الكيمياء والصيدلة > كيمياء

عبر أيدٍ سوريّةٍ.. الجرافين إلى المستوى الصناعي

تحقَّقَ مؤخَّرًا اكتشافٌ علميٌّ مهمٌّ في جامعة أوبسالا Upsala قُدِّمت من خلالهِ حلولٌ جديدةٌ للمشكلات المتعلقة بتصنيع الجرافين، فحتَّى الآن؛ منعتِ التحدياتُ التي يفرضها تكتُّلُ الجرافين من استخدامِ خواصِّه الفريدة والفائقة في تطبيقاتِ الحياة اليومية. والآن؛ حلَّتِ المادةُ الهجينة الجديدة المُسمَّاةُ Arose Graphen هذهِ العقباتِ، ومن المتوقَّع أن تُسبِّبً هذه المادةُ ثورةً في طريقةِ تصميمنا للإلكترونيات والنُّظم الميكانيكية، وطريقةِ تخزيننا للطاقة أيضًا.

وقد عُزِلُ الجرافين أوَّلَ مرَّة عام 2004 في جامعة مانشستر بجهودِ كلٍّ من البروفيسور أندري جييم Andre Geim والبروفيسور كوستيا نوفوسيلوف Kostya Novoselov؛ إذ كانتِ النظريةُ عن مادّةٍ كربونيةٍ ثنائيةِ الأبعاد معروفةً منذ عام 1947. ولكن على الرغم من الجهود الهائلة المبذولة في مجال الجرافين؛ لم يستطع أحدٌ الوصول إلى أبعادٍ أقلَّ من 50-100 نانومتر حتَّى عام 2004، ونتيجةً لذلك فاز البروفيسوران بجائزةِ نوبل في الفيزياء عام 2010.

الجرافين هو مادةٌ كربونيةٌ ثنائيةُ البعد بسماكةِ ذرةِ كربون واحدة، وهو مَرِنٌ وأشدُّ صلابةً بـ 200 مرَّة من الفولاذ، فهو أرفعُ مادةٍ معروفةٍ حتى الآن وأصلُبها على حدٍّ سواء، وتكاد تكونُ التطبيقاتُ الممكنة والمحتملة في المجالات المختلفة لا حصر لها. ولكن؛ على الرغم من الدَّعم الهائل الذي تتلقاه أبحاث الجرافين؛ وحتَّى بعدَ مرور أكثر من عشر سنوات من تقديم الجرافين للعالم؛ ما يزال استخدامه محدودًا في تطبيقاتٍ معينة؛ فخصائص الجرافين تنهارُ وتنحدرُ تحت محاولاتِ تصنيعه بمقاييس أكبر، إذ إنَّ هذه الرقائق الرفيعة من الكربون تميلُ إلى التكدُّس، ونتيجةً لذلك تفقدُ المادةُ خصائصها وتصبح أكثر شبهاً بالجرافيت، فما يزال من الصعب جدًّا تصنيعُ الجرافين بكمياتٍ تتجاوز بضعةَ سنتيمترات مربعة.

وبعد معاناةِ الباحثين مدّةً من الزمن مع هذا التحدي؛ صُنِعَ الحلُّ في مختبر Angstrom في السويد على يد الباحث السوري د. مأمون طاهر، وعلّق د. طاهر على هذا الاكتشاف بقوله: "تمثَّلَ التحدّي في نقلِ خواص الجرافين المميَّزةِ من المستوى النانوي في المختبراتِ إلى المستوى الماكروي في الصناعاتِ دونَ أن تتهدَّمَ خواصُّه".

وقد صًمِّمتِ المادةُ الجديدة Arose Graphene على النحو الذي يجعلها تمنعُ عمليةَ التكدُّسِ عن طريق إدخال جزيئاتٍ مُصمَّمةٍ خِصيصًا تُدعى بالـ Separators "الفواصل"، وصُمِّمت هذه "الفواصل" بغرض الفصلِ بين رقائقِ الجرافين من غيرِ المساس بخواصها، وأُعدّت هذه العملية لتكون مقبولةً بيئيًّا، فيستعمل الماءُ كمذيبٍ ومن غيرِ استخدام مواد كيميائية سّامة.

والدكتور مأمون طاهر هو عالمُ مواد من أصل سوري، وقد سافرَ إلى السويد في عام 2010 بهدفِ متابعة دراساته العليا، وهو ينجزُ الأبحاثَ في مختبر Angstrom في جامعة Uppsala منذ عام 2015، وكان يعمل في مشاريع تتعلق بالجرافين أيضًا لصالح شركةِ ABB؛ وهي واحدةٌ من أكبر شركات الهندسة في العالم. وقد حقَّقَ د. طاهر اكتشافَه هذا في أثناءِ بحثه ضمن مرحلةِ ما بعد الدكتوراه postdoc بعدَ أن كتب أطروحتَه في كيمياء الأسطح Chemistry of Interfaces في جامعة لوليا للتكنولوجيا Lulea University for Technology.

التطبيقاتُ لأجل التعامل مع حرارة الإلكترونيات:

يُمكنُ استخدامُ هذه المادة في الإلكترونيات ومجال الاتصالات؛ إذ تستطيع هذه المادةُ تشتيتَ الحرارة الناتجة من الإلكترونيات تشتيتًا فعّالًا، ممَّا يسمحُ بتصميماتٍ مُدمَجة compact وعمرِ تشغيلٍ أطولَ وأكثرَ أمانًا. وتُظهِرُ العجينةُ الحراريةُ التي تحتوي Arose Graphene ناقليّةً حراريّةً بنسبة 180% أكثرَ من المنتجاتِ التجارية الأخرى، وفي المستقل القريب سنحتاج مراكزَ أكثر وأكثر لتخزينِ البياناتِ؛ فطلبُ الحلول مُلِّحٌ لِلتدبير الحراري للإلكترونيات.

وتمتلك شركة Graphmatech - ومديرها التنفيذي هو الدكتور مأمون طاهر - عدةَ مشاريعَ أخرى كالطباعةِ ثلاثية الأبعاد والنُّظمِ الميكانيكية مع آلية التزليق الذاتي self-lubricating والسعاتِ الكهربائية الفائقة المطبوعة. ويقول الدكتور مأمون طاهر أيضاً:" نحنُ لا نطوّرُ مجرّدَ مادة، بل نطوّرُ عمليّةً أيضًا يُمكِنُ استخدامُها من قبل منتجِيّ الجرافين والصناعاتِ الأخرى المتعلِّقةِ بهذه المادة، ونحن الآنَ نناقشُ موضوعَ ترخيصِ عمليتنا".

المصادر:

هنا

www.graphmatech.com/about-us