منوعات علمية > منوعات

التماسيح تستمع للموسيقا الكلاسيكية

كانت دموعُ التماسيح  دائماً هي المصطلحَ الذي يصفُ المشاعرَ الكاذبة، لكن مع هذهِ الدراسةِ؛ قد نُضطَّرُ إلى الاعتذارِ من صديقنا التمساح، فقد أنجزَ فريقٌ من الباحثينَ دراسةً عن تماسيحِ النيلِ واستجابتِها للمؤثراتِ الحسيةِ كالموسيقا الكلاسيكية.

لماذا التماسيح؟

لمّا كانتِ التماسيحُ  كائناتٍ من الماضي وتعيشُ بينَنَا في الوقت ذاته؛  فهي تُعدُّ من أقدمِ أنواعِ الفقاريات، وهي لم تتغيرْ تقريبًا على مدى 200 مليون سنة أو أكثر، ووفقًا لذلك؛ فإنَّها تُعدُ صلةَ الوصلِ بينَ ديناصوراتِ الماضي وطيورِ اليوم.

وتُعَدُّ من الحيواناتِ السلوية (التي يحيط بأجنّتها الكيسُ السَّلَوي  … كالإنسان مثلاً) وهي بالتالي من أقاربِ طيورِ اليوم والثديات و دراستُها مهمةٌ لفهمِ تاريخِ تطورِ الأجهزةِ العصبيةِ المركزية ويمكنُ أن تساعدَنا على  تحديدِ المرحلةِ التي تشكلتْ بها بُنى الدماغ والسلوكيات المرتبطة بها.

كما أنَّ الدراساتِ الوظيفيةَ لدماغها نادرةٌ على الرغم من أنَ دماغَ التمساحِ قد شُرِّحَ.  

للمرة الأولى تمساح ضمن جهاز التصوير :

قامَ فريقُ الباحثين باستخدامِ  الرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) " وهي طريقةٌ تُستخدَمُ بشكل روتيني في التشخيص السريري والأبحاث"، لكن للمرةِ الأولى كانَ تمساحُ النيل هو هدفَ الفحصِ والدراسةِ للتأكدِ من أن أدمغتَها تقوم بمعالجة المعلوماتِ الحسية.

قام الباحثون بتعريضِ التمساحِ الموجودِ في جهازِ الفحص لمؤثراتٍ بصريةٍ باستخدامِ لونَين مختلفَين هما الأحمر والأخضر، كما  استُخدِمَتْ مقطوعاتٌ موسيقيةٌ كلاسيكيةٌ للموسيقار باخ (مقطوعات مدتها 12 ثانية وأخرى مدتها 18 ثانية) كمؤثرٍ سمعيٍ معقد باستخدامِ مكبراتِ صوت وُضِعت أمامَ التمساح  وقِيسَ نشاطُهُ الدماغي أثناءَ تعرضِهِ لتلك المؤثرات.

ما النتيجة؟

أظهرتِ النّتائجُ  أنَّ مناطقَ إضافيةً في الدماغ تَنشَطُ أثناءَ التّعرضِ للمنبهاتِ المعقّدة "الموسيقا الكلاسيكية " وهذا لا يحدثُ أثناءَ التعرضِ للأصواتِ البسيطة، كما أنَّ أسلوبَ الاستجابة يشبهُ إلى حدٍ كبيرٍ استجابَةَ  الثديات والطيور من خلالِ إجراءِ دراساتٍ مشابهةٍ - إنها نظرةٌ عميقةٌ للتطور.

بالتالي يفترضُ الباحثونَ أنَّ آليةَ المعالجةِ العصبيةِ للمنبهات الحسية تطوّرتْ في مرحلةٍ مبكرةٍ ويمكنُ إرجاعُها إلى الأصولِ نفسِها عندَ جميعِ الفقاريات، كما أنَّ نجاحَ فحصِ الزواحفِ بتقنيةِ الرنينِ المغناطيسي الوظيفي يبرهنُ أنَّ هذه الطريقةَ فعالةٌ بالنسبة للكائناتِ الحشريةِ، ويمكنُ استخدامُ هذهِ الطريقةِ غيرِ المؤذية لدراسةِ أنواعٍ لم تُدرَس بعمقٍ حتى الآن. (نُشِرت نتائجُ الدراسةِ في مجلةِ "وقائع الجمعية الملكية ب: العلوم البيولوجية" في 25 أبريل 2018)

أخيراً نتذكرُ المثلَ القائل "ابقَ حيثُ الموسيقا فالأشرارُ لا يغنون" … لكن انتبه، فالتماسيحُ اللطيفةُ  تستمعُ للموسيقا أيضاً.

 

 

المصادر:

هنا

هنا