الطب > مقالات طبية

أ. د. بيان السيّد؛ طبيبٌ يصوغُ العلمَ والإبداعَ والإرادةَ أملًا

س: نشكرك أجزلَ الشُّكر أستاذ بيان لإتاحة الوقت لاستقبالنا.

ونودُّ سؤالكم أستاذ بيان: انطلاقًا من خبرتِكم المُتقدِّمةِ في كلٍّ من البحثِ العلمي والنشرِ الأكاديمي؛ ما أهميَّةُ تعليمِ أسُسِ المنهجية العلمية بحثاً وكتابةً؟

البحثُ العلمي مُهمٌّ جدًّا في أيّةِ مُنشأةِ أكاديمية، وإنَّ أحدَ أهمِّ أسسِ ترتيبِ الجامعات العالمية هو عدد الأبحاث الصادرةِ سنوياً عن هذه المنشأة إضافةً إلى عدد الاستشهاداتِ بهذه الأبحاث. ويجبُ أن توجَدَ ثقافةُ البحث العلمي ضمنَ الهيئة الأكاديمية أوّلًا حتَّى تثمر لاحقًا، لكن للأسفِ؛ كانت هذه الثقافةُ ضعيفةً سابقًا أو بالأحرى لم تكُنْ هاجسًا؛ إذ إنَّ البحثَ العلميَّ يجب أن يكون هاجسًا في المقام الأوّل، لكنَّه بحاجةٍ إلى بيئة حاضنة أيضًا.

عندما كنتُ طالبًا في الجامعة لم يكنِ البحثُ العلمي ثقافةً منتشرة، إضافةً إلى عدم توفُّر الإنترنت كما هو متوفّرٌ حالياً، وبذلك لم يكنِ الوصولُ إلى المقالاتِ مُتاحًا كما هو اليوم، لكنَّ الأمورَ حاليًا تتجهُ نحو الأفضل؛ وخاصَّةً بوصولِ ثقافةِ البحثِ العلمي إلى طلَّابِ مرحلةِ ما قبل التخرج، فالموضوعُ حلقاتٌ؛ إذ يكفي أن نرميَ حجرًا صغيرًا ضمنَ مياهٍ راكدة ليولَّد العديد من الحلقات الأكبر فالأكبر، والحمد لله فهذا الحجرُ قد رُمي حاليًا، والحلقاتُ في ازديادٍ واتساعٍ، ومبادرةُ "الباحثون السوريون" هي إحدى هذه الحلقات الواعدة والنوعيَّة.

وفي الوقت الراهن يُركَّزُ ضمنَ المقررات الجامعية الحديثة على شرحِ منهجيَّةِ البحث العلمي والطبِّ المُسنَدِ بالدليل، مع زيادةٍ في وعي الطلاب لأهميةِ النشرِ والبحث، فالبحث العلمي له ذراعان متكاتفان: الأوَّل: مسؤوليةُ الكادرِ التدريسي والبيئةِ الحاضنةِ ضمن الجامعة، والثاني: مسؤوليةُ الطلاب ووعيُهم؛ لذا ففي المستقبل أتوقَّعُ الأفضلَ بكثير من الواقع المتواضع الموجود إن شاء الله، ويمثّلُ الطلابُ أحدَ أسبابِ هذا التفاؤلِ الَّذين قد أصبحَ البحثُ العلميُّ لديهم هاجسًا كما ذكرنا.

س: لفتَ نظرَنا بحثٌ مميزٌ لحضرتكم بعنوان: "تأثير الرسم على استذكار الطلاب للتشريح"، فقد بيّنَ هذا البحثُ أهميةَ الرسم بوصفهِ أداةً لمساعدةِ الطلاب في تذكُّر تشريح جسم الإنسان.

