العمارة والتشييد > مواد البناء

خشبٌ أقوى من الحديد

أوجدَ مهندسون في جامعة ماريلاند في كوليدج بارك UMD نوعًا جديدًا منَ الخشب المطوَّر و المكثَّف ذي صلابةٍ أكبر بعشرات المرّات منَ الحديد.

ويقولُ الباحثُ ليانغ بينغ قائدُ فريق الباحثين من كليّة أ. جيمس كلارك للهندسة "إنَّ هذهِ الطَّريقة الجديدة لمعالجةِ الخشب تجعلهُ أقوى 12 مرَّةً من الخشبِ الطبيعيّ وأقسى 10 مرات، وقد يكونُ هذا الخشبُ منافسًا للحديد أو لسبائك التيتانيوم؛ فهو قويٌّ جدًا ويمتازُ بصلابةٍ عاليةٍ، ويمكننا مقارنتهُ معَ أليافِ الكربون فهو أقلُّ تكلفةً."

 

الباحثان ليانغ بينغ على اليسار وتينغ لي على اليمين من جامعة ميرلاند.

ويضيف كلٌّ من تينغ لي القائدُ المشاركُ للفريق وصامويل ب. لانغلي الأستاذُ المشاركُ في الهندسةِ الميكانيكيَّة في كليَّةِ كلارك في جامعة يو إم دي بعدَ قياسِ الخواص الميكانكيّة لهذا الخشب المطوّر: "إنّ هذهِ المادَّة قويَّةٌ و قاسيةٌ وهوَ مزيجٌ لا يوجدُ في الطَّبيعةِ عادةً، فهي قويَّةٌ كالحديد لكنَّها أخف بست مرَّات، وتحتاجُ إلى 10 أضعاف الطَّاقة للكسر مقارنةً مع الخشب الطَّبيعيّ، إضافةً إلى قابليِّتها لأن تُذاب وتُشكَّل في بداية الإنتاج."

أطلقَ الفريقُ -لمقارنةِ الخشبِ الجديد معَ الخشبِ الطَّبيعي- مواد شبيهة بالرَّصاص نحوَ الخشب المطوَّر، فمرَّت الطَّلقة عبرَ الخشبِ الطَّبيعيّ دونَ أيَّةِ مقاومةٍ تُذكر، لكنَّ الخشبَ المطوّر أبدى مقاومةً كبيرة.

و يضيفُ هواجين جاو الأستاذ في جامعة براون على الرُّغم من عدمِ مشاركتِه في البحث: "سيوفِّرُ هذا الاختراع مسارًا واعدًا جدًا في تصميمِ مواد الهياكل الإنشائيَّة الخفيفة الوزن والعالية الأداء، وسيتيحُ المجالَ لمجموعاتٍ واسعةٍ من التَّطبيقات تكونُ فيها القوَّة العالية والصَّلابة والمقاومة الكبيرة مرغوبةً".

 

من المثير أنّ هذهِ الطَّريقة يمكنُ استخدامُها لأنواع مختلفة من الأخشاب ويسهلُ تنفيذُها، كما يمكنُ استخدامُ هذا النَّوع من الخشب في السيَّارات والطَّائرات والأبنية وفي كافَّةِ أماكن استخدام الحديد، إذ اكتشفَ العلماء أنَّ أليافَ الخشب تُضغَط بقوَّة فتتمكَّنُ من تشكيل روابط هيدروجينيَّة قويَّة تشبهُ حشداً من النَّاس يمسكون بأيديهم ولا يستطيعون التَّحرُّكَ من مكانِهم، كما يجعلُ هذا الضَّغط الخشبَ أرق خمسَ مرَّاتٍ من حجمهِ الأصليّ.

رسمٌ تخطيطيّ لمنهج من خطوتين من الأعلى إلى الأسفل لتحويلِ الخشبِ الطَّبيعيّ إلى الخشبِ المكثَّف القويّ جدًا.

