منوعات علمية > منوعات

الوعي الجزء الأول

ما هو الوعي؟

لطالما ناقشَ الفلاسفةُ عبرَ العصور معنى الوعي ومن أين أتى وكيف تكوّن؟

وقد تكونُ الفلسفةُ الديكارتيَّةُ هي الأولى من نوعها حين قالت" أنا أفكر إذاً أنا موجود".

فالتفكيرُ بالوجود أكبرُ دلالاتِ الوعي، ولكنَّ ديكارت أوغيره من فلاسفةِ العصر الحديث يحاجِجُون بوجود ثنائية الوجود؛ الفيزيائية المادية، والروحية.

وهنا ما زالَ الجدلُ مفتوحاً في كيفيةِ تعريف الوعي أو ما إذا كان الجسم أحادياً أم ثنائياً. ولكي لا نتعمقَ في مشكلةٍ غيرِ محلولة، سوف نتجاوزها إلى ما توصلت إليه الأبحاثُ العلمية مؤخراً.

الوعيُ في اللغة يعني الاحتواء، وهنا يشملُ احتواءَ الفهم وسلامةَ الإدراك، وفي علم النفس هو شعورُ الكائن الحي بما في نفسه وما يحيطُ به.

الوعيُ هو أيضاً ذلك الشعورُ بكلِّ ما حولك من خلال حواسِك.

هو تلكَ التجربةُ التي مررتَ بها، هو أيضاً ذلك الإحساسُ الذي يخالجُك عند رؤية شيءٍ ما.

 ذاك الشعورُ يُدعى من قبل بعض المختصين بالكيفيّة qualia، أي كيف كان شعورُك وقتَها؟ وتختلفُ هذه الكيفيةُ من شخص إلى آخر، فحين ترى اللونَ الأحمر خلالَ عمليةٍ جراحيةٍ، يختلفُ عن شعورك عند رؤيته في حديقةِ ورود.

كيف نستطيعُ أن نعرفَ الجزءَ المسؤولَ عن الوعي؟

هناك طريقتان رئيستان لاختبارِ الأجزاءِ المسؤولة عن الوعي:

الأولى عبرَ التصويرِ الكهرومغناطيسي أو ما يُسمَّى بالرنين المغناطيسي الذي من خلالهِ نستطيعُ تحديدَ أي جزءٍ يتفاعل أكثر من غيره عندما نؤدي وظيفةً معينةً مرتبطةً بالوعي.

والثانيةُ عبرَ فقدان أو تلف جزءٍ معينٍ من الجسد ومن ثُمَّ نخسر إحدى القدراتِ الوظيفيّةِ للجسم كالحركة أو الكلام أو حتى التفكير المنطقي.

ولكن تبقى الطريقةُ الثانيةُ محدودةً لعدم إمكانية تطبيقها على أشخاصٍ أصحّاء.

 

  الوعي مرتبطٌ بالخلايا العصبية

المجتمعُ العلمي شبهُ متفقٍ على أنَّ الوعيَ حقيقة، ومصدرُهُ الدماغ . فبقدر إبهارِ الكونِ لنا بعظمتِه، فالدماغُ ذو ال ٨٥ مليار خلية مبهرٌ أيضاً، وهو الذي يملك ٢٪ من وزن الجسم، ويستهلك ٢٠ ٪ من طاقته.

 

خلية عصبية

 

عندما نحسُّ بألمٍ في الأسنان، فهنا تهتزُّ الخلايا بدرجةٍ معينةٍ وتفعّلُ نوعاً معيناً من الخلايا العصبية.

 هل هذه الخلايا العصبية المفعلة هي جزءٌ من الوعي؟ وفي أيِّ جزءٍ من الدماغ تقبع؟

 

الدماغُ يُعَدُّ مركزَ الوعي أو ما يُسمَّى الارتباطَ العصبي للوعي Neuronal Correlates of Consciousness ، ولكن لا بدَّ من تضييق البحث عن أصغرِ مكانٍ مسؤولٍ عن هذا الوعي.

فمثلاً إذا انقطعَ الحبلُ الشوكي انشلَّ الجسد كاملاً، ولكنَّ هذا لا يؤثرُ في حاسّة البصر، والسمع، والشم أو حتى التفكير.

ومن هنا نستطيعُ أن نستبعدَ الحبل الشوكي، وهكذا حتى نصل إلى أقلِّ جزءٍ مسؤولٍ في الدماغ.

حتى المخيخ الذي يحتوي على ٦٩ مليارَ خليةٍ عصبية، وبهذا يمتلك أربعةَ أضعافِ عدد الخلايا العصبية إلى بقية الدماغ، وهو المسؤول عن الحركة، والرقص، والعزف، والكتابة، ولكنَّه إذا تلفَ فلا يؤثرُ هذا على التفكير أو الشعور بالحواس الخمس أو حتى التفكيرِ بالذكريات.

ومن هنا نعرفُ أن ليس كل أجزاء الدماغ مسؤولةً عن الوعي، وهذا يجعلُ مهمةَ البحث أصعب، ولكنَّ الأبحاثَ تقربُ الإجابةَ كلَّ يوم. آخر الأبحاث ضيّقَت دائرةَ البحث أكثر وأكثر، وهذا ما سنتكلمُ عنه في الجزء الثاني من المقال.

 

 المصادر الأجنبية:

1 - هنا

2 - هنا

3 - هنا

4 - هنا

5 - هنا

6 - هنا

المصادر العربية:

1 -  المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م