التعليم واللغات > اللغويات

بروتين اللغة

إنَّ البروتينَ في الدماغ الذي ارتبطَ بتطوُّرِ اللغة البشرية قد يدفعُ الخلايا العصبية إلى التواصل والوصول إلى شخص ما؛ أو على الأقلّ؛ إلى خلايا دماغية أخرى، وفقًا لدراسة جديدة.

ويمكنُ لهذه الروابط المبكرة أن تُنظِّمَ الاتصالاتِ بين الخلايا المُهمَّة لتعلُّم المَهامّ المُعقَّدة في وقتٍ لاحق من الحياة؛ متضمّنةً قراءةَ الدكتور سوس؛ كما يقولُ الباحثون.

حدَّد الباحثون جينَ FOXP2 وبروتينَه أوّل مرّةٍ في عام 2001، وشملت الدراسةُ عائلةً واجهت صعوبةً في نطق الكلمات وفهمها، ومنذ ذلك الحين اشتبهَ العلماءُ في أنَّ الجينَ قد يكون له دورٌ في تطوُّر اللغة البشرية، حتَّى إنَّه يبدو مُهمًّا في "الكلام" لدى الحيوانات الأخرى، فعلى سبيل المثال؛ لا يمكنُ للعصافير الوحشية ذاتِ المستويات المنخفضة من البروتين FOXP2 تعلُّمُ الأغاني التي تغنيها الطيورُ الأخرى.

وقد ركَّزت معظمُ دراسات FOXP2 على آثارِه بعد الولادة، كما يقول سايمون فيشر؛ المتخصُّص في طب الجهاز العصبي في معهد ماكس بلانك لعلمِ اللغة النفسي في نيميجن في هولندا، لذا لم يكُن العلماءُ واضحين بشأن دورها في البناء المُبكِّرِ للدماغ.

ولإِثارةِ هذا الموضوع أكثر؛ تحوَّلَ فيشر وزملاؤه إلى الفئران الجنينية؛ إذ فحصَ الفريقُ آلافَ الجينات المعروفة في أدمغة الفئران الكاملة بحثًا عن تلك التي شُغِّلت أو أُوقِفَ تشغيلُها بواسطة بروتين FOXP2.

وفي أنسجةِ الدّماغ التي غُمِرت بتركيزاتٍ عاليةٍ من FOXP2؛ بدأَ البروتين في تشغيلِ قرابة 160 جين، في حينِ تباطَأ 180 جينٍ آخرَ في هذه الخلايا بسببِ إنتاج البروتين.

ويشير كلُّ هذا إلى أنَّ FOXP2 هو "محورٌ في شبكةٍ من الجيناتِ التي قد تكونُ مُهمَّةً"؛ يقولُ فيشر.

وتشكّلُ Foxp2 شبكةً واسعةً، وتشرف إشرافًا غيرَ متناسب على الجينات المعنيَّةِ بتنظيمِ خلايا الدماغ ونموُّها، وخصوصًا نموَّ العصبوناتِ العصبية؛ الزوائدِ التي تصل إلى الخلايا العصبية الأُخرى.

وفي الواقع؛ فإنَّ العديدَ من الخلايا العصبية في أدمغة الفئران التي تفتقرُ إلى بروتينات FOXP2 الوظيفية كانت لها زوائدُ أقصر نسبيا بشكل ملجوظ، كما أفادَ فريقُ فيشر على الإنترنت في PLoS Genetics.

قد يكون امتداد هذه الزوائد ضروريًّا للتعلم. وتميلُ خلايا الدماغ المبكرة إلى الدردشةِ مع العديد من الخلايا العصبية الأُخرى في البداية؛ كما يشرح بيتر كارلسون -عالمُ الأحياءِ التنموي في جامعة غوتنبرغ في السويد والذي لم يشارك في الدراسة- ولكن عندما تتعلَّمُ الحيوانات تُزالُ هذه الأطرافُ الزائدة لتبقى بضعةٌ منها فقط لتنظيمِ الاتصالات الحاسمة. ولذلك؛ بدونِ FOXP2؛ من الممكن أن يكونَ لديك "موادُّ أوليةٌ أقلُّ لنوعٍ كهذا من التقلُّص أو التكيُّف"، كما يقول.

ومع ذلك؛ لا تشرحُ الدراسةُ كليًّا كيفَ ينظِّمُ FOXP2 الكلامَ البشري؛ كما يقولُ سريدهار هانينهالي -هو عالم أحياء حاسوبي في جامعة ماريلاند،كوليدج بارك- إذ إنَّ "نموَّ الخلايا العصبية في أيّ عصبونٍ عشوائي لن يؤدّي إلى تطوير اللغة."

ويقول فيشر إنَّ الإجابةَ قد تكونُ موجودة في المهارات الحركية أكثر من اللغوية؛ إذ تعاني الفئران التي تفتقر إلى بروتين FOXP2 من صعوبةٍ في إكمال مَهامّ الحركة الأساسية، مثلَ الجري على عجلة القوارض. ولأيِّ شخصٍ قد قرأ لـِ دكتور سوس "هناك مقبسٌ في جيبي - There's a Wocket in My Pocket"  يعلم جيداً بأنَّ "التحدّث" هو إنجازٌ شاقّ، بما يتطلّبه من تمدُّدِ الشفاه وتموُّجاتِ اللسان المُعقَّدة: "إنَّها واحدةٌ من أكثرِ الأشياءِ التي نواجهها تحديًّا".

المصدر: هنا