الطب > أمراض نسائية وتوليد

المكمِّلاتُ الغذائيةُ: هل تَقِي طفلَك من الاضطراباتِ النفسيّةِ مستقبلاً؟

يُعَدُّ الجنينُ عُرضةً لمخاطرَ جمةٍ - في فترةِ نموِّه - ترتبطُ بالموادِ التي قدْ تُعرقِلُ هذا النُّموَّ والتطورَ، سواءً أكانتْ أدويةً معيّنةً أم مشروباتٍ كحوليَّةً أم تدخيناً، وعندَ الحديثِ عن تطورِ دماغِ الجنينِ تتّوسعُ دائرةُ الخطرِ لِتشملَ البيئةَ الرَّحِميةَ للجنينِ وتغذية الأمِّ وتاريخَها فيما يتعلَّقُ بالأمراضِ النفسيَّةِ أيضاً، وفي الوقتِ ذاتِه؛ فالتغذيةُ السليمةُ مفتاحٌ مهمٌّ في نجاحِ التطورِ العصبيِّ والجسديِّ للجنينِ، ويُدرَجُ تحتَ بابِ التغذيةِ السليمةِ مفهومُ الواردِ الكافِي والمناسبِ منَ المُغذِّياتِ.

وسَبقَ أنْ أثبتَتِ الدراساتُ الدورَ المهمَّ لبعضِ المغذياتِ في أثناءِ التطورِ الجنينيِّ لتطورِ الأعضاءِ عامةً، وفي دراسةٍ حديثةٍ أعدَّها أطباءٌ في قسمِ النفسِ في جامعةِ كولورادو الأميركيّةِ؛ أُلقِي الضوءُ على دورِ عددٍ من المُكمِّلاتِ الغذائيةِ (المغذياتِ) في وقايةِ الأجنّةِ من الإصابةِ بالأمراضِ العقليةِ مستقبلاً أو دورِها في حدوثِها، وشملتْ هذهِ المغذياتُ حمضَ الفوليك (FOLIC ACID) أو ما يعرفُ بالفيتامين (ب9) (VIT B9) والحموضَ الدسمةَ طويلةَ السلسلةِ كـ الأوميغا 3 (OMEGA 3) و الفيتامينات (أ) و (د).

ما الدورُ الّتي تؤدِّيه هذهِ المغذياتُ في التطورِ الجنينيِّ عامةً؟

حمضُ الفوليك (FOLIC ACID- VIT B9) :يؤدِّي دوراً في تضاعفِ المادةِ الوراثيةِ، وبوصفه ركيزةً أساسيةً لطيفٍ واسعٍ من الأنزيماتِ الَّتي تُستَعمَلُ في تصنيعِ الحموضِ الأمينيةِ واستقلابِ الفيتاميناتِ الأُخرى؛ تزدادُ الحاجةُ إليه في أثناءِ الحملِ، وقدْ يُسبِّبُ نقصُه عيوباً بِنيويةَ في الجنينِ، ومن ضمنِها العيوبُ في الأنبوبِ العصبيِّ وعيوبٌ خَلقيةٌ في القلبِ، وقدْ يَقِي - في حالِ الواردِ الكافي مِنه - من حالاتِ الولاداتِ المبكِّرةِ. 

- هل لحمض الفوليك أثرٌ في وقايةِ الطفل من الإصابةِ المستقبليةِ بالتوحدِ أو بأمراضٍ عقليّةٍ أخرى؟

إنَّ استعمالَ مُكمِّلاتِ حمضِ الفوليك في فترةِ ما حولَ الحملِ يُقلِّلُ من إمكانيةِ إصابةِ الجنينِ بعيوبِ الأنبوبِ العصبيِّ على نحوٍ أساسيٍّ، ولكن حالياً يُقترَحُ أنْ تُستَعمَلَ مُكمِّلاتُ الفوليك والفيتاميناتُ خلالَ الأشهرِ الثلاثةِ السابقةِ للحملِ والشهرِ الأولِ من الحملِ، فاستعمالُها يترافقُ بمعدّلاتٍ أقلَّ من اضطراباتِ التطوّرِ العصبيِّ لدى الأطفالِ كالتأخُّرِ اللُّغويِّ مثلاً أو حتّى اضطراب طيف التوحّد، علماً بأنَّ هذهِ الوقايةَ تتعلقُ بإمكانيةِ الاستفادةِ من حمضِ الفوليك الواردِ التي تتعلقُ  بدورها بعواملٍ جينيةٍ مختلفةٍ. 

وتبعاً للدراسةِ الَّتي أعدَّها الأطباءُ في جامعةِ كولورادو؛ فلمْ يثبتْ أنَّ لحمضِ الفوليك فعاليةً في الوقايةِ من الإصابةِ المستقبليةِ بمرضِ الفُصامِ  SCHIZOPHRENIA

الأوميغا 3 (OMEGA 3) : وهي أَحماضٌ دسمةٌ طويلةُ السلسلةِ عديمةُ الإشباعِ، وتُعدُّ أحدَ الأحماضِ الدسمةِ التي لا يستطيعُ الجسمُ إنتاجَها ويحصلُ عليها على نحوٍ أساسيِّ من الأطعمةِ البحريةِ، وتُؤدِّي دوراً رئيساً في التطوّرِ العصبيِّ لدماغِ الجنينِ وتطورِ شبكيّتِهِ، وتَقترُحُ بعضُ الدراساتِ أنها تُؤدي دوراً في الحدِّ من خطرِ الولادةِ قبلَ الأوانِ والوقايةِ من الولادةِ المبكرةِ ومن اكتئاب ما بعد الولادة أيضاً.

