الطب > مقالات طبية

مرفق التّنس

تُعَدُّ إصابةُ "مِرفَقِ التِّنِس" من أكثر إصاباتِ المِرفق حدوثاً، وقد ارتبطَتْ أوَّلُ حالةٍ منها بمزاولِة رياضةِ التنس ووُثِّقَتْ طبيّاً في عام 1883، وتدعى هذه الإصابةُ بـِ "التهابِ اللُّقيمةِ الوحشيَّة" تمييزاً لها عن "مِرفَقِ لاعبِ الغولف" الذي يصيب اللُّقيمَة الإنسيَّة من المِرفَق. وتتضمّنُ إصابةُ "مِرفق التِّنِس" حدوثَ التهابٍ في النسيجِ اللّيفي الواصلِ بين العضلات و لعظام - وهو ما يمثّلُ الأوتارَ المحيطةَ بالمِرفقِ من الخارج - فقد يؤدّي الاستخدامُ المتكرِّرُ للعضلات التي تُحرِّكُ المِعصمَ والأصابعَ إلى شدِّ هذه الأوتار مُحدثاً فيها تمزُّقاتٍ مِجهريةً، وعادةً ما يشكّلُ الجسمُ نسيجاً نُدَبيّاً ليُصلِحَ مكانَ هذه التمزُّقاتِ، لكنَّ تكرارَ الإصابةِ يمنعُه من ذلك.

وقد ارتبط اسم هذه الإصابة برياضةِ التِّنِس؛ إذ تحدثُ عادةً لدى نصفِ من يمارسون هذه الرياضة خلالَ مسيرتهم، الأمرُ الذي يجعلُهم يلجؤون إلى ارتداءِ رِباطٍ ضاغطٍ حولَ المِرفَق للتخفيفِ من الألم، وتشاهد هذه الإصابةُ عند لاعبِي "الراكيت" أو "السكواتش" أيضاً، وخاصَّةً عندَ الاستخدامِ الخاطئ للمضرب أو اللّعبِ بوضعيةٍ ارتكازيةٍ على المِعصمِ عوضاً عن الجسم بأكمله. ومن الجدير بالذّكر أنَّه على الرَّغم من ارتباطِ اسم الإصابة برياضة كرةِ المَضرِب، لكنَّ أغلبَ الحالاتِ المُشاهَدةِ في الواقع هي إصاباتٌ غيرُ رياضيةٍ؛ إذ قد تكون مِهنيةً تتضمن حركاتِ شدٍّ أو دورانٍ تجعلُ من عضلاتِ الساعدِ في حالةِ شدٍّ مستمر، ومن الأمثلة على ذلك الاستخدامُ المتكرِّرُ لِمفكّ البراغي أو حملُ حقيبةٍ أو العزفُ على آلةِ الكمان.

كيف تتظاهر هذه الإصابةُ؟ وما الطرائقُ المُتَّبعةُ في تشخيصها ؟

يُعدُّ الألمُ عَرَضاً أساسيّاً لمرفق التِّنِس، وقد ينتشرُ الألمُ إلى الساعد أو إلى المعصم، وقد يؤدّي في الحالاتِ الشديدة إلى إضعاف قبضةِ اليد، فقد يُصبحُ من الصعب على المريض أداءُ حركاتٍ بسيطةٍ كإغلاقِ المفتاح في الباب أو حتَّى رفعِ كوبِ ماءٍ، ومن التظاهرات أيضاً حدوثُ تورُّمٍ حول منطقةِ المِرفق أو الساعد.

ولا يتطلَّبُ الأمرُ في الواقعِ فحوصاتٍ مُعيَّنةً لأجل تشخيصِ الإصابةِ؛ إذ يعتمدُ الطبيبُ على استجوابِ مريضِهِ عن موضِعِ الألم ومحرِّضاتِه وإذا كانَ المريضُ ممَّن يؤدّونَ نشاطاتٍ تتطلَّبُ الاستخدامَ المتكرِّرَ للمعصم، وإضافةً إلى ذلك؛ تُعدُّ بعضُ العواملِ من المعايير المُساعِدةِ في تشخيصِ الإصابةِ؛ ومنها: تجاوزُ المريضِ عمرَ الـ 35 عاماً، والنشاطُ الرياضيُّ أو المهنيُّ المتكرِّرُ ثلاثَ مرَّاتٍ أو أكثر أسبوعياً مدّةَ نصفِ ساعةٍ على الأقل؛ مع وجودِ لياقةٍ بدنيةٍ ضعيفة، ويبقى اللّجوءُ إلى الصورةِ الشعاعيةِ في الحالات غير النموذجية فقط.

وأمّا في الحديثِ عن التدبيرِ الملائِمِ لهذهِ الإصابةِ؛ فما يزال أمراً غير مُتَّفَقٍ عليه من قِبَلِ الأطباءِ، فقد وجدوا أن قسماً من المرضى يتحسَّنون على المعالَجةِ المُحافِظة، في حين يتطلّبُ قسمٌ آخرُ معالجةً جراحيةً، وتجدرُ الإشارةُ إلى وجودِ بعضِ الحالاتِ الَّتي حيّرتِ الأطباءَ؛ إذ وجدوا أنّ 90% من لاعبِي كرةِ المضرب - ممّن كان لديهم هذه الإصابة بالمِرفَق - قد اختفت أعراضُهم كلّياً بعد تجاوزِهم الـ 50 عاماً؛ ومن دون أيِّ تدبيرٍ يُذكَر.

إنَّ التدبيرَ الأوّليَّ لهذه الإصابةِ يكونُ بالإجراءاتِ المُحافِظةِ؛ كاللجوء إلى الراحةِ، وإيقافِ النشاط المسبب للإصابة، ومن ثمَّ العمل على تخفيفِ الألم؛ إمَّا عن طريقِ وضعِ الثلج، وإمّا باستخدامِ المُسكِّناتِ مثل (الإيبوبروفين أو الأسبيرين أو الباراسيتامول)، مع التأكيدِ على إيقافِ استخدامِ هذه المُسكِّناتِ بعدَ 4 أسابيع على الأكثر، نظراً لخطورةِ تأثيراتها الجانبية. وقد تكونُ الحُقَنُ الستيروئيدية الموضعية حلّاً مناسباً أيضاً عند تعنُّدِ الأعراض. وأمّا في حال استمرار الأعراضِ أكثرَ من سنةٍ؛ فحينَها قد يلجأ الأطباءُ إلى الجراحة، والتي أثبتت فعاليَّتها بتحسُّنِ غالبيةِ المرضى إثْرَها، فضلاً عن ملاحظةِ قُدرةِ 85% من المرضى بعدَ الجراحةِ على العودة إلى مستوى نشاطهم السابق للإصابة.

وفي الختام؛ نؤكّدُ أنَّ إصابةَ مِرفقِ التِّنِس إصابةٌ حسَّاسةٌ؛ لأنَّها قد تُعطِّلُ نشاطَ المريض المهني أو الرياضي، ولكنّها قابلةٌ للتحسُّنِ عادةً خلال أسابيع، وذلك كما ذكرنا؛ بواسطةِ الاجراءات المُحافِظة، كما وتجدرُ الإشارةُ إلى أهميَّةِ إراحةِ المَفصِلِ قدرَ الإمكانِ للحصولِ على النتيجة المُثلَى.

المصادر:

هنا

هنا

هنا