تبدأُ العمليَّةُ في الصُّورة a الخطوة 1 بالعلاجِ الكيميائيّ لإزالة اللجنين (الصمغ بين الخلايا الخشبيَّة)، لتنتقلَ بعدها إلى الخطوة 2 ويبدأ الضَّغط الميكانيكيّ الساخن تحتَ تأثيرٍ حراريّ يصلُ إلى ١٠٠ درجة مئوية، ممَّا يؤدِّي إلى انخفاضِ سماكةِ الخشب قرابة 80 ٪.

يتكوَّنُ معظمُ الخشب المُكثَّف من أليافٍ نانويَّة سليلوزيَّة محاذية ممَّا يعزِّزُ تكوينَ الرَّابطةِ الهيدروجينيَّة بينَ أليافِ النَّانو.

تظهرُ في الصُّورة b قوَّةُ الشَّد المحدَّدة للخشب المكبوت النَّاتج (422.2 ± 36.3 ميجا باسكال cm3 g − 1، متوسِّط ​​الانحراف المعياريّ) أعلى من تلكَ الخاصَّة بالمعادن النموذجيَّة (سبيكة Fe-Al-Mn-C  TRIPLEX و الفولاذ ذو الكثافة العالية المقاوم للصَّدأ HSSS)، وسبائك التيتانيوم الخفيفة الوزن Ti6Al4V.

يقولُ أورلاندو جيه روجاس الأستاذ في جامعةِ ألتو في فنلندنا: "إنّ الملاحظة الأميز هي وجودُ تركيزٍ معيَّن من اللجنين (الصمغ بين الخلايا الخشبية) لتحقيقِ أقصى قدرٍ من الأداء الميكانيكيّ للخشبِ المُكثَّف، فإزالةُ اللجنين يقلِّلُ من أداءِ الخشب، لكنَّ إزالتَه باعتدال أو جزئيًا منَ الممكنِ أن تحقِّقَ فرقًا كبيرًا في قدرةِ التحمُّل، وهذا يكشفُ عن التَّوازن الدَّقيق بينَ التَّرابط الهيدروجينيّ والالتصاق النَّاتج عن مركَّب البوليفينول، والمثيرُ للاهتمام هو أنَّ تكثيفَ الخشبِ يؤدِّي إلى ازديادِ كلٍّ منَ القوَّةِ والصَّلابةِ معًا؛ إذ أنّهما خاصيتان متناقضتان عادةً."

الخشب الطَّبيعيّ يحتوي على فراغاتٍ في أليافه

 

لا يحوي الخشبُ المكثّف على فراغاتٍ أبداً

 

تتضمّنُ دراساتُ الباحثِ ليانغ بينغ عدَّةَ أبحاثٍ عن قدراتِ تكنولوجيا النَّانو الطبيعيَّة في الخشب، إذ تمكَّنَ سابقاً من صُنعِ مجموعةٍ من التِّقنيَّات الجديدة من المواد ذات الصِّلة بمركَّبات النانو سيللوز مثل:

1- ورق شفّاف جدًا ليحلَّ مكانَ البلاستيك.

2- ورقٌ فوتونيّ لتحسينِ كفاءةِ الخلايا الشمسيَّة بنسبة 30%.

3- بطاريَّات ومكثِّف خارق من الخشب.

4- بطاريَّات من الورق.

5- خشبٌ شفَّاف للمباني ذات الكفاءة في استخدامِ الطَّاقة.

6-تحليةُ مياه الشُّرب بالطَّاقة الشَّمسيَّة وتصفيةُ الأصبغة السَّامَّة تحديدًا.

وتُسوَّقُ هذهِ المنتجات النَّاشئة القائمة على الأخشاب عن طريق شركة “UMD ، Spinoff company inventWood  LLC”

إنَّ البحثَ المستمر يقودُنا إلى اكتشافِ خبايا الطَّبيعة وما تحويه من أسرار وقدرات على الاستعانة بماهو متوفِّر بأرخصِ الأسعار وتحويله إلى شيء يفوق الخيال، وهذا ما تسعى لأجلهِ الإنسانيَّة.

المصادر:

1 - هنا

2 - هنا

3 - هنا