منوعات علمية > منوعات

خيانةُ الشريكِ.. الدوافع والأسباب

استمع على ساوندكلاود 🎧

من أهمِّ العلاقاتِ الإنسانيّةِ على الإطلاق هي علاقةُ الحُبِّ التي تتكلّل بالزواجِ الذي قد يستمرُّ أو ينتهي أو تتخلّله علاقاتٌ خارجَ نطاقِ الزواجِ، فيخون الفردُ شريكَه، فما الذي يدفع الزوجَ للخيانةِ؟ وما العواملُ التي تساعده على ذلك؟

وفقاً لما صرّحت به طالبةُ درجةِ الدكتوراة Geneviève Beaulieu-Pelletier في قسم علم النفس في جامعة مونتريال Université de Montréal's فإنَّ نسبةَ الخيانةِ بين الأزواج تبلغ حوالي 45-76%، وهي نسبةٌ عاليةٌ جداً تنبئنا بعدمِ نجاعَةِ التخطيطِ الجيّدِ للزواج من أجل استمرارِه، حيث تطمح في بحثِها لتحديدِ فيما إذا كانت هذه العلاقةُ المُخلِصةُ قد تترافق مع إقامةِ علاقاتٍ خارجَ نطاقِ الزواجِ.

يؤكّد إخصائيو علمِ النفسِ أنَّ الأفرادَ الانعزاليين لا يشعرون بالراحةِ في علاقاتِهم الحميمةِ، ولذا فهم أكثرُ عُرضةً للخيانةِ وإقامةِ علاقاتٍ جنسيّةٍ متعددةٍ، وهذا لم يُتّفق عليه علميّاً، وتحاول Beaulieu-Pelletier إثباتَ ذلك ضمن سلسلةٍ من أربعِ دراساتِ. حيث أشارت نتائجُ دراستين إلى وجودِ علاقةٍ قويّةٍ بين الأشخاصِ الانعزاليين وميلهِم لخيانةِ الشريكِ.

أجريت الدراسةُ الأولى على 145 طالبًا بمتوسّطِ عمرٍ 23 عاماً، وأجريت الدراسةُ الثانيةُ على 270 بالغٍ بمتوسّطِ عمرٍ 27 عام، فكّر 68% منهم بخيانةِ أزواجِهم في الدراسةِ الأولى و54% في الدراسةِ الثانيةِ، وكانت نسبةُ من قاموا فعلاً بخيانةِ أزواجِهم 41% في الدراسةِ الأولى و39% في الدراسةِ الثانيةِ.

قد تكون الخيانةُ نوعاً من التعبيرِِ العاطفيّ عن الابتعادِ عن الآخرين، ففكرةُ الخيانةِ تساعدهم على تجنّب فوبيا الالتزامِ، كما تساعدهم على الابتعاد عن الشريك، وتحافظ على خصوصيّةِ عالمهم وحريتهم.

كما أُتبعت نتائجُ كِلتا الدراستين بدراستين آخريين بغيّةِ معرفةِ مسببّاتِ الخيانةِ، وكانت أوّل الأسبابِ هي الرغبةُ بالابتعادِ عن فكرةِ الالتزامِ وعن الطرفِ الأخرِ.

ووفقاً لدراساتها فإنَّ احتمالَ الخيانةِ يزيد عند كُلٍ من الرجالِ والنساءِ كلّما أعرضوا عن التواصلِ مع الآخرين وذلك بخلاف الاعتقادِ السائدِ بأنّها أكثرُ عند الرجالِ.

وفي دراساتٍ أخرى كُشفت عواملٌ تترافق مع الخيانةِ ومع الإخلاصِ من جهةٍ أخرى، حتى لو كان على المدى القصير.

فعند إجراء دراستين مطوّلتين، لفت انتباه فريقِ البحثِ جانبين نفسيين عند تقييمِ الناحيةِ الرومانسيةِ للشريكين: الأولى مدى انشغالُ تفكيرِ الفردِ بشريكِه، والثانية درجةُ أهميّته بالنسبة للطرفِ الآخرِ.

وقد تابع باحثون من جامعة فلوريدا Florida State University ضمن دراستين 233 زوجاً، وقاموا بمقارنة بعض التوجهات السلوكية حول إخلاصِ الزوجين طولَ فترةِ الدراسةِ على مدى ثلاثِ سنواتٍ ونصف، واستمرارهما معاً دونِ انفصالٍ.

قيّمت كِلتا الدراستين مدى انشغالِ تفكيرِ الفردِ بشريكهِ بينما أضافت أحد الدراستين مستوى أهميّة الشريكِ للآخر، حيث قام الباحثون بمتابعةِ خيانةِ الأزواجِ وعددِ العلاقاتِ طوال فترةِ الدراسةِ.

وقام فريقُ البحثِ – برئاسة الدكتور في علم النفس Jim McNulty– بعرض صورٍ تحوي اشخاصاً ذوي جاذبيّةٍ عاليةٍ على الزوجين وصورٍ لأشخاصٍ متوسطي الجمال(إلا أنَّ المقاييسُ التي حُدّد بها هذا المعيارُ غيرُ واضحةٍ بشكلٍ تامٍّ).

ووجد انخفاضٌ بمقدارِ 50% عند الأفرادِ الذين لم يعيروا انتباهاً للصور الجذّابة، وكذلك انخفاضاً عند من لا يعطي أهميةً لجاذبيةِ الصورِ، وهذه الاحتمالية تتصاعدُ بزيادةِ إمعانِ النظرِ في الصورِ، علماً أنَّ ذلك يحدث في اللاوعي عند الافرادِ وفقاً لما أشار له Jim، لذا يُنصح بتفادي إمعانِ النظرِ عند إدراكِ الشخصِ لهذا السلوكِ، أمّا سببها فقد يكون ضمن طبيعةِ النفسِ البشريّةِ، أو قد تعود لمرحلةِ الطفولةِ.

وما يثير الاستغرابَ ازديادُ احتماليةِ خيانةِ الشريكِ مع صغرِ سنِّ الفردِ وقِلّة قناعتِه بعلاقاتِه ورضاه عن الجانبِ الجنسيّ الذي قد يكون هو السببُ وفقاً للباحثين.

وكذلك فإنَّ جاذبية الفردِ وماضيه من ناحيةِ العلاقاتِ الجنسيّةِ قبل الزواجِ يلعب دوراً في الخيانةِ، فكلما كانت جاذبيةُ الفردِ أقلُّ زاد احتمالُ خيانةِ الشريكِ له، وذلك عند كُكٍ من الرجال والنساء. لكنهم يختلفون في ذلك وفقاً لماضيهم، إذ يزداد احتمال خيانةِ الرجل لزوجتهِ إن كان عددُ علاقاتِه كثيرةٌ وفتراتها قصيرةٌ، وعند النساء إن كانت عدد علاقاتهن أقلُّ.

وتشير هذه النتائج لدور الجوانبِ النفسيّةِ المؤثّرةِ في معرفة نسبة حدوث الخيانة الزوجية، وتضيء على الدورِ الجوهريّ لآليةِ حدوث العلاقةِ بشكلها التلقائيّ، وتشيرُ لطرقٍ جديدةٍ تساهم في نجاحِ العلاقةِ الزوجيّة.

المصدر:

هنا

هنا