الطب > طب الأطفال

الرِّضاعةُ الطَّبيعية

يبدأُ ثَديُ المرأةِ بإنتاجِ الحليبِ منذ الأَيامِ الأُولى الّتي تَلي الولادةَ؛ إذ يؤمِّنُ هذا الحليبُ مُتطلَّباتِ الطِّفلِ جميعَها على نحوٍ كافٍ، ويُعَدُّ غذاءً كافيًا مُدَّةَ 6 أَشهر دونَ أيَّةِ إِضافاتٍ أُخرى.

ويُعَدُّ حليبُ الأُمِّ مصدرَ الوجباتِ الغذائيةِ المُتوازنةِ والمُتكاملةِ للطِّفلِ؛ فهو يشملُ كلَّ العناصرِ الضَّروريَّةِ لِـنُموِّه مِن فيتاميناتٍ ودَسمٍ وبروتيناتٍ، وهو يُقدَّمُ بطريقةٍ سهلةٍ لِـكُلٍّ مِن الأُمِّ وطفلِها وبحرارةٍ مُناسِبِةٍ، ودونَ الحاجةِ إِلى إِعدادٍ مُسبَقٍ أو تحضيرٍ لِـفتراتٍ طويلةٍ؛ إِذ يَختصرُ بذلك الوقتَ والجهدَ والمالَ أَيضًا.

وقد أَشارَتْ بعضُ الدِّراساتِ الحديثةِ إلى أَنَّ مستوى ذكاءِ الطِّفلِ - أو ما يُعرَفُ بالـ IQ - قد يَزدادُ في حالِ تَلقَّى الطِّفلُ غذاءَه من حليبِ الأُمِّ الطبيعي دونَ الصناعي، فضلًا عن العناصرِ المناعيَّةِ العديدةِ التي يُوفِّرُها، والتي تَحمي الطِّفلَ مِن العديدِ مِن أنواعِ البكتيريا والأمراضِ التَّحسُّسيَّةِ؛ كالرَّبو، واضطراباتِ الجهازِ التَّنفُّسيِّ والإسهالِ، وأمراضٍ أُخرى كثيرةٍ نذكُرُ مِنها السُّكريَّ والسُّمنة، فضلًا عن الموتِ المُفاجِئ دون سَببٍ مُحدَّد.

ثُمَّ إِنَّ هذه المنافعَ وغيرَها قد تتعدَّى الطِّفلَ إلى أُمِّه؛ فلا تقلُّ فوائدُ الرِّضَاعة للأُمِّ أَهميَّةً عنها عِندَ طفلِها؛ إذ تُعدُّ الرَّضَاعةُ مصدرًا مُهِمًّا لخسارةِ السّعراتِ الحراريَّةِ صحيًَّا، ممَّا يُساعِد على إِنقاصِ الوزنِ المُكتسَبِ في أثناءِ فترةِ الحملِ. وقد وُجِدَ أنَّ الرِّضَاعةَ تَزيدُ من تحريرِ هرمونِ الأوكسيتوسين في جسمِ الأُمِّ؛ ممّا يُساعِدُ في إِعادَةِ الرَّحِمِ إِلى حجمِه وشكِله الطَّبيعيَّين كما كانَ قبل الحَمْلِ، ويُقلِّلُ خطرَ الإِصابةِ بِسرطانِ الثَّدي والمبْيَض.

وكذلك فإِنَّ الرِّضَاعةَ الطَّبيعيَّةَ تُعزِّزُ مشاعرَ الأُمومةِ بين الأُمِّ وطفلِها بتلامُسهِما معًا، والنَّظَرِ بالعينَين.

هذا ويُؤَكِّدُ الأَطباءُ على ضرورةِ امتناعِ المرأة الحامِلِ أوالمُرضِعةِ عن العديدِ من العناصرِ المُضِرَّةِ لها ولطِفلِها؛ وعلى رأسِها التَّدخينُ بأنواعِه والكُحولُ والمُخدِّرات وبعضُ الأعشابِ المُضرَّة؛ فقد نَصَّتْ دراسةٌ حديثةٌ أُجريَتْ في جامعةِ تكساس الأمريكيَّة على أَنَّ تدخينَ الأُمِّ للماريجوانا في أَثناءَ الإِرضاعِ قد يُسبِّبُ وصولَ الماريجوانا إِلى طفلِها.

وذكرَ الأَطبَّاءُ أَنَّهُ لا وجودَ لِكميَّاتٍ آمنةٍ وأُخرى خطيرَةٍ لتدخينِ الماريجوانا؛ إذ تُعدُّ جميعُها مُضِرَّةً؛ لأنَّ الماريجوانا تحتوي على مُنتجاتٍ كيميائيَّةٍ من شأنها أَن تُطوِّرَ أذيَّةً دماغيَّةً عند الطِّفل، وخاصَّة في السَّنةِ الأُولى من عمرِه.

و لقد ذكرَ الطَّبيبُ رونالد مارينو - كبيرُ أَطبَّاءِ قِسمِ الأَطفالِ في مُستشفى جامعة نيويورك الأمريكيَّة - أَنَّ دماغَ الطِّفلِ يَعملُ بأقصى طاقةٍ في السَّنة الأُولى مِن عُمره؛ لذا يجبُ على الأُمِّ الابتعادُ عن كُلِّ ما مِن شأنِه أَن يَضُرَّ بصحَّتِها وصحَّة طفلِها، خاصَّةً في هذه الفترةِ. فقد شملَتْ دراسةٌ حديثَةٌ ثماني نساءٍ مُرضِعاتٍ عشوائيًَّا كنَّ قد دخَّنَّ الماريجوانا مُدَّةَ 2-5 أشهرٍ بعدَ الولادةِ وبكميَّاتٍ مُختلفةٍ وتَواتُرٍ مُتباينٍ فيما بينِهنَّ؛ فوُجِدَتْ قرابةُ 2.5 % من الماريجوانا المُدخَّنةِ في حليبِهِنَّ.

ولهذا السَّببِ يُطلَبُ من الأُمِّ الحاملِ أو المُرضِعةِ أَن تتجنَّبَ كُلَّ ما يَضُرُّ بصحَّتِها وصحَّةِ طفلِها؛ حِفاظًا على النُّموِّ الطبيعي والسّليمِ لِـولدِها.

المصادر:

هنا

هنا

هنا