الكيمياء والصيدلة > كيمياء

عناصر كيميائيّة قد تودع عالمنا

استمع على ساوندكلاود 🎧

نعم؛ قد نستقبل ذلك اليوم الذي تندثرُ فيه كثيرٌ من الصناعات التكنولوجية بسببِ انقراضِ عددٍ من العناصر الكيميائية، ولقد أُطلِقتِ التحذيراتُ من قبلُ عن شُحّ بعضِ المعادن الضرورية للصناعاتِ التكنولوجية كالليثيوم، وعلى الرغم من أنّ الليثيوم يُعَدُّ من العناصر النادرةِ والأساسيّةِ للحصول على الطاقة في تكنولوجيا الحاضر والمستقبل، ولكنَّ هنالك عناصرَ أكثرَ نُدرةً، والتي إذا ما انقرضت فقد تتسبَّبُ بتوقف إنتاجِ الهواتفِ المحمولة والتلفزيون والميكروويف والاتصالات وغيرها من الاختراعات التي نعتمد عليها في حياتنا اليومية، وبذلكَ يكونُ وجودُ كميّاتٍ كافيةٍ منها أمراً ضرورياً لاستمرارِ إنتاج التكنولوجيا المتطورة التي تتوصَّلُ إليها شركات الأبحاث يومياً. 

وقد عرضَ المجمعُ الكيميائي الأمريكي (ACS) - في تقريرٍ نُشِرَ عام 2015 - جدولاً دوريّاً قد رُتِّبَ فيه 62 عنصراً مختلفاً بناءً على مخاطِر نقصِ الإمدادات والآثارِ البيئية، إضافةً إلى عُرضَةِ هذه العناصر للشُحِّ، وبعضُ هذه العناصر التي شملها التقريرُ كانت: الهيليوم، والغاليوم، والإنديوم، والهفنيوم، والسيلينيوم.

 

ومع أنَّ بعضَ أسماءِ هذه العناصر قد لا تكون مألوفةً لكثيرٍ من النّاس؛ ولكنَّ استخداماتِها معروفةٌ على نطاقٍ واسع، فغاز الهيليوم مثلاً ومع كونه ثاني أكثرِ العناصرِ وفرةً في الكون - ويُستخدَم في بالونات الهيليوم، وفي التبريدِ الفائق للمغانِط المُستخدَمة في آلات التصوير بالرنين المغناطيسي- لكنّه قادرٌ على الهروب من الغلاف الجوي بكلّ سهولةٍ لِخفّةِ وزنه، ومن ثَمَّ فإنّ كمية الهيليوم في الأرض تنفَدُ باستمرار! 

والغاليوم: يُستخدَمُ هذا الغازُ في أشباهِ الموصِّلات؛ إذ تُشكِّل 98% من الطّلب التجاري عليه، ويُستخدَمُ في الليزر ضمن مُشغِّلاتِ الـ بلو راي (Blu-Ray). 

والإنديوم: يُستخدَم في الخلايا الشمسية، وشاشاتِ الـ (LCD)، ورقائقِ الكمبيوتر، وفي مصابيحِ الإضاءة    (LED) 

والهفنيوم: يُستعمَل في قضبانِ التحكُّم داخلَ المفاعلات النووية، وداخلَ المعالِجاتِ المُصغَّرة في الدّارات وفي فوهاتِ الصواريخ السائلةِ لمركبةِ الفضاءِ أبولو القمرية.

والسيلينيوم: يدخلُ في صناعةِ آلاتِ التصوير الضوئي (الطابعات)، وفي آلاتِ الكشف بالأشعة السينية، وتطويرِ تكنولوجيا البطاريات.

حلُّ الخيال العلمي !!