ما رأيكُم بطرائق التعليمِ الطبي الحالية، وخاصَّةً تلك المُقدَّمةُ باللغة العربية منها؟ وكيف يمكن تطويرها؟ وما أهمية نظامِ الفيدباك (التلقيم الراجع) في هذا التطوير؟

يتساءلُ العديدُ من الطلاب عن أهميَّةِ المجتبى الجامعي وضرورة رسم محضّرات التشريح، فكانتِ الفكرةُ إجراءَ بحثٍ ضمن الإمكانات المحدودةِ المتوفِّرة، وبالقليلِ من التَّنظيمِ قُسِّمَ الطلابُ إلى 3 مجموعات (مجموعة الشاهد: لم يرسموا، ومجموعةٌ رسمَت المحضّرات قبل الجلسات، ومجموعةٌ رسمت بعدها)، ووُزِّعَ الطلابُ بطريقةٍ عشوائية مُعشّاة مع تحقيقِ معاييرَ معيَّنة لضمان عدم الانحياز، وأُعِدَّ استبيانٌ بعد أسبوع، ثمَّ بعد 6 أسابيعَ لتقييمِ نوعَي الذاكرة، وقد بيَّنتِ النتائجُ أنَّ الذين رسموا قبلَ الجلسات حصلوا على علاماتٍ أفضلَ من الذين رسموا بعدها، وكلاهما حقَّقوا نتائجَ أفضلَ من الذين لم يرسموا على الإطلاق.

فمِن إمكانياتٍ بسيطةٍ وبالقليلِ من التنظيم؛ استطعنا تصميمَ هذا البحث وتطبيقَه ونشرَه.

وفضلًا عن ذلك؛ فإنَّ إحدى الإمكانيَّاتِ التي يمكن إدخالُها في العملية التعليمية وسائلُ التقانة الحديثة كالرسم على اللوح الرقمي أو مباشرةً على شاشة الحاسوب وبرامجِ عرضِ الشرائح المتطورة، فكلُّ علومِ الشكل كالتشريحِ تؤدّي الصورةُ فيها دورًا كبيرًا، ونحن نرى التقنياتِ تتطوَّرُ على نحوٍ هائل، إذ بمجرَّدِ رسمِ خطوطٍ بسيطةٍ على الشاشة حاليًا يمكن الحصول على رسمٍ شبهٍ احترافي.

سوف يسهِّلُ استخدامُ هذه التقنياتِ على المعلِّمِ إيصالَ المعلومة، وعلى الطالبِ تلقّيها وفهمَها. وعلى الرغم من أنَّ الموضوعَ بحاجةٍ إلى جهد ووقت وتحضير؛ لكنّ إدخالَ أيَّةِ طريقةٍ جديدةٍ إلى العملية التعليمية هي مَكسبٌ مُشترَك للطرفَين.

س: في ظل التحديات القائمة برزتِ العديدُ من المبادرات الطلابية المميزة، فكيف يمكن دعمُ مثلِ هذه الجهود وتنميتُها؟

هذا المحور مهمٌّ جدًّا في العملية التعليمية: أن نستفيدَ من الطاقاتِ الكامنةِ الهائلةِ الموجودةِ عند الطلاب.

إذ تضمُّ كلية الطب البشري أكثرَ الطلابِ قدرةً على التحصيل العلمي، وقد يتميَّزُ هؤلاء الطلابُ بالقدرة الكبيرةِ على الحفظِ والاستذكار، لكن دائماً ما نجدُ لديهم جانبًا خفيًّا سواءً كان الرسمَ أو الموسيقا أو الأدبَ أو التسويقَ أو غيرَه، ومنهم من يُعبِّر عن موهبته ويُظهرها، ومنهُم من يجبُ البحثُ عنه.

ويوجد كثيرٌ من المبادراتِ الطلابية حاليًا، وما يميِّزُها أنَّها مبادراتٌ تطوعيةٌ يختلفُ هدفُها بين نشرَ الوعي والثقافةِ إلى نشر مفهوماتِ البحث العلمي أو حتَّى كتابةِ المحاضراتِ وتوثيقها على نحوٍ جيد، ومن حُسنِ حظّي أنّني كنتُ على تواصُلٍ في أثناءِ تدريسي مع العديدِ من الطلابِ أصحابِ الطاقاتِ الكامنة؛ إذِ استفدنا من هذه الطاقات في مشاريعَ نوعيةٍ مثلَ أطلسِ المخبرِ لصورِ محضّرات التشريح، وفيديوهاتِ المخبر عن طريقِ فريق تصويرالتشريح التقني ATP ، وفريق الفيديوهات الطبية السورية SMV) Syrian Medical Videos) الذين استطاعوا الوصولَ إلى فيديوهات بقدراتٍ تقنيَّةٍ متقدَّمةٍ بدءًا من فكرةٍ بسيطةٍ بالرَّسم على اللوح.

وآخرُها كان المشروعَ المميَّزَ الذي أثمرَ ترجمةَ مرجع التشريح "Gray's anatomy" - أحدِ أهمِّ المراجع الطبية - إلى اللغةِ العربية، وقد استمرَّ هذا المشروعُ مدَّةَ عامَين، وشارك فيه قرابةُ 50 طالباً وطالبةً متطوعين من كلية الطب البشري في جامعة دمشق، وقد عُمِلَ على هذا المشروعِ بآليةٍ هرميةٍ تخضعُ فيها المعلومةُ للتدقيق أربعَ مرّاتٍ، وتميَّزَ العملُ بالإخراجِ الاحترافي والدقَّتَين العلمية واللغوية متضمّنًا مراعاةَ الضبط بالشكل، وقد كان المشروعُ تحديًّا في حدِّ ذاته، لكّننا - بالإيمانِ والصبر- وصلنا إلى النتيجةِ المرجوَّة.

إنَّ دعمَ المبادراتِ الطلابية بكلِّ ما لدينا من إمكاناتٍ ضروريٌّ جدًّا، والإداراتُ التي توالت على كلية الطب البشري في السنوات الأخيرة كانت حاضنةً وداعمةً لهذه المبادرات سواء على نحوٍ مباشر أم غير مباشر.

 

س: أين ترى الواقعَ العربيَّ في البحث العلمي العالمي؟ وهل اللغة العربية مساعِدٌ أم عائق؟

جدليَّةُ التدريسِ باللغة العربية يجبُ أن نتجاوزَها، فجامعةُ دمشقَ تُدرِّسُ باللغة العربية منذ تأسيسِ المدرسة الطبية عام 1903، والمعلومة التي قد لا يعرفُها كثيرونَ أنَّ جامعةَ دمشقَ ليست أوَّلَ من درَّسَ باللغة العربية، فأوَّلُ من اعتمدَ اللغةَ العربيّةَ في تدريسه للطب كانتِ الكلية السورية البروتستانتية (الجامعة الأمريكية في بيروت حالياً) وذلك عند تأسيسها عام 1866، ثم انتقلت إلى التدريس باللغة الإنكليزية لاحقًا لاعتباراتٍ تتعلَّقُ بأهدافها.

إنّ الطبيعيَّ في التعليم أن يعتمدَ التدريسُ اللغةَ الأم؛ ففي إيطاليا يدرسونَ بالإيطالية، وفي ألمانيا بالألمانية، وفي فرنسا بالفرنسية.. وهكذا، فالدراسةُ باللغة العربية ليست تضحيةً وإنّما هي الحالُ الطبيعية، لكنَّ موضعَ الخطأِ يكمنُ في التقوقع على الذات والاكتفاء باللغةِ العربية فقط، وهو ما كان مُلاحَظًا لدى الأجيال السابقة؛ فلغةُ العلم الحديث هي اللغة الإنكليزية ولا يمكن إنكارُ ذلك، ولقد تجاوزت الأجيالُ الحاليةَ هذا الانكفاءَ بسبب التطور التقني وزيادةِ الاهتمام باللغة الإنكليزية لدى الكادر التدريسي بالتركيز على حفظِ المصطلحاتِ باللغتين العربية والإنكليزية على نحوٍ متزامِن. لذا يجبُ العملُ على الوصولِ إلى لغةٍ إنكليزيةٍ ممتازة منذ بداية المرحلةِ الجامعية وعدمُ الاعتمادِ على لغة وحيدة، ويمكنُ تحقيق ذلك بجهد بسيط.

وهنا تجدرُ الإشارة إلى أنَّ مصطلحاتِنا العربية هي المصطلحاتُ ذاتُها التي استعملها ابن سينا وغيره(كالقولون والأعور والكبد والطحال والكلية ...)، فلغتُنا لغةٌ حيَّةٌ منذ 1500 عام خلافاً لِلُّغات الغربيةِ الحالية، ولا ننسَ أنَّ المصطلحاتِ العربيةَ ستتيحُ للطبيب تواصلًا أسهلَ مع المرضى.

وفيما يخصُّ البحثَ العلميَّ؛ فمن المعروف أنَّ النشرَ يُدوَّنُ باللغةَ الإنكليزيةَ، لأنَّها اللغةُ العلميةُ المُعتمَدةُ عالمياً، ونجدُ كثيرًا من المجلَّاتِ العلمية قد تنشرُ باللغةِ الألمانية أو الفرنسية مع إصدارِ نسخةٍ باللغة الإنكليزية، فالاهتمامُ باللغة الإنكليزية ضروريٌّ لكلِّ طبيبٍ لأجل متابعةِ ما يُنشَرُ عالميًا مع التركيزِ على ضرورةِ النقل إلى اللغة العربية، وفي الممارسة المهنية فإن مراجعةَ تكنيكِ العمل الجراحي قبل العمليةِ باللغة العربيةِ؛ إذ ستكون المراجعةُ أسهلَ وأسرعَ وإن كانت لغتنا الإنكليزية جيدة، فالقراءةُ السريعةُ باللغةِ الأمِّ تبقى أسهلَ وأكثرَ كفاءةً وقابليةً للاستذكار.

س: ماذا عنِ التحدياتِ المادية والإمكاناتِ المتاحةِ؟

هل يمكنُ إجراءُ بحثٍ علميٍّ في بلدنا؟ نعم أم لا؟

لا يمكنُ الحديثُ - للأسفِ - عن أبحاثٍ علميةٍ كتلك التي تُجرَى في أوروبا وأمريكا حيثُ يوجَدُ مؤسساتٌ مُختَّصةٌ بالأبحاث العلمية فقط، وهذا ليس عيبًا بل اعترافًا بالإمكانات المتواضعةِ والعوائقِ الكبيرة الموجودة على الرغم من الأرضِ الخِصبة المُتاحة.

وأيُّ بحثٍ علميّ حقيقيّ يحتاجُ إلى تضافُر مجموعةٍ من العواملِ؛ أهمُّها العاملُ المادي، وللأسفِ ففي الوقت الراهن؛ ونتيجة غلاءِ الأسعار؛ لا توجَدُ قدرةٌ ماديَّةٌ لإجراءِ مثل هذه الأبحاث، لكن بالمقابل؛ يمكنُ بالإرادةِ ثمَّ بالإمكاناتِ المتاحة البَدءُ بما لا يتطلَّبُ كثيرًا؛ مثلَ تقريرِ الحالة Case Report والمراجعةِ المنهجية Systematic Review، وهي تُغني الرصيدَ العلمي لكلٍّ من الجامعة والباحث دونَ متطلباتٍ ماديّةٍ كبيرة.

وفي النهايةِ؛ هناكَ نوعيَّةٌ من الأبحاث يمكنُ تنفيذُها هنا وغيرُ قابلة للتطبيقِ في الخارج، فالأفكارُ موجودةٌ ولكنها بحاجةٍ إلى الشغَفِ والإصرار ودراسةِ الإمكانياتِ المتاحة.

س: الباحثون في مجتمعاتنا؛ كيف يُمكِنُ تشجيعُهم ليصنعوا المستقبلَ؟ وهل ما يحصلونَ عليه كافٍ عمومًا لتقدير جهودهم؟ وهل يحتلُّ الباحثونَ العربُ المكانةَ التي ينبغي أن يحتلُّوها في عملِهم ومجتمعهم؟

سؤال مهمٌّ جدًّا، فكثيرٌ من الأشخاص يعملون في الظلِّ ولا يحبون الضوضاء (غليان القِدرِ المليءِ باللحم لا يصدر ضجيجًا كنظيرِه المليءِ بالعظام)، ومع أنَّ البحثَ العلميَّ مدرسةٌ صوفيةٌ تنسكيّةٌ ترتكزُ إلى الشغَفِ؛ إذ يُحبُّ الباحثُ العملَ بهدوءٍ؛ لكنَّ بحثنا نحنُ عن الباحثين والإضاءةَ على إنجازاتِهم يمنحُهم شعورًا إيجابيًّا ورغبةً بالمتابعةِ، فإهمالُ الباحثين وإنجازاتِهم قد يصل بهم أحيانًا إلى الزُّهد أو السلبية.

وهنا يجبُ التنبيهُ إلى الفرقِ بين التسويقِ بمعناه السلبيِّ وبين الإضاءةِ الإيجابية؛ إذ نجدُ أحيانًا تضخيمًا لبعضِ الأبحاثِ المتواضِعة على المواقع الإعلامية مع إهمالِ الأبحاث المُهمَّة.

وإنَّ متابعةََ الباحثين واكتشافَهم وتقصّي أعمالهم ليست بالأمور الصعبةِ فما إن تضعُ اسمَ جامعةِ دمشقَ على الـ Pubmed حتّى تتمكّنَ من معرفةِ مَن يعملُ بالبحثِ العلمي وما منشوراته.

س: ماذا عن المغتربين؟ كيف يمكن للعقول التي تعملُ في الخارج أن تساهمَ في دعمِ البحث العلمي في وطنهم الأم؟ وهل نحنُ بحاجةٍ إلى تعاونٍ منهجيٍّ وثيقٍ معهم مثلًا؟

نسمعُ كثيرًا عبارةً من قبيل: (أبدعَ ونجحَ عندما سافرَ)، ويذهبون للقول بأنَّ السببَ الأوحدَ هو البيئةُ المحيطة بالشخص وكأنَّهُ انتقلَ بسفره من بيئةٍ صحراويةٍ إلى بيئةٍ خِصبة، واعتقد أنَّ هذه المقارنةَ ظالمةٌ، ونحنُ لا نُقلِّلُ من أثرِ البيئةَ المحيطة؛ لكنَّ الأساسَ هو رغبةُ الشخصِ وقابليَّتُه للإبداع، وحقيقةً فالباحثون السوريون في الخارج هم مدعاةٌ للفخرِ بأبحاثِهم وإنجازاتهم.

وإنَّ جمعَ الجهودِ وتسخيرَها لدعمِ البحث العلمي هو التزامٌ أخلاقيٌّ تجاهَ هذه الجامعة التي خرَّجت هؤلاء الباحثين، ورسالتي لأيِّ باحثٍ سوريٍّ أن يضعَ اسمَ جامعةِ دمشقَ أو اسم الجامعةِ السوريّةِ التّي تخرّج منها على بحثِه مهما كانَ وأينما كان ولو حتَّى على شكلِ شكرٍ في نهايةِ البحث، وهو شيءٌ قابلٌ للتطبيق.

إنَّ مباردةً صغيرةً كهذه من الباحثين السوريين في أنحاء العالم سينعكسُ أثرُها إيجابيًّا في غضون سنوات، وخاصَّةً على ترتيبِ الجامعات السورية.

وتُقدِّم مبادرة "الباحثون السوريون" أنموذجًا جميلًا لتبادلِ الخبرات بما تجمعه من طلّاب علمٍ وباحثين سوريين وعربًا يدرسون في أوطانهم وفي مختلفِ أنحاءِ العالم، وإني لأَسعَدُ كثيرًا عندما يتواصلُ معي شخصٌ أكاديميٌّ من برلين والآخرُ من موسكو والثالثُ من باريس، فالاتِّساعُ الأفقيُّ (جغرافيًّا) والعموديُّ (طلابيًّا) لمبادرتِكم أمرٌ مُبشِّرٌ.

وإن كانَ هناكَ من كلماتٍ أوجّهها إليكم في الختام فهي أنَّ مسؤوليتَكم كبيرةٌ أمام عددِ المتابعين الكبير الذي تحظونَ به؛ لذا يجبُ عليكم المواظبةُ في الاستنادِ إلى أرضيّةٍ علميَّةٍ قويَّةٍ وتطويرِها عندَ عرضِ أيّةِ قضيةٍ علميّةٍ، ثمَّ الانتباهُ إلى عدم التسويقِ لِمن لا يستحقُّ التسويقَ معَ الحديثِ الرصينِ عن الإيجابياتِ والسلبيات بحياديَّة. وبمتابعتي لكم عبر السنواتِ السابقةِ فممّا لا شكَّ فيه أنَّ النضجَ في تجربتكم يزدادُ وضوحًا ورسوخًا، وشكرًا جزيلًا لكم.