التاريخ وعلم الآثار > شخصيات من سورية

حين تشارك امرأة في كتابة التاريخ ..مريانا مرّاش

استمع على ساوندكلاود 🎧

أول صحفية عربيّة ، وصاحبة أول صالون أدبي تقيمه سيدة عربية

1919-1848

حين عَلِم السيد فتح الله مرّاش في يوم من أيام آب سنة 1848 بأن زوجته أنجبت أنثى لم يغضب أو يحزن حاله حال الغالبية العظمى من الأباء آنذاك بل هلّل فرحاً للمولودة الجديدة وكأنّه كان على علم أن طفلته ستكون رائدة فكر ونهضة يوماً ما وسيرتبط اسمها باسم مدينتها حلب تكريماً لنبوغها..فكانت مريانا مرّاش الحلبيّة.

.

.

.

أنا مريانا مرّاش وُلدت في عصر أقل ما يقال عنه أنّه عصر الظلام والجهل.

كانت سوريّا تحت وطأة احتلال يجد في تعليم المرأة أمراً منافياً للأخلاق.

في حلب ترعرعت في بيت عريق من بيوت الأدب و الفكر.

أبي فتح الله مرّاش قيل فيه أنّه "علّامة عصره" ومكتبته ضمّت نفائس الكتب والمخطوطات.

أخي عبد الله مرّاش الطبيب الشاعر وأخي فرنسيس مرّاش الأديب والتاجر.

تعلّمت اللغة العربية وعلوم الصرف والنحو والعروض على يد أبي وشربت حبّ الأدب والمعرفة من شقيقيّ عبد الله وفرنسيس

في الخامسة من عمري دخلت المدرسة المارونية في حلب ،لاحقاً شددت الرّحال إلى المدرسة الإنجيلية في بيروت لأكمل تعليمي و أتقن الّلغة الفرنسية إلى جانب العلوم الأخرى.

.

.

أنا الأنثى التي أرسلها والدها إلى أوربا لتستطلع أحوالها وأخبار نهضتها فانفتحت على الحضارة الغربية حيث المرأة تتعلّم جنباً إلى جنب مع الرجل.

أنا المرأة التي تعلّمت فنون الموسيقا و أتقنت العزف على آلتي البيانو الغربية الارستقراطية و آلة القانون الوترية الشرقية فأجدت كل منهما في زمن كان الاستبداد الفكري يحظّر الفنون بأنواعها ويحرّمها.

كُنت المرأة الأولى التي تجعل من منزلها صالوناً أدبياً فكان الصالون الوحيد في المشرق العربي (قبل أن يوجد صالون الأديبة ميّ زيادة في مصر ) رغم أن المجتمع آنذاك كان يُعدّ ما فعلته خروجاً عن التقاليد . وُصِف صالوني الأدبي بأنّه:"مثابة الفضلاء وملتقى الظرفاء والنبهاء وعشاق الأدب".

يقول قسطاكي الحمصي أحد مرتادي صالوني الأدبي : "إنها سليلة بيت العلم، وشعلة الذكاء والفهم، فصيحة الخطاب، ألمعية الجواب، تسبي ذوي النهى بألطافها، ويكاد يعصر الظرف من أعطافها، تحن إلى الألحان والطرب، حنينها إلى الفضل والأدب، وكانت رخيمة الصوت، عليمة بالأنغام، تضرب على القانون فتنطقه إنطاقها الأقلام".

.

.

.

أنا الصحفية العربية الأولى ، وقعّت مقالاتي باسم امرأة ولم أذيّلها باسم مستعار لرجل وكان ذلك في عام 1870 .

جاء في كتاب "تاريخ الصحافة العربية لِ الفيكونت دي ترازي":نشرت ماريانا مرّاش عدة مقالات في مجلة "الجنان" وفي جريدة "لسان الحال" وفي غيرهما من صحف ومجلات بيروت، فمن مقالاتها مقال عنوانه "جنون القلم" شكت فيه حال انحطاط الكتاب وحرّضت على تحسين الإنشاء وترقية الموضوعات والتفنّن فيها، و نظمت مقطوعات من الشعر الوجدي، ومدحت ورثت، ووصفت وتغزلت"

نعم أنا المرأة التي عاشت في أقسى الأزمنة كان لي هدف أن أجعل من بلادي مكاناً أفضل،ربّما راود هذا الحلم الكثيرين إلّا أنّي لم اكتفي بالنظرية بل قمت بالتطبيق وسعيت لنشر كتاباتي وافكاري في الصحف والمجلّات لكي تصل إلى الجميع في مجتمع تحكمه قوانين السلطان العثماني الذي لم يسمح بإصدار أي صحيفة أو كتاب نسائي لأن في ذلك خروج عن الدين!

كانت لي الريادة بأن اجعل التاريخ الحديث يقبل بأن تنشر امرأة كتاباً فكان كتابي الشعري "بنت فكر" .

لم يكن هدفي الخروج عن التقاليد شكلياً بل تغير نمط التفكير السائد لتتحلّى المرأة بالشجاعة على التعبير والتفكير ، لكي تستطيع المرأة في زمني اتباع افضل الطرق في تربية الأبناء كما حثّثت بنات جنسي على التحلّي بالجرأة والشجاعة الأدبية و انتقدت نساء العصر ودفعتهن للتمدن الصحيح. وبيّنت أسباب انحطاط الكتّاب عندنا والمؤلفين

أنا مريانا مرّاش الأديبة والمفكّرة والموسيقية ..أنا امرأة من حلب .

المصادر

الصالونات النسائية عبر التاريخ – أيمان أحمد ونوس- الحوار المتمدن، عبر موقع www.ahewar.org

المرأة العربية في الدين والمجتمع-حسين العودات-دار الأهالي 1996