العمارة والتشييد > التصميم المعماري

Coal Drops Yard ... مزيجٌ جميلٌ بينَ الماضي والحاضر

قد يظنُّ البعض أنَّ مصيرَ مخزنٍ قديمٍ للفحم هو الخراب، لكنَّ مركز Coal  Drops Yard كول دروبس يارد قد غيَّرَ هذه الفكرة مثبتاً أنَّ مزيجَ الماضي والحاضر قد يعطي نتائج مبهرة وجميلة.

يهدفُ برنامجُ King's Cross  كينغ كروس لإعادةِ الإعمار إلى تحويلِ المنطقةِ الصناعيَّة في وسطِ لندن إلى حيٍّ تجاريٍّ حيويّ كأكبرِ مخطَّطاتِ إعادةِ التَّرميم في أوروبا؛ إذ يشملُ 50 مبنىً جديداً و2000 منزلاً جديداً و20 شارعاً جديداً و10 ساحات عامَّة  لتجمُّع النَّاس بمساحةِ 67 فداناً.

ويوجدُ في منتصفِ هذا المشروع مركز  Coal Drops Yard الذي بنيَ في خمسينيات القرن التَّاسع عشر لاستلامِ وتنظيمِ الفحمِ القادمِ من شمالِ إنكلترا والذي يتألَّفُ من مبنيين مصنوعين من القرميد الطَّويل وحديد الصب، ويحملان أربعة مساراتٍ للسِّكك الحديديَّة الرَّفيعة المستوى..

وقد استُخدِمت هذهِ الهياكلُ الفيكتوريَّة كمستودعاتٍ في معظمِ القرنِ الماضي قبلَ أن تتحوَّلَ إلى ورشاتِ عملٍ واستوديوهات ونوادي ليليَّة في فترةِ التِّسعينات.

وأمَّا الآن فستُحَوَّلُ هذهِ المنشأة إلى مركزِ تسوُّقٍ منَ الطِّراز الرَّفيع إذ ستُقامُ داخلَ الأقواسِ القرميديَّة المرمَّمة متاجرُ متخصِّصة في الأزياءِ والحرفِ والثَّقافة،  وستُخَصَّصُ أماكنُ لتناولِ الطَّعامِ والشَّرابِ أيضاً وسيُستَخدَمُ الفناءُ الواسعُ المرصوفُ بالحصى بينَ المبنيين كمسرحٍ في الهواءِ الطَّلق.

وظَّفَ المقاولُ الرئيس BAM العديدَ من العمَّال ذوي المهارات العالية والمتخصِّصة بأعمالِ ترميمِ القرميدِ والحديد وإصلاحِ الأسقُفِ الخشبيَّة القديمة،  وكانَ التَّحدي الأكبر في بناءِ السَّقفِ الفولاذيّ الواصلِ بينَ المبنى الشَّرقيّ والمبنى الغربيّ.

يمتدُّ كلٌّ منَ المبنيين الشَّرقيّ والغربيّ مسافةَ ١٥٠ و١٢٠ متراً على التَّوالي، إذ يتقاربُ المبنيين من بعضِهما في الطَّرفِ الشَّماليّ لتصلَ المسافةُ إلى ٣٠ متراً  ويتباعدان عن بعضهما في الطَّرفِ الجنوبيّ.

وصُمِّمَت أسقفُ المبنيين وكأنَّها تنحرفُ عن مبناها وتلاقي سقفَ المبنى الثاني في المنتصف، إذ تمتدُّ من المبنى الشَّرقي مسافةَ 75 متراً ومن المبنى الغربيّ مسافةَ 65 متراً، ليمتدَّ كلٌّ منهما على شكلِ قوسٍ ويشكِّلا سقفاً مشتركاً يبلغُ ارتفاعُه في المنتصف 25 متراً، وستُستَخدَمُ جوائزُ شبكيَّة عملاقة لتنفيذِ هذا التموُّج في هيكلِ السَّقف.

وقد رُكِّبَت إطاراتٌ منفصلةٌ لتتحمَّلَ الحمولةَ الزَّائدة دون أن تؤثِّرَ على المبنى القديم، إذ أنَّ الجوائزَ الشبكيَّة المستخدمة مؤلَّفة من مقاطع دائريَّة مفرَّغة بقطر ٦١٠ مم ويتكوَّنُ التربيط من مقاطع دائريَّة مفرَّغة بقطر ٢١٩ مم.

وإضافةً إلى هذه الجوائزِ الشبكيَّة فسيُدعَّمُ السَّقفُ الجديد بنظام ضغط - شد على طول المسافة الممتدَّة بينَ المبنيين إذ يتكوَّنُ الجزء المضغوط من أربعةِ إطاراتٍ رباعيَّة مغلقة أُطلقَ عليها اسم جوائز زرافيَّة (لأنَّها تبدو كرقبةِ الزَّرافة في المسقط الأفقيّ) تمتدُّ مسافةَ ٥٠ متراً بينَ المبنيين وبارتفاعِ ١٠٠٠ مم وعرض ٦٠٠ مم معَ أجنحةٍ بسماكةِ ٤٠ مم.

أمَّا الأجزاءُ المشدودةُ منَ الهيكل فتتكوَّنُ من صفائح متَّصلة مع أساساتِ الجوائزِ الزرافيَّة، وتتكوَّنُ نقطةُ المنتصف في السَّقف من شبكٍ كبيرٍ بارتفاعِ ٩٠٠ مم إلى ١٣٠٠ مم وبسماكةِ أجنحةٍ تصلُ إلى ٨٠ مم.

ويقول السيِّد تشامبرس: "قد تبدو نقطةُ المنتصفِ كبيرةً جدَّاً ولكنَّ لصلابتها دورٌ كبيرٌ في تحمُّلِ الحمولاتِ الكبيرة القادمة من كلا الطَّرفين"

تقومُ هذه الجوائز بوظيفتين: الأولى وصلُ هذين المبنيين، والثَّانية تزويدُ طابقٍ علويّ بينَ المبنيين.

ومنَ المتوقَّع أن ينتهي برنامجُ التَّطوير بحلولِ شهر آب، ليُفتَتَحَ مركزُ كينغ كروس للتسوُّق في شهرِ تشرين الأوَّل عام ٢٠١٨، وسيشهدُ سكَّانُ لندن مزيجاً رائعاً بينَ الماضي والحاضر، وسيستطيعونَ قراءةَ هذا الإبداع والتَّواصل بينَ القديمِ والحديث.

فهل تظنُّ عزيزي القارئ أنّه من الممكن تطبيق مبدأ ترميم المباني القديمة وتحديثها عوضاً عن هدمها على نطاقٍ أوسع ممَّا هو موجود في الحاضر؟ أم أنَّها حالاتٌ محدودة لا أكثر؟ وهل يوجدُ في محيطكَ مبنىً من الممكنِ تحسينه وإعادةِ ترميمه ليصبحَ مركزاً اجتماعيَّاً مهمِّاً؟ شاركنا برأيك.

المصادر:

هنا

هنا

هنا