الطب > قصة قصيرة

علماء الفرح (السكري) - الجزء الأوّل: أمواجٌ غريبة (3)

استمع على ساوندكلاود 🎧

(3)

في صباح اليوم التالي .. توجّهنا جميعاً إلى سفح جبل قاسيون .. وهناك حطّت المركبة المتطورة "السندباد 4" تنتظرنا .. كانت مغزليّة الشكل كالسمكة ولها أجنحة قصيرة عديدة.. ولونها أبيضٌ وأزرق.. وزجاج نوافذها قاسٍ جدّاً وبرّاق.. وعندما دخلنا إليها استقبلنا قائدها الطيار "مجيد" ومعاونوه الخمسة.. ورّحبوا بنا.. نظرنا إلى داخلها بسرورٍ وشغفٍ؛ فقد كانت تشبه المدينة الصغيرة.. وأعطانا الطيار مجيد بعض المعلومات عنها؛ ثمَّ سلّم قيادتها إلى جولي قائلاً:

-         تذكّروا ما زلنا لا نستطيع التواصل مع الأزمنة الأخرى ولا يستطيعون رؤيتنا.. لذلك فإنّ ما ترونه يشبه الحلم.. وتذكّروا أيضاً؛ لا يمكنكم الخروج من المركبة مهما حدث.. فالأزمنة البعيدة جدا في الماضي والمستقبل ما زالت غامضة بالنسبة إلينا ولا نستطيع الوصول إليها!

خرج الطيار مجيد مع معاونيه، وبقينا في هذه المركبة الضخمة مع الطبيبة ريما والأطفال الثلاثة.. حمَلَتْ بيانكا كلبي الجميل "أورما" بين ذراعيها؛ وذهبت إلى مقعدها إلى يسار جولي الّتي أغلقت مدخل المركبة وأعطتنا إشارة الجلوس في أماكننا لأنّ رحلتنا ستبدأ.

ولكن على الرغم من حماستنا كنا مازلنا نفكر بالطبيب تميم.. ونرجو أن نعرفَ عنه شيئاً !

أقلعت المركبة بنا إلى الفضاء لنصل إلى بوَّابات الزمن.. وخاطبتنا الطبيبة لجين عبر أجهزة الاتصال قائلةً:

أصدقائي مجموعة علماء الفرح.. رحلتكم ستبدأ الآن إلى القرن العاشر الميلادي.. إلى مدينة (بخارى) القديمة التي تقع اليوم في دولة أوزبكستان.. رحلة موفقة.

دخلنا بوابة الزمن متحمّسين جدّاً وخائفين قليلاً.. ومضت بنا مركبة (السندباد 4) بسرعة هائلةٍ حتَّى اعتقدنا أنَّنا لا نتحرك.. ومن السماء العالية بدأنا نرى تلك المدينة الجميلة في وسط آسيا.. قبابٌ زرقاءُ ومزخرفة ومآذنُ تلمعُ تحت أشعة الشمس وعلى أطرافِ المدينة قصورٌ وحدائقُ مُبهِرةٌ.

مضَت بنا المركبة إلى فناء واسع يجلس فيه رجلٌ كبير السن قليلاً؛ ذو لحية مشذبة وعينين واسعتين وإلى جانبه قوارير وزجاجات مختلفة الحجم، وحوله بعض المساعدين وأسرّةٌ يستلقي عليها بعض المرضى.. ثم أخذنا نراقب من الشاشة الكبيرة وسط المركبة ما يحدث:

أحضر أحد المساعدين كوباً من الماء للرجل الوقور، وقال:

" - هاك هو الماءُ يا سيدي.. تفضّل!

بعد أن شربَ كوبَ الماء؛ قال له مساعدُه:

-         سيّدي إنَّ عبد الرزاق البلخي بالباب مع ولده يريد الدخول.

ردّ الرجل بهدوءٍ:

-         دعْهُ يدخلُ.. هيّا!!"

دخل عبد الرزاق محزوناً وقلِقاً يمسك ولدَه الذي يمشي ببطءٍ شديدٍ، وقال:

" - السلام عليك أيها الشيخ الرئيس!!

الرجل: وعليك السلام ورحمة الله، اقترِبْ واجلُس بجانبي مع ولدك هنا.

عبد الرزاق: لا أعرف ما حال ولدي أيها الطبيب الجليل!!

الرجل: صِفْ لي حالَه..

  عبد الرزاق: بدأ ولدي منذ أسبوعَين يشعر بعطش شديد جدّاً؛ ويشرب ماءً كثيراً ثم يتبوّل كثيراً، وقد أصبح نحيلاً كما ترى، واصفرَّ لون وجهه وهو يشعر بالجوع الشديد دائماً، وهو لا يرى جيّداً.. اعتقدتُ أنّها حالة مؤقتة.. ولكنّه أصبح أشدّ مرضاً !!

وقف الشيخ وأمسك الولدَ واصطحبه إلى سريرٍ برفقة أحد مساعديه، وقال له:

-         تعالَ واستلقِ هنا يا بنيّ.."

أخذ الشيخ يفحص مريضه .. ويقول لمساعده:

أعتقد أنّ مرضه هو (ديابطيس) .. وهو مرضٌ يؤذي جسم الإنسان بشدّة، وهو ناتج عن ضعف في الكلية ومشكلة في الكبد .. إذا لا يستطيع المريض أن يحبسَ البول .. ولكن سأصف له بعض الأدوية والأعشاب لعلّ حالَه يتحسّنُ.. وعليه أن يهدأَ ولا يفكِّرَ بمرضه.. فالوهمُ نصفُ الداء!!

ها هي دقائقنا السبع تنفد.. والدكتورة ريما تشرح لنا:

-         هذا الطبيب هو ابن سينا.. الملقّب بالشيخ الرئيس.. وهذه الأعراض التّي أصابت الولد هي أعراض مرض السكّري.. وقد كان المرضُ معروفاً منذ القدم عند الهنود والصينيين واليونانيين.. واستخدم ابن سينا الاسم اليوناني له (ديابطيس).

نظر عمر إلى الطبيبة ريما وقال بحزنٍ:

-         لقد شعرتُ بهذه الأعراض ذاتها.. ولكنّ الأطباء خلَّصوني منها.. هل استطاع ابن سينا علاَج المرض؟

أجابت الطبيبة:

-         للأسف لم يستطع علاجه، ولكنّه أوّل من وصفه بدقّة أقربَ إلى ما نعرفه اليوم .. وقد أدرك أنّ الكلية تضعف وأنّ مشكلةً ما تتعلّق بالكبد!! ولذلك يا عمر عليك أن تعرف أن أطفالاً كُثُراً عانوا من المرض في تلك العصور ولم يكن هناك من دواءٍ له!! انظر كيفَ تعيش بصحة جيّدة لأنّنا نهتم بك في عصرِنا ونقدِّمُ لكَ العلاجَ!!

اقترب زوانغ من الأطفال الثلاثة؛ وقال:

-         نعم.. قد عرفوا هذا المرض في الصين قديماً.. وأدركوا أن في البول سكّراً زائداً لأنّهم وجدوا النمل ينجذب إليه..

رفعت جولي يدها لنا جميعاً؛ وهي تستعدّ للإقلاع، ونادت:

-         تمسّكوا.. سوف نعود من رحلتنا.. هل سجّلتم كل شيء؟

أجابت يانا: نعم.. ولقد التقطت صوراً للطبيب ابن سينا ومريضه!

أقلعت المركبة بنا، وعندما توجَّهنا صعوداً في الزمن ارتطمْنا بشيءٍ ما، وأخذَتْ مركَبتنا تهبط في الماضي.. وصرخَت بيانكا:

-         ما الذي حدث؟ إنّنا نمضي بسرعةٍ إلى ملايين السنين في الماضي!

أجابت جولي بارتباك:

-         لا أعرف.. إنّني فقدْتُ السيطرةَ على المركبة!!

ماذا سيحدث مع مغامرينا؟؟ تابعونا..

أجزاء قصة علماء الفرح

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا