الطب > مقالات طبية

سلسلةُ الطبِّ المخبريّ: الغلوكوز

بدايةً؛ إنّ "الغلوكوز" كلمةٌ مشتقّةٌ من اليونانيّةِ بمعنى "الحُلو"، وهو سكَّرٌ أحاديّ (أي إنَّه أبسطُ أشكالِ السكاكر ولا يتفكّكُ إلى سكّرٍ أبسط). ويمكنُ الحصول على الغلوكوز من العديدِ من الأطعمةِ الحاويةِ على الكربوهيدرات مثل البطاطا والفواكه والخبز، وتتجهُ هذه الأطعمةُ عندما نتناولُها عبرَ السبيلِ الهضمي لتصلَ إلى الأمعاءِ حيثُ تجزِّئُ الأنزيماتُ الموجودةُ الكربوهيدراتِ إلى جزيئاتٍ أصغرَ فأصغرَ حتى ينتجَ في النهايةِ الغلوكوز الذي يُمتَصُّ وينتقلُ إلى مجرى الدمِ ليدخلَ بعدَها إلى الخلايا.

ما أهميّةُ الغلوكوز؟

عليكَ أن تعلمَ أنّ الغلوكوز هو المصدرُ الأساسيُّ لإنتاجِ الطاقةِ في الجسم؛ إذ إنّ جزيئتَه قادرةٌ بواسطةِ العديدِ من العملياتِ المعقدّةِ الحيويةِ على إنتاجِ 32 جزيئةً من ATP ( فالـ ATP  يشاركُ في إنتاجِ الطاقةِ من أجلِ العملياتِ الحيويةِ التي يقومُ بها جسمُنا)، وهذا يدلُّ على أهميّةِ هذه الجزيئةِ الصغيرةِ لأجسامِنا. وإضافةً إلى ذلك؛ فإنّ الغلوكوز يمكنُ تشبيهُه بالوقودِ الذي تحتاجه الخلايا العصبيةُ دون غيره لعملِها، وبذلك؛ فإنّ غيابَ الغلوكوز سيمنعُ الدماغَ من العملِ جيّدًا.

ولكن؛ هل يستطيعُ الغلوكوز الدخولَ وحدَه إلى داخلِ الخليّة؟ بالطبع لا! إنَّما يدخلُ بمساعدةِ هرمونٍ يمكنُ تشبيهُه بالمفتاحِ الذي تحتاجه الجزيئةُ للدخول، وهذا المفتاحُ هو الأنسولين. ودون الأنسولين لن يتمكّن الغلوكوز من الدخولِ إلى الخلايا وإنتاجِ الطاقة فيها، فضلاً عن بقاءِ مستوياته مرتفعةً في الدمِ لعجزه عن دخول الخلايا.

دورةُ حياةِ الغلوكوز:

يعملُ الجسمُ في الحالاتِ الطبيعيةِ على الحفاظِ على مستوياتِ الغلوكوزِ ثابتةً في الجسم، ففي حالِ ارتفاعِ مستوياتِه بعدَ تناولِ وجبةٍ مليئةٍ بالسكّر (الكنافة مثلاً) تفرزُ خلايا بيتا في البنكرياس الأنسولينَ، والذي - كما ذكرنا منذ قليل- يُدخِلُ الغلوكوز إلى الخلايا (كخلايا العضلات والكبد والخ..).

وبعدَ أن يستهلكَ الجسمُ حاجتَه من الغلوكوز في سبيلِ الحصولِ على الطاقة؛ فإنّ الفائضَ يُخزَّنُ في الكبدِ على شكلِ حزمٍ صغيرةٍ (يمكنُ تشبيهُها بالكُتل)؛ وتُدعى بالغليكوجين، وهي توجَدُ في الكبدِ والعضلات.

