الفيزياء والفلك > علم الفلك

إشارة جديدة قد تكون الدليل المنتظر على جسيمات المادة المظلمة

ومضات من الأشعة السينيّة التقطت من العناقيد المجرّية المحتشدة ربما قد تكون العلامة التي طال انتظارها على عثورنا على جسيمات المادة المظلمة التي راوغت الباحثين حتى الآن والتي يفترض أنها تشكّل الجزء الأكبر من المادّة الكلية في الكون. وإذا اتضحت صحة النتائج في وجه الاختبارات القادمة فسيعني ذلك أن المادة المظلمة تتألف من جزيئات شبحيّة تدعى النيوترينوهات العقيمة (وذلك لأنها لا تتفاعل مع جسيمات النيوترينو من الأنواع المعروفة) وستكون عندها هذه الجسيمات المُحيّرة أول نوع من الجسيمات يتم اكتشافه خارج نطاق النموذج المعياري للجسيمات.

تتفاعل المادة المظلمة مع المادة العادية عن طريق قوّة الجاذبية أما خلافا لذلك فلم نجد تجارباً تدل على وجودها وتفاعلها مع جسيمات أخرى عبر قوى مختلفة. أما أقوى المرشحين نظرياً بين الجسيمات لأن تكون المكون لهذه المادة المظلمة فهي "الجسيمات الكبيرة الكتلة ضعيفة التفاعل" بأنها أو WIMPs و لكن الكواشف المتطورة التي لدينا لم تظهر حتى الآن أي مشاهدة لهذه الجسيمات.

تبدو جسيمات النيوترينو أيضا مرشحاً مناسباً فوجودها طويل الأمد (لا تتفكك جسيمات النيوترينو المعروفة حالياً لجسيمات ثانية) كما أنّها معروفة بأنّها نادراً ما تتفاعل مع الجسيمات الثانية. لكن الأنواع الثلاثة المعروفة من جسيمات النيوترينو ليست ضخمة بما فيه الكفاية لتكون مسؤولةً عن الكتلة الكلية للمادة المظلمة في الكون، لذلك اقترح العلماء نوعاً رابعاً يتفاعل بشكل أقل مع المادة العادية.

و إذا كانت كتلة هذه النيوترونات العقيمة كبيرة بما يكفي ( أيّ حوالي 10 كيلو إلكترون فولت ) عندها سيكون بامكانها تفسير كتلة المادة المظلمة، بينما الأقل كتلة ممّا ذكرنا قد تفيد في حلّ الألغاز الكونيّة الاخرى. سيكون من المستحيل تقريبا الكشف هذا الجسيم مباشرةً، لذلك يجب علينا التقاط اثر تفككها إلى جسيمات أخرى أكثر سهولة للكشف كفوتونات الأشعة السينية وجسيمات نيوترينو معروفة مسبقاً.

مجموعتين مستقلتين استخدموا بيانات مخزّنة من تلسكوبات الأشعة السينية للبحث عن وجود ما قد يكون نواتج لهذا التفكك لجسيمات النيوترينو العقيمة.وقد ركّزوا بحثهم على عناقيد المجرات و التي ينبغي لها أن تكون غنية بالمادة المظلمة.

إسراء بُلبُل من مركز هارفرد السميثسوني للفيزياء الفلكية في كامبريدج-ماستشوستس و زملاؤها قاموا برصد 73 من عناقيد المجرات من تلسكوب XMM-Newton التابع لوكالة الفضاء الأوروبية وتلسكوب تشاندرا للأشعة السينية التابع لناسا و قام فريق آخر بقيادة أليكسي بوياريسكي في جامعة ليدن في هولندا باستخدام تلسكوب XMM-Newton لرصد عنقود مجرات "فرساوس" و مجرة المرأة المسلسلة القريبة.

رصد الفريقان انبعاثات الأشعة السينية عند طاقة حوالي 3.5 إلكترون فولت تقريبا و التي يمكن أن تتوافق مع تفكك جسيمات نيوترينو عقيمة كتلتها حوالي 7 كيلو إلكترون فولت كما أنه لا يوجد أي تفسير آخر واضح للآلية المسؤولة عن اصدار هذه الاشارات. فلا شيء مما نعرفه حاليا يصدر أشعة سينية عند هذا المستوى المحدد من الطاقة. وقد تمكن كلا الفريقين من عزل واقصاء "الضجيج الصادر عن التلسكوبات" كسبب لهذه الإشارة.

وتعبر إسراء بُلبُل عن الأمر بقولها "لقد قمنا باختبار كل سيناريو أمكننا التفكير به و استبعدنا العديد من الاحتمالات بكل حرص .والنتيجة أننا لا نعرف تفسير هذه الإشارة، و الاحتمال الأكثر إثارة عن الأمر هو هو ما قلناه عن النيوترينو العقيم الذي تحدثنا عنه".

وقد سبق لعلامات عن النيوترينو العقيم إن ظهرت مسبقا وتم إقصاؤها، لذلك فإنَّ الباحثين حذرين في تحليلاتهم واستنتاجاتهم حالياً.

"إنه شيء مثير للإهتمام، فهناك صورة متّسقة و مقنعة نوعا ما لأن تكون هذه الجسيمات هي المادة المظلمة" بحسب ما عبر كيفورك أباذاجيان من جامعة كاليفورنيا الذي لم يشارك في أي من الدراستين، كما و أضاف " و لكنّني أعتقد أن تأكيد هذه الفرضية يتطلب فعلاً رصداً أعمق لأشياء ثانية" كما و يشمل اقتراحه فحص فيما إذا كانت الإشارة تظهر في أشياء أخرى ينبغي أن تحتوي على كثير من الماة المظلمة – مثل المجرّات القزمة - و معرفة ما إذا كانت الإشارة أقوى في مراكز العناقيد المجريّة حيث يفترض أن تتركز المادة المظلمة أكثر من بقية الأماكن.

المصدر: هنا

الصورة بواسطة تلسكوب هابل تدل على وجود حلقة كبيرة من المادة المظلمة تحيط بمركز العنقود المجري CL0024+17 تظهر فيها عدة صور مشوهة لنفس المجرات الزرقاء بالقرب من المركز وذلك بسبب أثر العدسات التثاقلية الناتج عن كتلة المادة المظلمة.

حقوق الصورة: NASA، ESA، M. J. Jee and H. Ford et al. (Johns Hopkins Univ.)