الطب > طب الأطفال

أُمّي.. لماذا لا أستطيعُ تناولَ الحلوى كأصدقائي؟

إذا كنتَ أو كنتِ في ريعان الشباب؛ ثمّ كان لديكم الداءُ السكري من النمط الأول؛ أو كانَ لدى أحدكم ولدٌ مُصابٌ به؛ أو كان لديكم جارٌ أو صديقٌ أو قريبٌ يعاني منه؛ فسوف نكونُ ممتنّين لكم إذا ما خضتم معنا هذه الرحلة لنتعرف فيها عن قرب إلى هذا المرض، فلنبدأ:

أن تكونَ مصابًا بالسكري فهذا يعني أنَّ السُّكَّرَ موجودٌ بكميَّاتٍ عالية في دمك.. فكيف يحدث هذا؟

حسنًا؛ تأتي السُّكَّرياتُ من مختلف أنواع الأطعمة التي نتناولها يوميًّا، والسّكر ضروريٌّ كي تحصلَ الخلايا على الطَّاقةِ اللازمة فنستطيعَ تأدية نشاطاتنا المختلفةِ كاللعب  والدراسة والسباحة وغيرها... لكنَّ السكريات لا تستطيع دخولَ الخلايا وحدَها، بل تحتاجُ مساعدةَ الأنسولين.

و(الأنسولين) هو هرمونٌ يصنّعه البنكرياس، ويعمل كالمفتاح لأبواب الخلايا؛ إذ يذهبُ الأنسولين إلى الخلايا ويفتحُ البابَ، فتدخلُ السكريات من الدم إلى داخل الخلايا.

في السُّكَّري من النمط الأول؛ يفشلُ البنكرياسُ في تصنيعِ الأنسولين، وبدون الأنسولين سوف يبقى بابُ الخلايا مغلقًا في وجهِ السكر، وبذلك سيتراكمُ السكر في الدم، وستبقى الخلايا دونَ طاقة!

ومن المهمّ أن تعرفَ أنَّ النمطَ الأوَّلَ للسكري ليس مرضًا مُعديًا، فهو لا ينتقلُ من شخصٍ إلى آخر، ولا ينتجُ عن تناولِ كثيرٍ من الحلويات، وإنَّما قد يحدثُ نتيجةَ ردِّ فعلٍ مناعيٍّ ذاتيّ؛ إذ يهاجمُ جهازُ المناعة خلايا الجسم، وقد تتدخَّلُ عواملُ وراثيَّةٌ وإصاباتٌ فيروسية بحدوثه أيضًا. 

يمكنكم أصدقائي أن تشاهدوا الفيديو في الرابط الآتي لتروا بأنفسكم ما يحدث داخلَ أجسامكم:

هنا

ولمعرفةِ مزيدٍ عن الداء السكري يمكنكم قراءة مقالنا هذا:

هنا

إنَّ التشخيصَ المُبكِّر للداءِ السكري مهمٌّ جدًّا لتجنُّبِ حدوثِ الاختلاطاتِ الخطيرةِ التي سنتحدَّثُ عنها لاحقاً،

فإذا كنتِ تلاحظينَ أيًّا من الأعراض الآتية على طفلِكِ فيُفضَّل أن تستشيري طبيبَه لإجراءِ الفحوصاتِ اللازمة للتشخيص:

يمكن اعتماد قاعدة 4T لتذكُّرها لاحقاً (Toilet-Thirsty- Tired- Thinner)

قد يكونُ تشخيصُ الداء السكري صاعقًا للوالدَين والطّفل على حدٍّ سواء، ومن المهم أن تتعاملَ العائلةُ كلُّها مع المشاعر السلبية التي تشعر بها تعاملًا منفتحًا ودونما خجل.

ومن المهم أن تتيحَ لطفلكَ الوقتَ الكامل لِيعبَّرَ عن مشاعره و حزنه وألَّا تستعجلَ تقبُّلَه لمرضِه؛ فبعض الأطفال قد لا يعبُّر عن هذه المشاعر فورَ التشخيص، بل تظهر متأخرةً في مرحلة المراهقة أو الشباب المبكر.

وقد يكون من المفيد في مرحلةِ المراهقة الاستعانة بالأصدقاء ضمن دائرة الدَّعم؛ إذ يميلُ المراهقون إلى مُصارَحةِ الأصدقاء والغرباء أكثرَ مما يصارحون ذويهم.

يعتمد علاج السكري من النمط الأول على الأسس الآتية:

-أوَّلاً: تعويض الأنسولين:

يُعطى الأنسولين عن طريق الحَقْن، ويمكن استخدامُ الإِبر أو الأقلام أو مضخةِ الأنسولين لأجل هذه الغاية، وتُحدَّدُ الجرعةُ المناسبة وطريقة الحَقْن الأنسب بالتشاور مع الطبيب المُختصّ.

-ثانياً: المراقبةُ الدوريَّةُ للسُّكَّر:

إنَّ الهدفَ من إعطاءِ الأنسولين هو الحفاظُ على قِيم سكَّرِ دمٍ قريبةٍ من الطبيعيّ، ولمعرفةِ ذلك يجبُ أن يُراقَبَ السُّكَّر يوميًّا وعدَّة مراتٍ كما يأتي:

-قبلَ الطعام.

- بعد الطعام بساعتَين.

- قبل النوم.

- قبل التمارينِ الرياضية وبعدها.

- قبل قيادةِ السيارة.

- ظهورُ أيّ أعراضٍ تشير إلى انخفاضِ السّكر أو ارتفاعه.

ويُرجى الانتباه إلى أنَّ هذه المواعيدَ قد تتغيَّرُ حسبَ تعليماتِ طبيبكَ الخاص.

-ثالثاً: الحِمية:

خلافًا للاعتقاد الشَّائع؛ فليس هناكَ من أغذيةٍ خاصّةٍ بالسُّكَّري، بل إنَّ الغذاءَ الصحّيَّ (المُعتمِدَ على الخضار والفواكه ومنتجات الحبوب الكاملة) - والذي يُنصَحُ به الناسُ كافّة - هو الأساسُ في حميةِ مريض السكري؛ وهذا يعني أنَّ العائلةَ كلَّها يُمكنها المشاركة في هذا النظام الصحي، لكن هناكَ بعضُ الخُططِ الغذائية التي يجب أن يتَّبعها مريضُ السكري؛ كأن تُحسَبَ الكربوهيدرات الموجودة في الوجبة بما يتناسبُ وجرعةَ الأنسولين ونظام الحياة.

وكي يحدثَ ذلك بدقة فمن المفيد أن يُتابِعَ المريض غذاءَه مع مختصٍّ بالتغذية؛ لِمعرفة كيفيةِ حساب السعرات الحرارية والسكريات في مختلف الأطعمة.

وإنّه لَمن المهمِّ الابتعادُ عن الوجباتِ السريعة والدُّسُم المُشبَعة والتدخين والكحول للحفاظِ على قِيمٍ طبيعيَّةٍ للسكر والوقايةِ من الاختلاطات.

ولتفاصيلَ أكثرَ عن تغذيةِ مريض السكري والطرائق العمليةِ لتطبيقها؛ يمكنكم قراءة مقالَينا هذَين:

هنا

هنا

ويمكنكم إيجادُ وصفاتٍ رائعةٍ عبر هذا الرابط:

هنا

-رابعاً : الالتزام بالنشاط الفيزيائي والوزن الصحي:

إنَّ الحفاظَ على نشاطٍ بدنيّ قرابةَ ساعةٍ يوميًّا مع الالتزام بالوزن الصحي هو أمرٌ مهمٌّ للأطفال السُّكريِين وغير السكريين على حدٍّ سواء.

ويجب تحديد نوعُ الرياضة المناسبِ باستشارةِ الطبيب الخاص؛ مع الانتباهِ إلى أنَّ التمارين قد تُسبِّبُ انخفاضًا في مستوى سكَّرِ الدم، لذلك يُنصَحُ بعيارِ سكر الدم قبلَ البَدءِ بالتمرين وبعده،  وقد يحتاجُ الطفلُ إلى تناولِ وجبة صغيرةٍ أو تعديلِ جُرعات الأنسولين بناءً عليه.

 

من المُهمّ أن تعرفَ أنَّ السُّكَّري يجب ألّا يغيِّرَ من نمطِ حياة الطفل أبداً؛ ولمّا كانَ التثقيفُ الصحيُّ للطفل والمراهقِ والأهلِ وسيلةً عالية الفعالية ونمطًا مُستخدمًا في كثيرٍ من البرامج الصحية في أورُبَّا؛ فإنَّنا سوف نُقدِّمُ بعضَ النصائح المهمّة لكلٍّ من الطفل والوالدَين فيما يخصُّ هذه المرحلة:

*كلمة للوالدَين :

*كلمة للطفل:

هنا

هنا

 

سنجيبُ عن هذا السؤال بعرضِ تداعيات "عدمِ الالتزام" بالعلاج وما يمكن أن يتعرَّض جسمكَ له، وسنبدأ بالمخطط الآتي:

أولاً: نوبة نقص السكر:

تحدثُ نوبةُ نقصِ السكر عندما ينخفضُ مستوى سكَّرِ الدم إلى قِيمٍ أخفضَ من الطبيعي (أقل من 70 مغ/دل)، وتكونُ هذه الحالةُ غالبًا ناتجةً عن:

- جرعةٍ زائدةٍ من الأنسولين.

- تفويتِ وجبةِ طعاميّة، وخاصةً التاليةَ للجرعات.

- جهدٍ فيزيائي زائدٍ عن الروتين اليومي للمريض.

- تناولِ الكحول بكمياتٍ كبيرةٍ أو بدون تناول الطعام.

عند حصولِ النوبة سيشعرُ المريضُ بالدَّوخة وتشوُّش الرؤية والجوع والتعرق والارتعاش ونقص التركيز، ويمكن أن يعاني تغيُّراتٍ في المِزاج والشخصية، وفي حالِ لم تُدبَّر النوبة بسرعةٍ فقد تتطور إلى غيابٍ عن الوعي. (شاهد الإنفوغراف هنا : هنا)

وإنَّ نقصَ السكَّرِ المديد حالةٌ خطيرةٌ قد تؤدِّي إلى أذيّاتٍ دماغيّةٍ خطيرة.. لذلك من المهمّ أن يُعوَّضَ السُّكَّرُ فورًا عند بدايةِ الأعراض؛ إمّا بواسطةِ أغذيةٍ غنيّةٍ بالسّكر البسيط؛ كالعصير الطبيعي، وإمّا بواسطةِ مُستحضراتٍ خاصّة بذلك على شكلِ كبسولات أو مسحوق. وهذا لا يغني عن مراجعةِ الإسعاف والتواصل مع طبيبك الخاص للتدبيرِ اللازم. ولقراءة التدبير قراءةً مُفصَّلةً يمكنكُم قراءةُ مقالَنا هذا:

هنا

ويجبُ الانتباهُ إلى عدم إعطاءِ المريض أيَّ دواء عن طريق الفم في حال غياب الوعي، وفي هذه الحالة يمكن إعطاؤه حقنةَ غلوكاغون* إن توفَّرت أو الاتصالَ بالإسعاف فورًا لأجل التدبير المناسب.

ثانياً: فرطُ سكر الدم:

وهذا يعني ارتفاعَ قيم السكر في الدم إلى حدودٍ أعلى من القيم الطبيعية (أكثر من 126 مغ/دل على الريق، وأكثر من 200 مغ/دل بعدَ الوجبة بساعتين)، وتنتجُ هذه الحالة بسبب:

- عدمِ الالتزامِ بالعلاج أو تفويتِ بضعِ جرعات من الأنسولين.

- تناولِ كميات كبيرة من السكريات لا تستطيع جرعة الأنسولين أن تُدخِلَها إلى الخلايا.

- في حالةِ الشدَّةِ أو الإنتان.

وتتمثَّلُ الأعراضُ التي تشير إلى فرط سكر الدم في: التبوَّلِ بكميات كبيرة، والعطشِ الشديد، والصُّداعِ، والتعب والنعاس. وإذا ما كنتَ تعاني من هذه الأعراض يجبُ أن تقيسَ مستوى السكر فورًا وتتواصلَ مع الطبيب لتعديلِ الجرعات أو نمطِ الحياة حسب اللازم.

ثالثاً: الحُماض الكيتوني السكري:

كما قلنا سابقًا؛ بدون الأنسولين سيبقى البابُ مُغلَقًا في وجه السكر، ولن تحصلَ الخلايا على الطاقة اللازمة، وفي هذه الحالة سوفَ يبحثُ الجسمُ عن مصدرٍ آخر للطاقة. وسيبدأ الجسمُ بتحطيم الدَّسَم وتكوينِ مُركَّباتٍ سامة للجسم تُدعَى "الكيتونات". وعندما تصلُ إلى مستوياتٍ عاليةٍ سيقَعُ ما يُسمَّى "الحُماضَ الكيتونيَّ السكري" وهي حالةٌ إسعافيّة مُهدِّدةٌ للحياة ما لم تُدبَّرْ سريعًا.

وتتظاهرُ هذه الحالة بالأعراض الآتية: غثيان، وإقياء، وعطش الشديد ، وآلام بطنية، وضيق في التنفس، ورائحة فم خلُّونية (رائحة واخزة كرائحةِ الأسيتون)، وقد تتطوَّر الحالةُ إلى غيابٍ عن الوعي وحتَّى السُّبات!

