الفيزياء والفلك > فيزياء

"هابل" ينجحُ في رصدِ أقدمِ نجمٍ حتى الآن!

محاذاةٌ كونيَّةٌ نادرةٌ تكشِفُ عن معظمِ النجومِ البعيدة على الإطلاق.

تمكَّنَ تلسكوبُ "هابل" من تحطيمِ رقمٍ قياسيّ جديد إذ رصَدَ  نجماً "عاديًا" ولكنه الأبعدُ حتَّى الآن؛ فهو يبعدُ قرابةَ 9 ملياراتٍ سنةٍ ضوئيّةٍ عن الأرض.

ونعلمُ أنَّه من السهلِ نسبيًا ملاحظةُ أو رصدُ مجرّةٍ أو سوبرنوفا في الفضاء، لكنَّ الأمرَ يختلفُ ويزدادُ صعوبةً عند محاولةِ رصدِ نجمٍ مُنفرد. وعندَ الحديثِ عن نجمٍ "عاديّ" فإنَّنا نقصدُ نجمًا في مرحلة عمرية من حياة النجوم تُسمّى "السلسلة الرئيسة"؛ إذ بعدَ مِضيِّ مئاتِ الآلاف من الأعوام تنتهي حياةُ النجومِ الأولية، لِيدخُلَ النَّجمُ بعدَها في مرحلةٍ جديدةٍ من حياته تُعرَف باسم السلسلة الرئيسة، والّتي تمتازُ فيها النجومُ بأنّها تَدمجُ الهيدروجين والهليوم معًا في أثنائها.

وقد تمكَّنَ العلماءُ من رصدِ هذا النجم بفضلِ ظاهرةٍ تُسمَّى "التحدُّبِ الضوئيّ"، وكانَ العالِمُ الألمانيُّ ألبِرت أينشتاين أوَّلَ من تنبّأَ بهذه الظاهرة عبرَ نظريّتهِ عن النسبيّةِ العامةِ، والتي تفترضُ إمكانيّةَ تأثُّرِ  الأجسام بانحناءِ نسيجِ الزمكان الّذي ينشأُ بدورهِ عن تأثيرِ الأجسامِ الكونيّة الأكبرِ كتلةً؛ إذ اعتقدَ آينشتاين أنّ هذا الأمر قد يحدثُ للضوء أيضاً؛ بمعنى أنّهُ مِنَ المُمكِن أن يَنحنيَ الضوءُ الصادرُ عن نجمٍ ما عِند مُرورِه بِجانب جِرمٍ فلكيٍّ ذي كتلةٍ عظيمة، الأمر الّذي يُضاعفُ ضوءَ النجمِ في أثناءِ ورودِه إلينا.

وبمعنىً آخر؛ ينحني الضوءُ بِسبب الكُتلة، تمامًا كما ينحني داخِل العدسات الزجاجيّة، ومن ثَمَّ يُمكنُ لِثقبٍ أسودَ أو مَجرّةٍ ​​أو أيِّ أجرامٍ سماويةٍ ذاتِ كُتلةٍ هائلة أن تَجمعَ الضوءَ مِن الأجسامِ الموجودةِ خلفَها، و تقومَ بمضاعفةِ ضوئِها وتركيزه، الأمر الّذي يُمكِّنُنا من رؤيةِ الأجسام الكَونيّة الصّغيرةِ الكُتلة والّتي لا يُمكِننا رصدُها عادةً بسببِ خفوتِها أو بُعدِها الكبيرِ عنّا، لذلك فهي مفيدةٌ جدّاً للفلكيين. وتُسمَّى هذهِ الظاهرةُ باسمِ "التعدُّس" أو "التحدُّب" بفعل الجاذبيّة، وهي ظاهرةٌ تحدثُ في الفضاء تلقائيّاً لحسن الحظّ، في حين يُسمّي العُلماءُ الكُتلةَ الهائلةَ الّتي تُسبِّبُ انحرافَ الضوءَ بِاسمِ "العدسَةِ الجاذبة" أو "العَدسةِ الثَّقاليّة" لأنَّها تتصرَّفُ كالعدسة الزجاجيّة.

وفي حالةِ نجمِنا العاديّ الأبعد Icarus الَّذي رصدَهُ تلسكوب "هابل"؛ فإنَّ نجمًا مرَّ بينَه وبين خطِّ رؤيتِنا فأدّى دورَ العدسةِ الثقاليّةِ الّتي مكَّنَتِ العلماءَ من رؤيةِ  Icarus بوضوحٍ.

ويُعَدُّ هذا الحدثُ أمرًا عظيمًا لأنَّها المرّةُ الأولى الَّتي يرى فيها العلماءُ نجمًا عاديًا وليس مُستعرًا أعظمَ أو انفجارًا لأشعةِ غاما على بعد مسافةٍ كبيرةٍ كهذه؛ وصلَت إلى تسعةِ ملياراتِ سنةٍ ضوئيّة.

وبدراسةِ الألوانِ القادمةِ من بطل قصّتنا النجمِ إيكاروس؛ وجدوا أنَّه عملاقٌ أزرقُ، ويمتازُ هذا النوع من النجوم بأنّه يمتلك إشعاعًا أضخمَ وأكبرَ من أشعةِ الشمس بمئاتِ الآلافِ من المرات، وهنا نُذكِّر أنَّ الفلكيِّين لم يكتشفوه لولا تلك العدسةُ القويَّةُ جدّاً والتي وُصِفت بأنّها تلسكوبٌ كونيٌّ مذهِل.

 

 

المصادر:

1 - هنا

2 - هنا

3 - هنا