الطبيعة والعلوم البيئية > زراعة

نباتُ الأزولا منقذُ الكوكب

قبل 55 مليون سنة؛ كانت درجة حرارة الأرض مرتفعةً جدّاً بسبب الغازات الدفيئة، وكان المحيط المتجمّد الشماليّ أشبه ببحيرة كبيرة مغلَقة منعزلة عن باقي البحار والمحيطات، وعندما ازدادت الهطولات المطريّة بسبب التغيّرات المناخيّة؛ تشكّلت طبقة رقيقة من المياه العذبة على سطح البحيرة كوّنت بيئةً مناسبةً لنموّ نوعٍ من السراخس المائيّة يدعى الأزولا. وبسبب انعزال هذه البحيرة الساخنة عن المياه المحيطة بها؛ كثُرت المغذّيات فيها وخاصّة النتروجين والأوكسجين، واستهلكها الأزولا بنَهَم ليزدهر وتزداد أعداده كثيراً وتشكِّل طبقةً تغطّي سطح المحيط.

يعتقد العلماء الآن أنّ هذه الطبقة الكثيفة من الأزولا ساهمت في خفض مستويات ثاني أكسيد الكربون إلى حدّ كبير في تلك الحقبة الزمنيّة؛ إذ انخفضت التراكيز من (2500-3500) جزء بالمليون إلى (1500-1600) جزء بالمليون، وبدأت درجة حرارة الأرض بالانخفاض أيضاً في تلك الفترة، وفي كلّ دورة حياةٍ للأزولا كانت بقاياه تهبط إلى قاع المحيط عند موته لتختلط مع الرسوبيّات وتحتجزَ ثاني أكسيد الكربون معها هناك.

كيف نستطيع استخدام نبات الأزولا في عصرنا هذا؟

تدلّ التجارب على أنّ الأزولا قادر على تنقية المياه من بعض الملوّثات، فقد كان آلان مارشال - وهو فنّيّ أشعّةٍ متطوّع شرق إفريقيا - يبحث عن طرق لتنقية مياه الصرف الصحّيّ لاستخدامها في ريّ الحدائق عندما صادف نبات الأزولا، وعندما أجرى أبحاثاً عليه، تبيّن له أنّ الأزولا قادرٌ على إزالة الفوسفات والنتروجين من المياه.

بدأ بعدها بإجراء تجارب لابتكار نظام ترشيح يعتمد على نبات الأزولا، وقد نجح في ابتكار نظام ترشيح بثلاثة أجزاء يزيل الروائح من مياه الصرف الناتجة عن الاستحمام، لكنّه لا يزيل العوامل الممرضة أو الفيروسات.

تناول الأزولا مفيد للصحة

فيما كان آلان مارشال يحاول استخدام الأزولا لتنقية المياه؛ كان آندرو بوجاك -وهو طاهٍ في كندا - يزرع هذا النبات في حديقة منزله، ويقول آندرو إنَّ من ميزات الأزولا غناه بالمغذّيات وتكيّفه مع العديد من الأنماط المناخيّة والمساحة الصغيرة جدّاً من الأرض الّتي يتطلبها لزراعته، وكذلك فإنّه عديم الطعم ويمكن استخدامه كغذاء للبشر أو كسماد أو كعلف للحيوانات.

مستقبل الأزولا

تدرس الصين حاليّاً جينوم الأزولا، ويُتوقَّع معرفة أسرار ماضي هذا السرخس وإمكانيّات استخدامه المستقبليّة في غضون سنة من الآن. وستركّز الدراسة على العلاقة المعقَّدة بين الأزولا والبكتيريا الزرقاء الّتي ترافق الأزولا حيث يوجد.

إنَّ معرفة المزيد عن خصائص الأزولا ستمكّننا من التحكّم به وباستخداماته، إذ سنتمكّن من زيادة عزل الكربون وتثبيت النتروجين، أو إعطاء خصائص الأزولا لنباتات أُخرى.

لهذا النبات سلبيّة واحدة، وهي أنّه يشكّل أحياناً براعم كثيفة - كما فعل قبل 49 مليون سنة في المحيط المتجمّد الشماليّ - وبهذا يخنق أيّ شكل من أشكال الحياة أسفله.

لكنّ ذلك قد يكون مجرد عَرَضٍ لوجود مستويات عالية من النتروجين، وليس سلوكاً طبيعيّاً للنبات.

من المؤكّد أنّنا بحاجة إلى مزيد من الدراسات لمعرفة جميع ميزات وخصائص هذا النبات الفريد، لكنّه قد يكون أملنا في إنقاذ كوكبنا.

المصدر:

هنا