الأوميغا 3 والأمراض العصبية:

تقولُ الدراسةُ التي أعدَّها الأطباءُ في جامعةِ كولورادو بأنَّ الأوميغا 3 يَزيدُ من خطرِ الإصابةِ بمرضِ الفُصامِ، ويَزيدُ على نحوٍ طفيفٍ من أعراضِ نقصِ الانتباهِ وفرطِ النشاطِ عندَ الأطفالِ.

الفوسفاتيديل كولين:

وهو مادَّةٌ كيميائيةٌ تُعدُّ إِحدى مُشتقَّاتِ الكولين، فالكولين مادةٌ مغذيةٌ أساسيةٌ شبيهةٌ بالفيتامين، وهي ضروريةٌ لكثيرٍ من التفاعلاتِ الفيزيولوجيةِ في الجسمِ، كالاستقلابِ الطبيعيِّ ونقلِ الشحومِ وتركيبِ النواقلِ العصبيةِ (الأستيل كولين).  

الكولين في أثناءِ الحملِ:

وخلالَ الحملِ؛ قد تزدادُ حاجةُ الجسمِ لهذهِ المادةِ، وقد حاولتِ العديدُ من الدراساتِ سابقاً ربطَ التناولِ الوالديِّ للكولين معَ الوقايةِ من عيوبِ الأنبوبِ العصبيِّ، لكنَّها لم تُعطِ نتائجَ حاسمةً على البشرِ. 

وأمَّا الدراساتُ الحديثةُ فقدْ وَجَدتْ أنَّ مُكمَّلاتِ الفوسفاتيديل كولين تعززُ تطوَّرَ الدماغِ لدى الجنينِ، فتؤثرُ لاحقاً على سلوكهِ خلالَ الطفولةِ. 

 الفيتامينات (أ) و (د):

يُعدُّ الفيتامين (أ) ضروريّاً للصحةِ البصريةِ والوظيفةِ المناعيةِ والنموِّ والتطورِ الجنينيِّ، وقد يؤدّي نقصُ هذا الفيتامين إلى اضطرابٍ في الرؤيةِ على شكلِ العمى الّليليِّ عندَ الأَمِّ، وأمَّا عندَ الأطفالِ فنقصُ الفيتامين (أ) قد يَزيدُ احتماليةَ إصابةِ الطفلِ ببعضِ الأمراضِ كالحصبةِ والأمراضِ المُسبِّبة للإسهالِ، ويَزيدُ من خطورةِ الوفاةِ بسببِ هذهِ الأمراضِ، ولكن بالمقابلِ؛ إذا ما استُهِلِكَ الفيتامين بجرعاتٍ عاليةٍ فإنَّ له تأثيراتٍ مُشوِّهةً للجنينِ.

وأمَّا الفيتامين (د) فإنَّه يُؤدّي دوراً مهمّاً في استقلابِ العظمِ عبرَ تنظيمِه لتوازنِ مستوى الكالسيوم والفوسفاتِ في الجسمِ، ونقصُه شائعٌ بينَ النساءِ في أثناءِ الحملِ في بعضِ الدولِ، ويُعدُّ نقصُه عاملَ خطورةٍ للانسمامِ الحمليِّ، والسُّكَّري الحمليِّ، والولادةِ المُبكِّرة وأمراضٍ أُخرى أيضاً.

وتساعدُ مُكمِّلاتُ الفيتامين (د) في تحسينِ مستوياتِه لدى الأمِّ الحاملِ، وتخفيفِ خطورةِ التعرضِ للحالاتِ النَّاجمةِ عن نقصِه.

المستوياتُ العاليةُ للفيتامين (أ) و (د)

وَجدتِ الدراسةُ أنَّ المستوياتِ العاليةَ من الفيتامينَين تُحفِّزُ نموَّ دماغِ الجنينِ، وتقللُ خطرَ الإصابةِ بالفُصامِ، ولكنَّ تأثيراتِها السّميةَ في حالِ زيادةِ الواردِ منهما جعلتْ من استعمالِ مكمّلاتهِما - لهذا الغرضِ بالتحديدِ - أمراً مستبعداً .

وفي نهايةِ الدراسةِ؛ يشيرُ الأطباءُ إلى أنَّه لا يمكنَ القولُ أنَّه يُوجدُ خُطةً واحدةً لجميعِ الأطفالِ للوقايةِ من إصابةِ الجنينِ بالأمراضِ العقليةِ مستقبلاً، وأنَّه من الضروريِّ إجراءُ مزيدٍ من الدراساتِ الَّتي تأخذُ بعينِ النظرِ مستوياتِ هذهِ المُكمِّلاتِ في الحياةِ الجنينيةِ، وتُتابعُ تطوُّرَ الطفلِ خلالَ مراحلِ حياتِه المختلفةِ لأجلِ تحديدِ كمياتٍ مناسبةٍ، ويُمكنُ أنْ يُنصَحُ بها بغرضِ الوقايةِ من إصابةِ الطفلِ بالاضطراباتِ النفسيةِ والعصبيةِ مستقبلاً.

المصدر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا