الطبيعة والعلوم البيئية > علم الأرض

المعدنُ السحريّ لعلاجِ كوكبِ الأرض!

اكتشف علماءُ من جامعة Delaware الأمريكية مؤخّراً خاصيّةً مميّزة لمعدن البزموت من المحتمل أن تكون المفتاحَ للحدِّ من تزايدِ معدّلات ثاني أكسيد الكربون في الجوّ وتفتحَ المجال أمام طرقٍ أكثرَ استدامةً لتصنيع الوقود.

البزموت أو البيزمث Bismuth هو معدنٌ بلّوريٌّ هشٌّ أبيضُ اللّون مع أثرٍ طفيفٍ للّون الورديّ وبريقٍ من اللون الذهبيّ، لهُ استخداماتٌ عدّة، من بينها مستحضرات التجميل والسبائك ومطافئ الحريق والذخيرة، ومن المعروف أنَّه العنصر الرئيس في علاج آلامِ المعدة.

يملك البزموت خاصّيّةً غير اعتياديّةٍ تُسمّى بـ "اللّدونةِ التحفيزيّة"، ويمكن تسخيرُ هذه الخاصيّة لمساعدة البيئة كشرارةٍ أو مُحفِّزٍ لتحويلِ ثاني أوكسيد الكربون (CO2) - أحد أهمّ الغازات الدفيئة المسؤولةِ عن الاحتباس الحراريّ - إلى وقودٍ سائلٍ وموادَّ كيميائيّةٍ صناعيّة، وتُنجَز هذه العمليّة بتطبيق تيَّارٍ كهربائيٍّ على طبقات رقيقة من البزموت في حمّامٍ من أملاح الإيميدازول* والأميدينيوم**، و بذلك يمكنُ ضبط التفاعل الكيميائيّ لتحويل ثاني أوكسيد الكربون إمّا إلى وقودٍ سائلٍ مثل البنزين، أو حمض الفورميك***، وقد نُشِرت نتائج البحث في مجلِّة الجمعيّةِ الكيميائيّةِ الأمريكيّة ACS Catalysis Journal.

وما يميّز هذا المعدن هو إمكانيّة استخدامه لإنتاج مركّبات عدّة وإحداث تفاعلاتٍ انطلاقاً من المواد الأوّلية نفسها، بينما لجأ الكيميائيون في الماضي إلى تطوير موادّ محفِّزة (وسيطيّة) جديدة لكلِّ تفاعلٍ أرادوا إحداثه أو مادّةٍ أرادوا إنتاجَها.

وقد أظهر فريقُ العلماء سابقاً أنّه يمكن استخدام أفلام البزموت بالتزامن مع بعض الأملاح السائلة كمحفِّزاتٍ غير مُكلِفة لتحويل ثاني أكسيد الكربون والطاقة المتجدِّدة إلى أنواعِ وقودٍ غازيٍّ مثل أوّل أوكسيد الكربون، أمّا في هذه الدراسة؛ فقد وجدوا أنّ بإمكانهم استخدامَ المواد نفسها في وجود الأملاح المختلفة لتحويل ثاني أوكسيد الكربون إلى وقودٍ سائلٍ مباشرةً.

ما زال توقُّعُ التأثير المباشر لهذه التقنيّة على مستويات ثاني أوكسيد الكربون الحاليّة في الجوّ صعباً، إذ إنّها ستسمحُ بإنتاج الوقود السائل باستخدام الكهرباء الناتجة عن الموارد المتجدِّدة كأشعة الشمس والرياح، وهذا بدوره سيقلِّلُ الحاجةَ إلى موارد البترول التقليديّة، ممّا سيؤدِّي إلى تقليل انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون أيضاً.

ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ مستويات غاز ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوّيّ للأرض قد بلغت في شهر نيسان (أبريل) الماضي أعلى مستوياتٍ لها منذ أن راقبها البشر - إذ تجاوز تركيزُهُ 410 جزءاً من المليون في الشهر بأكمله – وذلك وفقاً للقياسات التي أُجريت في مرصد ماونا لوا Mauna Loa  في هاواي.

ولذلك يتسابقُ العلماءُ لإيجاد السُبُلِ للتّخفيف من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ومستوياته في الغلاف الجوي لإنقاذِ كوكبِنا من أحدِ أصعبِ المشاكل الّتي تهدِّدُ استمرارَ حياتِنا عليه.

هوامش:

*الإيميدازول: مركّب عضويّ له الصيغة C3H4N2 ، وهو من المركبات العطريّة الحلقيّة غير المتجانسة، تتألّف بنيته من حلقة خماسيّة غير مشبعةٍ حاوية على ذرّتيّ نيتروجين.

هنا

**الأميدينيوم: مركّب عضويّ يُشتقّ من الحموض الأكسجينيّة -وهي الحموض الحاوية على ذرّة أكسجين وذرّة هيدروجين مرتبطةٍ بها وعنصر واحد آخر على الأقلّ، والصيغة العامّة للأميدينيوم هي RnE(=NR)NR2

هنا

***حمض الفورميك: ويسمّى أيضاً حمض النمل وهو أبسط الحموض الكربوكسيليّة؛ صيغته الكيميائية HCOOH وهو مادّة كيميائيّة قيّمة لها العديد من الاستخدامات الصناعيّة مثل حفظ الأغذية والأعلاف الحيوانيّة، وتصنيع المطاط والجلود، والنكهات الاصطناعيّة والعطور.

هنا

المصدر:

هنا