وهنا ننتقلُ إلى حالةٍ أخرى وهي حالة الصيامِ عن الطعام فتراتٍ طويلةً؛ إذ ينخفضُ مستوى الغلوكوز في الدم، ويكون الجسمُ بحاجةٍ إلى طاقة، وهنا يأتي دورُ هرمونٍ آخرَ يُدعى بالغلوكاغون، والذي يُفرَزُ من الخلايا ألفا في البنكرياس، ويحطّمُ الغلوكاغونُ الغليكوجينَ ويحوِّله إلى غلوكوز من أجلِ تزويدِ الجسمِ بالطاقة.

ما يحدثُ في مرضِ السكريّ - كما نعلمُ - هو ارتفاعُ مستوى الغلوكوزِ في الدمِ (لأسبابٍ لا يسعنا المجالُ لذكرها الآن)، وبهذا تحدثُ مشكلاتٌ تتمثَّل بـ:

-تخريبِ الأوعيةِ التي تحملُ الدم الغنيّ بالأوكسجين إلى الأعضاء.

ز-يادةِ خطرِ أمراضِ القلبِ وأمراضِ الكلية.

-أذيّةِ الأعصاب.

-اعتلالِ شبكيّةِ العين، وغيرِها من الأذيّات.

كيف نتحرَّى مستوى سكرِ الدم لدينا؟

البلازما مُفضَّلةٌ على المصل في مراقبةِ السكّرِ.

يوجدُ عدّةُ أنواعٍ من الاختباراتِ مثل:

-اختبارُ الغلوكوز الصياميّ؛ وهو يُجرى بعدَ قرابةِ 8 ساعاتٍ من الصيام.

في هذا الاختبارِ تتراوحُ مستوياتُ الغلوكوز الطبيعية بين 70 و 99 ملغ/دل*، وأمَّا عندَ مرضى السكريّ فإنها تصلُ مستوياتٍ أعلى من 125 ملغ/دل.

*ملغ/دل: ميلي غرام في كل ديسي ليتر.

-اختبارُ الغلوكوز بعدَ ساعتين من تناولِ الوجبة.

في هذا الاختبار تكونُ مستوياتُ الغلوكوز في الحالِة الطبيعيةِ أقلّ من 140 ملغ/دل، أمَّا عند مرضى السكري فتصلُ مستوىً أعلى من 200 ملغ/دل.

-اختبارُ الغلوكوز العشوائي (دون تحديد وقت مسبق أو التحضير للاختبار ودون الحاجة إلى الصيام).

تكون مستوياتُ الغلوكوز في هذا الاختبار في الحالةِ الطبيعية أقلّ من 140 ملغ/دل أيضًا، أمَّا عند مرضى السكري فتكون أعلى من 200 ملغ/دل.

-ثّمة اختبارٌ يُدعى باختبارِ تحمّلِ السكر أيضًا.

إذ يتناولُ الشخص 75 غراماً من الغلوكوز تحتَ المراقبة، ويُراقَبُ مستوى الغلوكوز بعدَ ساعةٍ؛ وبعدَ ساعتَين؛ وبعدَ ثلاثِ ساعاتٍ، وتُسجَّلُ القياسات.

لتأكيد التشخيص بداء السكري يُجرى الاختبارُ عدّةَ مراتٍ ولا يُعتمَدُ على نتيجةٍ واحدة، وتكونُ نتائجُ التحاليل أعلاه عندَ مرضى السكري الذين لا يتلقون العلاج.

أمَّا في حالاتِ نقصِ سكرِ الدمِ؛ فإنّ مستوى الغلوكوز يكونُ عادةً أقلَّ من ٧٠ ملغ/دل، ويجبُ الانتباه وأخذ الحذر عندما يصلُ إلى مستوياتٍ أقلّ من 60 ملغ/دل، لأنَّ هذه الحالةَ مهدِّدةٌ للدماغِ وللحياة.

وتأتي أهميةُ هذه الاختباراتِ في فحصِ ارتفاع سكر الدم وتشخيصه، وفي مراقبةِ مرضى السكري، وفي كشفِ نقص السكر في الدم.

المصدر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا