الفيزياء والفلك > أطلس الكون المصوّر

كوكب المشتري

 أطلقَ الرّومان اسم إلهِ السّماء والبرق "Jupiter" على كوكب المُشتري لسطوعهِ المُبهر ليلاً، أمّا عند العرب؛ فقد اشتُقّ اسم المُشتري من الفعل العربيّ يستشري، وهو فعلٌ بمعنى يتهادى ويسير في دربه دون أن يكلّ أو يملّ، وسُمّي المُشتري بهذا الاسم لأنه يستشري في سيره؛ أي يلجُّ ويمضي ويَجِدُّ فيه بلا فُتور ولا انكسار

 

 المُشتري هو الكوكبُ الخامس ضمنَ ترتيبِ كواكبِ المجموعةِ الشّمسيّة. يبعدُ عن الشّمس حوالي 778.5 مليون كيلومتر، ويحتاج إلى أكثرِ من 11 سنة أرضيّة ليُكمل دورته حول الشّمس. يبلغ قطره حوالي 142984 كيلومتر، وكتلته حوالي 0.001 من كتلة الشّمس؛ لكنّها تساوي ثلثي كتلة مجموع بقيّة كواكب المجموعة. يعدّ المشتري ثالث الأجرامِ السّماوية تألّقًا في سماء الأرض بعد الزّهرة والقمر. هو الأسرع دورانًا حول نفسه بين جميع الكواكب؛ إذ يُكمل دورةً واحدةً كلّ عشر ساعات بسرعةِ دورانٍ تبلغ 45360 كيلومتراً في السّاعة.

 

 المُشتري كوكبٌ غازيّ، لا تزال بنيته موضع جدلٍ خصوصًا عدم امتلاكه لنواةٍ صخريّةٍ، ولكن يُفترض امتلاكه نواةً من الهيدروجين المتصلّب؛ والّذي يتطلّب تشكلّه حرارةً عاليةً وضغطاً مرتفعاً جدًّا. ولأنّه كوكبٌ غازيٌّ فلا سطح له بالمعنى الشّائع، لذلك اتّخذ العلماءُ من النّقطة التي يبلغُ الضّعط عندها 10 بار نقطةَ بدايةٍ للغلاف الغازيّ للمشتري؛ والّذي يدخلُ في تركيبه غازَي الهيليوم والهيدروجين إضافةً لأنواعٍ أخرى من الغازاتِ؛ كبخارِ الماء والأمونيا والإيثان والأكسجين والكبريت.

 

 كانت بايونير-10 أوّل مركبةٍ استكشافيّةٍ وصلت إلى المشتري عامَ 1973 وتمكّنت من التقاطِ مجموعةٍ من الصّور لسطح الكوكب، تلتها في العام التّالي بايونير-11؛ الّتي زوّدتنا بمعلوماتٍ وصورٍ أكثرَ دقّةً. كانت آخر الرّحلات للمركبة جونو الّتي وصلت إلى المُشتري في تمّوز 2016 لدراسةِ تركيبِ الكوكبِ و حقل جاذبيّته. من المُخطّطِ إرسالُ بعثةِ جويس عامَ 2022 لدراسة أقماره الجليديّة.

 

 يمتلكُ المُشتري أكبرَ عددٍ من الأقمارِ بين كواكبِ المجموعة الشّمسيّة بواقع 67 قمرًا، أكبرُها وأشهرُها أقمارُ غاليليو وهي: غانيميد وهو الأكبر بينها، يليه كاليستو ثم إيوا وأخيرًا قمر أوروبّا. يحيطُ بكوكب المشتري عددٌ من الحلقات لكنّها باهتةٌ مقارنةً بحلقات كوكب زُحل. اكتشفَ باحثون أمريكيّون في الآونةِ الأخيرة 12 قمرًا جديدًا تدورُ حول كوكب المُشتري، ووصفوا أحدَها بالقمر "الغريب" وأطلقوا عليه اسم "فاليتودو" إذ لا يتجاوز قطره كيلومترًا واحدًا ويدورُ في مدارٍ سيقوده حتمًا إلى الدّمار؛ بسبب دورانه في مدارٍ غير مستقرٍّ يتقاطعُ مع مسارِ أجرامٍ سماويّةٍ أخرى. بهذا الاكتشاف يرتفعُ عدد أقمار المُشتري -أكبرِ كواكب المجموعة الشّمسيّة - إلى 79 قمرًا.

 

 هنالك العديدُ من الأسرار غيرِ المُكتشفةِ حول كوكبِ المُشتري، أهمّها البقعة الحمراء العظيمة. يجزمُ العلماء أنّها إعصارٌ في الغلاف الجويّ للكوكبِ بارتفاعٍ يتراوح بين 12 ألف و14 ألف كيلومتر وطولٍ يُعادل 24 ألف كيلومترٍ؛ ممّا يجعلُها كبيرةً بحيثُ تتّسع لكرتين أرضيّتين أو ثلاث. كما يمتلكُ حقلاً مغناطيسيًّا كبيرًا جدًّا يؤدّي تفاعله مع الرّياح الشّمسيّة إلى تشكّل الأضواءِ الشّفقية في سماء قطبيه بما يشبه الشّفق القطبيّ في سماء الأرض.

 

 جاذبيّة الكوكبِ الكبيرةِ تجعل منه درعاً يقي كوكبَ الأرضِ خطرَ المُذنّبات القادمةِ من خارج المجموعةِ الشّمسيّة؛ خاصّةً الكبيرةَ طويلةَ الأمد منها، إذ تحرفُ جاذبيّة المُشتري مساراتها لتخرج من المجموعة الشّمسيّةِ قبلَ أن تقترب من الأرض، فلا تصطدم بالأرض إلّا على فتراتٍ زمنيّةٍ طويلةٍ تصل إلى ملايين أو عشرات ملايين السّنين، ولولا كوكب المشتري القريب، لاصطدمت تلك المُذنّبات مع كوكبنا بوتيرةٍ أكبر. رصد العلماءُ اصطدام أحد المذنّبات بالمشتري عام 1994؛ وهو مذنّب "Comet Shoemaker–Levy 9"، كما رصدوا آثارَ اصطدام كويكبٍ بالمشتري عام 2009.

 

 

المصادر:

1 - هنا

2 - هنا

3 - هنا

 

/p>