وتترافقُ هذه الأعراضُ مع أرقامِ سكَّرٍ عاليةٍ جدًّا، وتحرٍّ إيجابيّ للأجسام الخلُّونية في الدم والبول، واضطراباتٍ في الشوارد الدموية. وتتطلَّبُ القبولَ الإسعافي في المشفى لأجلِ التدبير المناسب.

يُمكِنُ أن يحدثَ الحُماض الكيتوني السكري في الحالات الآتية:

- عندَ التشخيصِ أوَّلَ مرَّةٍ: للأسفِ؛ فقد يكونُ العرَضُ الأوَّلُ الذي يقود إلى تشخيص السكري هو حدوثَ الحُماضِ الكيتوني السكري.

- في فترةِ البلوغ.

- إذا لم يلتزمِ المريضُ بجرعات الأنسولين.

- في حالتَي المرضِ والإنتان.

رابعاً: الاختلاطاتُ المتأخرة:

يُؤثِّرُ مرضُ السُّكَّري في أعضاءِ الجسم كافَّةً، وقد تكونُ أضرارُه مُهدِّدةً للحياة، وإنّ الحفاظَ على قِيَمِ سكَّرِ دمٍ قريبةٍ من القيم الطبيعية هو الحجرُ الأساس للوقاية منها، ويؤدّي السُّكَّري غيرُ المضبوط إلى:

- آفاتٍ وعائيةٍ وما يَنتجُ عنها من إصاباتٍ قلبية ودماغية.

-ارتفاعِ التوتر الشرياني.

- إصابةٍ كلوية.

- إصابةٍ عينية.

- القدمِ السكرية (قرحاتٍ في الأقدام) : يمكنكم التعرُّفُ أكثر إلى هذه الحالة هنا:

هنا

- إنتاناتٍ جلدية.

- أمّا الفتياتِ اللاتي سيُصبحنَ أمَّهاتٍ فيزدادُ خطرُ حدوثِ الاختلاطات الحملية في حال عدمِ الضبطِ الدقيق لأرقام السكر.

ويتطلَّبُ ظهورُ هذه الاختلاطات عدَّةَ عقودٍ من عمر المريض، لذلك فإنَّ المراقبةَ السنويَّةَ الدوريَّةَ بإجراء فحصٍ للعينَين والقدمَين وإجراءِ التحاليلِ الدمويّة لوظائفِ الكلية ومستوياتِ الكولسترول والشحوم الثلاثية مهمَّةٌ جداً للكشفِ المبكر عن هذه الاختلاطات ومعالجتِها.

رسالة أخيرة :

إنَّ الأساسَ في التعايُش مع الداء السكري هو المراقبةُ المُستمرَّةُ والصارمةُ لأرقامِ السكر؛ مع الحفاظ على نمطِ حياةٍ صحّي والالتزامِ بالحمية، ولهذا كلِّه أثرٌ كبيرٌ فيما بعدُ في حمايتكَ من الأذيَّاتِ الجهازية التي يتسبَّبُ بها السكري غير المضبوط.

لاتنسَ أن تتواصلَ مع طبيبكَ في حالِ أيِّ تغيُّر يطرأُ على نمط حياتك اليومي، كالذهابِ في رحلة أو أيِّ نشاطٍ فيزيائيٍّ زائد أو حاجتِك إلى أيّ عمل جراحي.

من المهمِّ أن تتواصلَ مع من حولك وأن يكون لكَ دائرةُ دعم من المقرَّبين لك، وإن لم تفعلْ ذلك بعد فسوف يسعدِنا أن نكونَ أوّلَ دائرةِ دعمٍ لك، فلا تتردَّد أن تشاركنا تجربتكَ مع الداء السكري، وليكن هذا المقالُ منبرًا مفتوحًا للجميع لتبادلِ خبراتهم. ☺

*هامش: الغلوكاغون: هرمونٌ يفرزه البنكرياس في الحالةِ الطبيعيةِ عندَ نقص السكر من أجل تحريرِ مخزون السكر الموجود في الكبد إلى الدم، وتتوفَّر منه حُقَنٌ تُستخدَمُ في حال نوباتِ نقصِ السكر، ومن المهمّ وجودِ هذه الحُقن ضمن الحقيبةِ الخاصة بالمريض السكري والتدرُّبِ على استخدامها عندَ الحاجة.

يمكنكَ أن تخوضَ مع طفلكَ مغامرةً جميلةً مع علمائنا الصغار؛ علماءِ الفرح؛ وهم يحاولونَ استكشاف مرض السكري عبرَ قِصَّتنا الممتعة الآتية:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

أو مشاهدتِها مُصوَّرةً عبرَ الفيديوهات الآتية:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا