علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث

الحشيش؛ وصفةٌ للاكتئاب وليست للسَّعادة

القُنَّب أو الحشيشةُ نبتةٌ من عائلةِ نباتِ القرَّاص التي تنمو في مختلِف أنحاءِ العالم، وتُستخدَمُ في صناعةِ النُسُّج والحِبال و في الاستخدامات الطبية؛ ونوعًا من المخدِّرات.

وقد أظهرتِ الدراساتُ والأبحاثُ علاقةً وثيقةً بينَ تدخينِ القُنَّب في فترةِ المراهقة والإصابة بالاكتئابِ لاحقًا في أثناءِ مرحلة البلوغ؛ إذ وجدَ الباحثون أنَّ المراهقين هم أكثرُ عرضةً بثلاثِ مرَّات للإصابة بالاكتئاب عندما يصلون إلى عمر البلوغ في حال كانوا قد تعاطوا القُنَّب في سنِّ المراهَقة.

ووجدت دراسةٌ أُجريَت على أكثر من 3000 مراهق من منطقة بريستول أنَّ الذين تعاطَوا القُنَّب هم أكثرُ عرضة للإصابةِ باضطرابِ ثنائي القطبية عندما يصلون إلى مرحلة البلوغ.

وكشفت الدراساتُ أن الماريجوانا تُسبِّبُ حالةً من الهوس (hypomania)؛ وهي فترةُ مزاجٍ مُبتهِجٍ جدًّا، وتسبّبُ فرطَ نشاطٍ حركيٍّ وسلوكٍ حماسيّ وقلَّةَ الحاجة إلى النوم أيضًا، وتُعَدُّ هذه العوارض جزءًا من الاكتئابِ الحادّ، ولها آثارٌ شديدةٌ على الحياة اليومية.

وفي دراسة أُخرى طُبِّقَت على 1600 مراهق أسترالي أعمارُهم بين 14- 15 عامًا طيلةَ سبعِ سنوات؛ وُجِد أنَّ الأطفالَ الذين يتعاطون الماريجوانا بانتظام هم أكثرُ عرضةً للتعرُّضِ للاكتئاب، ولكنَّ العكسَ ليس صحيحًا؛ إذ إنَّ الأطفالَ المصابين بالاكتئاب بالفعل هم أقلُّ عرضةً لتعاطي الماريجوانا في سنّ البلوغ.

لماذا يُعدُّ المراهقون الذين يتعاطون الماريجوانا أكثرَ الفئاتِ عُرضةً للإصابة بالاضطراباتِ النفسية؟

إنَّ الأمرَ يتعلَّقُ بتطور الدماغ؛ إذ يبقى الدماغُ في حالةِ التطوُّر في مرحلة المراهقة وحتّى سن العشرين تقريبًا، وتحدثُ عمليةٌ واسعةٌ من "البناء العصبي" في هذه المرحلة، فأيُّ مؤثِّرٍ في هذه العملية يمكن أن يتركَ آثارًا نفسيةً طويلةَ المدى في عقولِ المراهقين.

وتؤثّرُ الكميَّةُ أيضًا؛ إذ وَجدَ فريقٌ من علماءِ النَّفس أنَّ الأشخاصَ الذين يتعاطون أيَّةَ كميَّةٍ من الماريجوانا في سنّ السابعةَ عشرةَ هم أكثرُ عرضةً بمرَّتَين للإصابةِ بالاضطرابِ النفسي في عمر الـ 23، لكنَّ التعاطيَ المنتظم –مرَّتَين أو ثلاث مرات في الأسبوع– يُضاعفُ خطورةَ الإصابةِ ثلاثَ مرَّات. ومؤخّرًا؛ أظهرت دراسةٌ في أستراليا أنَّ الأشخاص الذين يتعاطون الماريجوانا سوفَ يُصابون بالاضطراب أبكرَ بنسبةِ 2،7 سنة من الذين لا يتعاطون.

وطبعًا فهذا كلّه بعد أن نأخُذَ بالحُسبان الجنسَ، والمؤثِّرات البيئية، وتعاطي الكحول أو أنواعٍ أُخرى من الإدمان، والاكتئابَ وأمراضًا نفسيّةً أُخرى في عمر الثامنة عشرة.

وبيّنتِ الدراساتُ أنَّ أكثرَ الفئاتِ عرضةً لتعاطي الماريجوانا والإصابةِ بالاضطرابات النفسية هم الذكورُ والأطفالُ المُتعرِّضون للعنفِ الجنسي، ويقولُ الأخصائي النفسي الطبيب ستيفن مروحة من جامعة وراوك: "إنَّ تعاطي الماريجوانا منتشرٌ جدًّا في فئةِ المراهقين والشباب، وقد أظهرت دراسةٌ أنَّ 31% من الشباب قد تعاطَوا الماريجوانا ثلاثَ مرَّاتٍ أو أكثر حتَّى عمر الثامنة عشرة، ويرتبطُ تعاطي الماريجوانا مع الإصاباتِ المُتعدِّدة؛ كالأمراضِ الجسدية، وحوادثِ السيارات، ومشكلاتِ الصحة النفسية. وفئةُ الشباب هي الأكثرُ ضعفًا أمامَ تأثيراتِ تعاطي الماريجوانا".

وتُظهِرُ الدراساتُ الحالية أنْ ليسَ كلُّ مَن يتعاطى الماريجوانا مُعرَّضًا للإصابة بالإمراض النفسية؛ إذ يؤدّي تاريخُ العائلةِ الطبي والنفسي دورًا مُهمًّا في هذا الموضوع، فالأشخاصُ الذين لديهم أفرادٌ من عائلتِهم قد تعرَّضوا للاضطرابات النفسية أو هم بحدّ ذاتهم يظهرون علاماتِ الاضطراب النفسي؛ هم أكثرُ عرضةً للإصابة بالأمراض النفسية التي يمكن أن تؤدّي إلى تعاطٍ مُنتظمٍ للماريجوانا.

 

 

المصادر:

1 - هنا

2 - هنا