دفعَتْ دراسةٌ أُجريَت عام 2008 - تتنبّأُ باختفاءِ الغاليوم بحلولِ عام 2017 - كاتبَ الخيالِ العلمي روبرت سيلفربيرغ إلى أن يكتب: "كلُّ الهفنيوم والغاليوم سيزولُ بحلولِ عام 2017 .. وستشهدُ 20 سنةً أُخرى انقراضَ الزنك؛ وحتَّى النحاس سيغدو عنصراً مهدداً بالانقراض، إذ من المرجّحِ أن يتجاوزَ الطلبُ العالمي عليه الإمداداتِ المُتاحةَ بحلول نهايةِ القرن الحالي"، ثم حدَّد سيلفربرغ ما يجبُ أن تفعلَه الشركاتُ لضمان مستقبلِ التكنولوجيا المتطورة الذي تريده: "ستكونُ هناك حاجةٌ إلى حلول إذا أردنا أن نقتنيَ أشياءَ مثل شاشات التلفزيون والألواح الشمسية ورقائق الكمبيوتر، وتتمثّلُ بعضُ الحلول المتوفّرة باصطناع العناصر الضرورية، أو إيجاد بدائل لها".  

وأضاف سيلفربيرغ : "إعادة تدوير هذه العناصر من منتجاتها المُهمَلة هو حلٌّ آخر، ونستطيع محاولةَ الرفعِ من كفاءة الأجهزةِ العاليةِ التقنيّةِ فيما يخصُّ حاجتَها من هذه العناصر، وإضافة إلى ذلك؛ يمكننا العملُ على اكتشافِ طرائقَ أفضلَ لفصلِ العناصر النادرة من الخامات التي توجد فيها هذه العناصر". 

ومع أنَّ التنبُّؤَ باختفاءِ بعض المعادن بحلول عام 2017 كان خاطئاً، فضلاً عن أنّ أيّاً من واضعي الجدول الدوري والبحوث عام 2015 لم يقدّم لنا تواريخَ انقراض العناصر؛ لكنَّ استمرارَ الاعتماد على هذه العناصر في الصناعات الحديثة قد يخلق مشكلاتٍ كثيرةً في المستقبل. 

موازنة عوامل الخطر: 

هناك اثنان من المخاطر الأوسع نطاقاً التي يُسلَّطُ الضوءُ عليها: أحدُهما هو الأخطارُ البيئية الناجمة عن عمليات استخراج المعادن؛ مثل استخدامِ الزئبق السام من قِبَلِ عُمَّالِ المناجمِ لِربطِ كُتَلٍ من الذهب معاً، إضافةً إلى اعتمادِ التعدين على الوقود الأحفوري أيضاً؛ الذي يخلق ثاني أكسيد الكربون وغيرَه من الانبعاثات التي تساهمُ في تغيُّر المناخ وتضرُّ بصحةِ الإنسان. 

وثانيهما هو كيفيَّةُ الحفاظ على مستويات المعادن النادرةِ التي تتلاشى؛ مثل الغاليوم، والتي تُنتَج يوصفها مُنتَجاتٍ ثانويَّةٍ للصَّهْر والعملياتِ الصناعية الأُخرى فقط.

ونتيجةً لهذه المخاطر وغيرِها فقد وُجِّهتِ العديدُ من النداءات في السنوات الأخيرة من أجل تقييمٍ أفضل للمواردِ الأساسية وتحديدِ أيِّها "حَرِجة"، والهدفُ من ذلك هو الحدُّ من مزيد من الاضطرابات في التكنولوجيا والاقتصاد العالمي. 

دلالاتُ ألوان مربّعاتِ العناصرِ المهدّدة بالانقراض في الجدول الدوري:

الأصفر: محدود التوافُر، ومخاطرُ مستقبليةٌ من نقص الإمداد.

البرتقالي: ارتفاعُ مخاطرِ النقص بسبب الطلب المتزايِد.

الأحمر: مخاطرُ كبيرةٌ من نقصِ التوافر في الـ 100 سنةٍ المقبلة.

المصادر:

هنا

هنا

هنا