ثلاث لوائح للمخطوطات التي وضعتها، يأتي أولها مع سيرتي الذاتية، و تشمل هذه اللائحة نحو مائة مخطوط. و يقدر عدد كتبي الإجمالي بنحو مائتين لم يبق منها إلا نحو خمسة وخمسين لم يترجم معظمها حتى الآن من اللغة العربية، إلا أن كتابي "تكوين العالم" تمت ترجمته إلى اللاتينية والعبرية وغيرها من اللغات في العصور الوسطى وقد دار جدل مؤخراً يقول أن هناك عالمان كل منهما يحمل اسمي: الأول هو الحسن بن الحسن، عالم الرياضيات الذي كتب في علم البصريات، والثاني محمد بن الحسن، وهو الفلكي الفيلسوف الذي كتب السيرة الذاتية والأعمال الموجودة في اللائحة الثانية والثالثة. كان من بين تلاميذي العالم الفارسي سوهراب والعالم المصري ابن الفاتك الذي درس علم الرياضيات على يدي.

كان لكتابي "كتاب المناظر" كبير الأثر في الأوساط العلمية في مناطق الخلافة الإسلامية في الشام والعراق وفي الأندلس، حيث جرت ترجمته إلى اللاتينية في القرن الثالث عشر، حيث كان لهذه الترجمة أثرها العميق على أعمال علماء الغرب اللاحقين من أمثال روجر بيكون ويوهانز كيبلر. وتكريماً لي جرى إطلاق اسمي اللاتيني "Alhazen" على فوهة أحد البراكين على سطح القمر، و كذلك على أحد الكويكبات.